في زيارة مهمة إلى باريس، وقع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اتفاقية دفاع وأمن تلتزم بموجبها فرنسا بتعزيز التعاون العسكري والاستراتيجي مع أوكرانيا لمدة 10 أعوام، إذ يظهر هذا الاتفاق رسالة الصداقة بين الزعيمين، وكذلك المخاوف المتزايدة إزاء التهديد الذي تشكله روسيا على أوروبا، وفقًا لما أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية.
اتفاقية الـ10 أعوام
وأشارت الصحيفة إلى ترحيب إيمانويل ماكرون الحار بفولوديمير زيلينسكي، حيث تبادل الرجلان العناق الصداقي، والذي تعززت صلته خلال محنة الحرب لمدة عامين تقريبًا، إلا أن ملامح القلق بدت ظاهرة أيضًا على وجهي الرئيسين، حيث تزداد الأوضاع سوءًا بالنسبة لأوكرانيا على الأرض بفعل الهجمات الروسية الأخيرة.
ويصر إيمانويل ماكرون على أن الاتفاقية ستكون سارية لمدة عشر سنوات "وستبقى كذلك حتى انضمام أوكرانيا إلى الناتو".
زيارة ماكرون لكييف
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة، أنه سيزور أوكرانيا "قبل منتصف مارس"، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقده في باريس مع نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.
وكان ماكرون قد خطط في الأصل لزيارة أوكرانيا هذا الشهر، لكن من زار فرنسا وألمانيا الجمعة هو الرئيس الأوكراني زيلينسكي، حيث وقّع اتفاقيتي أمن ودفاع ثنائيتين.
وأوضحت لوموند أنه من المأمول أن يمنح الاتفاق، الذي يمتد لمدة 10 سنوات، زخمًا جديدًا للشراكة الاستراتيجية بين فرنسا وأوكرانيا، كما يُرسل رسالة قوية إلى روسيا، مع تصاعد القلق الغربي إزاء عدوانية الرئيس، فلاديمير بوتين.
مساعدات فرنسا
وحدد إيمانويل ماكرون خلال الاتفاقية، المساعدات المرسلة إلى أوكرانيا، وأعلن عن "مساعدات عسكرية إضافية بقيمة 3 مليارات يورو في عام 2024"، بعد 1.7 مليار يورو في عام 2022 و2.1 مليار يورو في عام 2023. ورحب فولوديمير زيلينسكي بالاتفاقيات الثلاث المبرمة، دون الرغبة في المقارنة.
وأشارت "لوفيجارو" إلى أن الاتفاق من شأنه أن يتيح لفرنسا تزويد أوكرانيا بالأسلحة الحاسمة لصد الهجوم الروسي، من مدافع ومركبات مدرعة وصواريخ مضادة للدبابات ومضادة للطائرات وهاون عيار 155 ملم الخ، كما نشر الإليزيه جردًا مفصلًا للمعدات التي تم تسليمها بالفعل أو سيتم ذلك قريبًا.
من خلال هذا الجهد المالي غير المسبوق، تأمل فرنسا في سد الفجوة في دعمها العسكري لأوكرانيا، مقارنةً بدول أخرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحتى ألمانيا.
وف إطار وصفه لموسكو بأنها "الفاعل المنهجي لزعزعة استقرار العالم"، أشار إيمانويل ماكرون إلى "تصاعد العدوان الروسي"، لا سيما على صعيد المعلومات المضللة.
وبالنسبة لإيمانويل ماكرون، أصبح من الضروري الآن "رد فعل جماعي" من جانب جميع الدول الأوروبية تجاه روسيا، في الوقت الذي تثير فيه إمكانية فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في انتخابات 2024 مخاوف من تراجع الدعم الأمريكي لأوكرانيا وأوروبا في مواجهة موسكو.
وبالتالي، فإن الهدف من زيارة فولوديمير زيلينسكي، إلى باريس الجمعة، كان أيضًا إعطاء زخم جديد للمحور الفرنسي الأوكراني.
شكوك حول التزامات ألمانيا
وقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اتفاقية أمنية مماثلة في برلين قبل ساعات من زيارته لباريس مع المستشار الألماني، أولاف شولتس.
وأعلنت ألمانيا عن تقديم مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار يورو، بما في ذلك 36 مدفعًا ميدانيًا ذاتي الحركة و120 ألف قذيفة ونظامي دفاع جوي.
كما تعهدت برلين بمبلغ 5 مليارات يورو إضافية في المساعدات العسكرية لعام 2023، و7 مليارات يورو لعام 2024.
لكن بالرغم من هذه الأرقام، ظلت هناك شكوك حول مدى التزام ألمانيا الفعلي بدعم أوكرانيا، ففي بداية الصراع، أرادت برلين تزويد الجيش الأوكراني بالخوذ فقط!
الانتقادات تطال فرنسا
وُجّهت انتقادات أيضًا إلى فرنسا؛ بسبب غموضها فيما يتعلق بإرسال الأسلحة، في حين كان شركاء أوكرانيا الآخرون أكثر انفتاحًا في الكشف عن مساعداتهم العسكرية، ظلت باريس حريصة على المحافظة على سرية عملياتها.
ومع ذلك، رفعت فرنسا اللثام يوم الجمعة عن تفاصيل المساعدات العسكرية التي قدمتها إلى أوكرانيا منذ بداية الحرب، في محاولة لدحض هذه الانتقادات.
وتشمل القائمة 30 مدفع هاون عيار 155 ملم، و250 مركبة مصفحة، وأنظمة دفاع جوي، والمئات من الصواريخ طويلة المدى التي سمحت لأوكرانيا بتحقيق انتصارات تكتيكية في شبه جزيرة القرم.