اتهم الموالون للمعارض الروسي أليكسي نافالني السلطات الروسية بإخفاء جثته عمدًا "لإخفاء آثار" ما يزعمون أنه عمل قتل واضح.
كانت السلطات الروسية أخبرت والدة نافالي ومحاميه، عندما وصلا إلى سجنه هذا الصباح، أنه تم نقل جثته إلى مشرحة في سالخارد، وهي بلدة تقع على بُعد ساعتين بالسيارة من المستعمرة العقابية التي كان محتجزًا بها.
لكن، عندما زارا المشرحة الوحيدة في سالخارد، قيل لهما إنهم لا يملكون الجثة. بعد أن أخذها محققون من لجنة التحقيق الروسية (IC).
لا جثة
سقط نافالني، المحامي السابق الذي كان يبلغ من العمر 47 عامًا، فاقدًا للوعي، وتوفي أمس الجمعة في مستعمرة "بولار وولف" الجزائية في القطب الشمالي، الواقعة في مدينة "خارب" -على بُعد نحو 1200 ميل شمال شرق موسكو- حيث كان يقضي حكمًا بالسجن لمدة ثلاثة عقود.
وقالت كيرا يارميش، المتحدثة باسم نافالني، لمحطة "بي بي سي" البريطانية: "إنهم -أي السلطات في موسكو- يحاولون إخفاء الآثار. ولهذا السبب لا يسلمون الجثة لعائلته، ولهذا السبب يخفونه عنهم".
وأكدت: "نحن نعلم على وجه اليقين أنها لم تكن مجرد وفاة، بل كانت جريمة قتل".
بينما تضاربت الأقوال حول وفاة المعارض الأشهر في روسيا لحكم الرئيس فلاديمير بوتين، قدمت المستعمرة العقابية، التي توصف بأنها السجن الأكثر برودة في العالم، روايات مختلفة عن سبب الوفاة لأقارب وحلفاء زعيم المعارضة الروسية.
وقال إيفان جدانوف، مساعد نافالني ومدير مؤسسة مكافحة الفساد، إن المحامي ووالدة نافالني أُبلغا في المستعمرة العقابية بأن سبب الوفاة هو متلازمة الموت المفاجئ.
رغم هذا، قالت يارميش إن محاميًا آخر لنافالني تم إبلاغه من قِبل لجنة التحقيق في السجن أن سبب الوفاة لم يتم تحديده بعد، وقيل له إنه "تم إجراء فحص نسيجي جديد".
وأضافت: "تم إبلاغ المحامين بأن التحقيق قد انتهى وأنه لم يتم إثبات شيء إجرامي. إنهم يكذبون حرفيًا في كل مرة، ويقودوننا في دوائر، ويغطون آثارهم".
انتقاد بريطاني
كان نافالني يقضي عقوبة السجن بتهم مختلفة، كان آخرها الحكم عليه بالسجن لمدة 19 عامًا في ست تهم، وكان خلف القضبان منذ عودته من ألمانيا في يناير 2021، بتهم رفضها باعتبارها ذات دوافع سياسية.
وأشار تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية أن وفاته "لحظة فاصلة بالنسبة للحركة المؤيدة للديمقراطية المنقسمة في البلاد، التي لم تعد موجودة عمليًا منذ غزو أوكرانيا عام 2022".
وفي مدن متفرقة في جميع أنحاء أوروبا، تجمع مئات المتظاهرين -كثير منهم من المهاجرين الروس- للتعبير عن غضبهم بشأن وفاة نافالني.
كما أثارت وفاة معارض الكرملين الشهير إدانة كبيرة من الزعماء الدوليين وكبار المسؤولين الغربيين وشخصيات المعارضة الروسية، الذين ألقوا اللوم بشدة على موسكو، ووصفوا الوفاة بأنها "علامة أخرى على وحشية بوتين".
واليوم السبت، دعا وزراء خارجية مجموعة السبع المجتمعون في مؤتمر ميونخ للأمن، روسيا إلى توضيح ملابسات وفاة نافالني بشكل كامل.
وفي حديثه لوسائل الإعلام في ميونخ، أشار وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، إلى أنه ستكون هناك "عواقب"، ولكن بخلاف استدعاء سفير الخارجية الروسي، وأنه سيحث وزراء خارجية مجموعة السبعة الآخرين في اجتماع ميونخ على اتخاذ إجراءات، لم يتم الإعلان عن الإجراءات الدقيقة التي سيتم اتخاذها.
وقال كاميرون: "ما نفعله هو أننا ننظر إلى ما إذا كان هناك أفراد مسؤولون، وما إذا كانت هناك تدابير وإجراءات فردية يمكننا اتخاذها لا نعلن عنها مسبقًا. لذلك لا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك، لكن هذا هو ما سننظر فيه".
وأضاف: "التأمل بين عشية وضحاها يجعلك تفكر في مدى شجاعة هذا الرجل بشكل لا يصدق. لقد كشفت حياته الكثير عن الطبيعة الحقيقية لنظام بوتين المروع، وكشفت وفاته ذلك مرة أخرى".
في المقابل، قالت روسيا، اليوم السبت، إنه من غير المقبول أن تتدخل بريطانيا في شؤونها الداخلية، بعد أن أبلغت لندن مسؤولًا كبيرًا في السفارة بأنها تحمل السلطات الروسية مسؤولية وفاة نافالني، وفقًا لوكالة "رويترز".