الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحت الوصاية.. ألمانيا تدرس الاستيلاء على مصفاة بترول مملوكة لروسيا

  • مشاركة :
post-title
منشأة لتخزين النفط تابعة لشركة "روسنفت" الروسية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

تدرس الحكومة الألمانية إمكانية الاستحواذ على مصفاة PCK للبترول في بلدة شويدت، الواقعة على بعد 120 كيلومترًا من العاصمة برلين، والتي تملكها بحصة الأغلبية شركة "روسنفت" الروسية التي يسيطر عليها الكرملين.

وتلبي المصفاة وحدها نصف احتياجات شرق ألمانيا من الوقود، وتوفر 11% من إجمالي إمدادات البلاد. ما جعل تأميمها من شأنه أن يؤمن احتياجات البلاد من الطاقة على المدى الطويل، ويساعدها على تجنب انقطاع الإمدادات التي يمكن أن تصدم اقتصاد البلاد المتعثر بالفعل.

لكن، تواجه برلين احتمال خفض الإمدادات ودفع تعويضات ضخمة للكرملين إذا تحركت لمصادرة أصول روسنفت.

معضلة كبرى

رغم وضع السلطات الألمانية المصفاة تحت وصاية حكومية مؤقتة يمكن تمديدها، لكن هذا الخيار من شأنه أن يترك الكرملين يسيطر على جزء حيوي من البنية التحتية للطاقة في ألمانيا، ما يجعل من المستحيل على الألمان ضمان إمدادات النفط الخام إلى المصفاة في المستقبل.

ونقل تقرير النسخة الأوروبية من صحيفة "بلويتيكو" قول جاكوبو ماريا بيبي، كبير المحللين في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: "المشكلة تكمن في هذه الوصاية".

وأضاف: "روسنفت تسيطر على هذه المصفاة، إذا قمت بتمديدها -الوصاية- لعام آخر، فقد تواجه أزمة في المعروضات".

في الوقت نفسه، سيكون للاستيلاء على المصفاة مشكلات جمة، وقد يؤدي حتى إلى نقص الوقود الذي تخشاه السلطات الألمانية.

أيضًا، قد يؤدي التأميم إلى تحميل برلين ديونًا بقيمة مليار يورو لروسيا، في وقت يتطلع فيه الكرملين إلى تمويل توسعه العسكري في زمن الحرب.

ويلفت التقرير إلى أنه "بالنسبة للسلطات الألمانية، تأتي المعضلة في الوقت الذي تسعى فيه البلاد إلى قطع علاقاتها الاقتصادية العميقة المتبقية مع روسيا، التي كانت في السابق أكبر مورد لها للطاقة".

وفي وقت سابق من الحرب، قامت برلين بتأميم الفرع الألماني السابق لشركة الغاز الروسية العملاقة "جازبروم"، في حين استولت موسكو على أصول الشركات الغربية، بما في ذلك شركة إنتاج النفط والغاز الألمانية "فينترسهال".

مقايضة مستحيلة

بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على واردات خام موسكو إلى الكتلة، في حين وضعت برلين مصفاة PCK البترولية تحت الوصاية، إلى جانب مصفاتين أخريين تملكهما شركة "روسنفت" أيضًا.

ومع انتهاء الوصاية -التي جددتها برلين بالفعل مرتين- في 10 مارس المقبل، يجب على الحكومة الألمانية أن تقرر ما إذا كانت ستتولى السيطرة على المصفاة على أساس أكثر استدامة.

وتمتلك شركة "روسنفت" حصة تبلغ 54% من ملكية المصفاة، وهو ما يشكل جزءًا كبيرًا من الأصول التي تمتلكها الشركة الروسية في ألمانيا، والتي تبلغ قيمتها حوالي 7 مليارات دولار.

لكن بالنسبة لألمانيا، فإن مخاطر ملاحقة المصفاة يمكن أن تفوق بكثير المكاسب.

حاليًا يتم إمداد المصفاة، جزئيًا، بالنفط من كازاخستان، بعد أن تخلصت ألمانيا، طوعًا، من واردات النفط الروسية في العام الماضي.

مصفاة PCK للبترول المملوكة لشركة "روسنفت" الروسية

ولكن لأن هذا النفط الخام يتدفق عبر روسيا، فقد ينتقم الكرملين من استيلاء ألمانيا على المصفاة من خلال وقف تدفق النفط.

وقال فيكتور كاتونا، كبير محللي النفط الخام في شركة "Kpler" للمعلومات السوقية، إنه على المدى القريب "سيقطع الروس على الفور أي إمدادات".

وأضاف لـ "بوليتيكو": سوف يحدث، على الفور، ارتفاع لأسعار الوقود في العاصمة، بينما إمدادات الوقود قد تتعرض للخطر.

في الوقت نفسه، هناك خطر كبير آخر بالنسبة لبرلين، وهو أنها قد تضطر إلى دفع مبلغ كبير للغاية بعد معركة قانونية محتملة بشأن الاستيلاء على المصفاة، والذي قد يعادل القيمة السوقية للمصفاة والتي تقدر بما يتراوح بين مليار و2 مليار يورو.

ويُمثّل دفع مثل هذا المبلغ للكرملين، بينما يشن الرئيس الروسي فلايمير بوتين حربه ضد أوكرانيا، أمرًا سيئًا للغاية بالنسبة لألمانيا، خاصة وأن قادة البلاد واجهوا بالفعل انتقادات لاذعة بسبب تمويلهم المجهود الحربي الروسي، من خلال شراء الطاقة في وقت مبكر من الصراع.

لكن حتى الآن، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية إن برلين "تدرس فقط إمكانية المصادرة. لكن لم يتم اتخاذ القرار بعد".

في المقابل، أعلنت شركة المحاماة التي تمثّل الشركة الروسية، في بيان، أنه "باعتبارها شركة مساهمة مدرجة في السوق، ستتخذ "روسنفت" جميع التدابير لحماية حقوق مساهميها".

لذا، ونظرًا للتعقيدات والمخاطر، فإن الخيار الأفضل بالنسبة لبرلين قد يكون تأجيل عملية الاستيلاء، وتجديد الوصاية للمرة الثالثة.

خطة بديلة

الثلاثاء الماضي، أشار وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، إلى أنه تلقى تطمينات من الحكومة البولندية بأن وارسو ستتدخل لمساعدة برلين في حالة انقطاع مفاجئ للإمدادات.

وقال هابيك: "لقد ساعدت بولندا كثيرًا في الماضي في تأمين إمدادات النفط في ألمانيا. بولندا مستعدة لمواصلة دعمنا".

وأكد متحدث باسم وزارة الاقتصاد الألمانية أن المسؤولين "يجرون محادثات مع شركات من بولندا" بشأن الإمدادات.

وربما قد تكون وارسو قادرة على المساعدة في حالات الطوارئ، من خلال جلب النفط الخام إلى المصفاة عبر خط أنابيب من مدينة جدانسك الساحلية البولندية.

لكن مع هذا، لا توجد مساحة استيرادية لتزويد ألمانيا على المدى الطويل.