الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

في انتخابات 2024.. بايدن يتأرجح بين "مطرقة" إنتاج النفط و"سندان" نشطاء المناخ

  • مشاركة :
post-title
وصل إنتاج النفط الأمريكي إلى أكبر حجم له في التاريخ متجاوزًا أعلى مستوى في عهد دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

على الرغم من أن الرئيس الأمريكي جو بايدن جعل السياسات البيئية والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر بندًا رئيسيًا في أجندة إدارته، إلا أن إنتاج النفط الأمريكي وصل إلى أكبر حجم له في التاريخ، متجاوزًا أعلى مستوى له في عهد سلفه دونالد ترامب، الذي كان يروّج باستمرار للرغبة في زيادة إنتاج الوقود الأحفوري لإبقاء أسعار الغاز والطاقة منخفضة بالنسبة للمستهلكين.

ووفقًا للأرقام الرسمية، بلغ إنتاج بايدن أكثر من 13.2 مليون برميل يوميًا في أكتوبر الماضي، بينما وصل الإنتاج حده الأقصى في عهد ترامب إلى 13 مليون برميل يوميًا في نوفمبر 2019.

وفي تقرير مطّول لمجلة "نيوزويك"، حذّرت من أن هذا قد يُكلّف الرئيس -الذي يسعى لإعادة انتخابه مرة أخرى في نوفمبر المُقبل- أصوات الناخبين الأصغر سنًا والمهتمين بالمناخ.

وينقل عن جيل ستاين، المرشحة الرئاسية لحزب الخضر، قولها إن تضاعف الإنتاج يعني أن مكافحة أزمة المناخ ليست أولوية بالنسبة للرئيس: "لقد خان بايدن ناخبي المناخ، وخاصة الشباب، بعد أن لعبوا دورًا حاسمًا في مساعدته على الفوز بالانتخابات".

نقض العهد

على الرغم من قول الرئيس الأمريكي في فبراير 2020: "لا مزيد من الحفر من أجل النفط على الأراضي الفيدرالية"؛ تشير الأرقام الصادرة عن مكتب إدارة الأراضي إلى أن إدارته لم تخفّض بشكل كبير عدد تصاريح الحفر في الأراضي العامة.

وانخفض عدد التصاريح المعتمدة للأراضي الفيدرالية من 9173 في عام 2021 إلى 6732 في عام 2022، لكن في السنة المالية المنتهية في أكتوبر الماضي، ارتفع العدد إلى 7247 تصريحًا.

ومع ذلك، أشار التحليل الذي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" في مارس الماضي، إلى أن إدارة بايدن استخدمت القليل جدًا من الأراضي العامة -وهو أمر ضروري قبل الحصول على الترخيص- مقارنة بالرئيسين السابقين.

لذلك، أعربت جان سو، المحامية البيئية لدى مركز التنوع البيولوجي في واشنطن، لمجلة نيوزويك أن "ما كان مفاجئًا ومخيبًا للآمال بشأن إدارة بايدن هو أنهم روجوا لخطاب مناخي قوي للغاية، وسجل الوقود الأحفوري الخاص به يقوّض تمامًا سجله في مجال الطاقة النظيفة".

ولفتت إلى أن تقرير المنظمة الصادر عام 2023 وجد أن مشاريع الوقود الأحفوري الجديدة التي وافق عليها بايدن "ستفوق تخفيضات الانبعاثات التي تم إقرارها بموجب قانون خفض التضخم، وسياساته المناخية الأخرى، بما يقرب من الضعف".

وأكدت: "هناك تناقض فعلي متأصل فيما تفعله إدارة بايدن فيما يتعلق بسجلها المناخي".

وأشار التقرير إلى أنه "بدلاً من أن يعوّقه انقسام الكونجرس، قال مدير برنامج عدالة الطاقة التابع لاتفاقية التنوع البيولوجي، إن الحد من إنتاج الوقود الأحفوري المحلي "يقع ضمن صلاحيات الرئيس".

مظاهرات نشطاء المناخ في مؤتمر "كوب 28" - أرشيفية
التضخم

تلفت "نيوزويك" إلى أن أحد الأسباب المنطقية المحتملة لتقاعس الرئيس الأمريكي عن اتخاذ إجراء بشأن إنتاج النفط هو "التضخم"؛ لأن إبقاء العرض فوق الطلب يعني أن الأسعار ستظل منخفضة نسبيًا.

لكن، يقول أنصار حماية البيئة إن السماح بمواقع الحفر الجديدة لا يبقي الأسعار منخفضة على المدى القصير، لكن يتم ترويج الأمر للناخبين باعتباره حلًا للتضخم.

وقالت "سو": "الأمر يستغرق سنوات، إن لم يصل إلى عقد من الزمن، لتطوير احتياطيات نفطية جديدة فعليًا. لذا، القول إن بدء إنتاج جديد في الوقت الحالي سيؤثر على إنفاق الأشخاص على المدى القريب هو أسطورة".

وأضافت: "لقد قدموا هذه الرواية، وأعتقد أنهم يحاولون ترجمة ذلك إلى واقع سياسي".

أمّا "ستاين" فأوضحت أن الناخبين -الشباب على وجه الخصوص- يفهمون أن "إنهاء الوقود الأحفوري هو في الواقع الركيزة الأولى لخطة مناخية واقعية، وأن إدارة بايدن تقوّض ذلك تمامًا".

هكذا، فإن من يقررون عدم التصويت بسبب التقاعس عن العمل المناخي قد يشكلون تهديدًا خطيرًا للحزب الديمقراطي في عام 2024. بينما ينصب اهتمام بايدن ربما على التمسك بعدد أكبر من الناخبين من التيار السائد، الذين غالبًا ما يدلون بأصواتهم على أساس الاقتصاد.

عقبات ونفاق

بدأ الرئيس بايدن ولايته متعهدًا بالإيفاء بوعوده الانتخابية المرتبطة بمعالجة أزمة المناخ العالمية.

وفي أول يوم له في منصبه، وقّع أمرًا تنفيذيًا لإعادة الولايات المتحدة إلى اتفاق باريس للمناخ، تلاه إعلان طموح يقضي بخفض بلاده لانبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 50 و52% بحلول عام 2030، مقارنة بالعام 2005.

لكن على مدار السنوات التالية، واجهت أجندته الكثير من العقبات، إذ فشل بايدن في الحصول على الدعم اللازم في الكونجرس، لإقرار تشريع "إعادة بناء أفضل"، الذي كان سيشمل 550 مليار دولار للطاقة النظيفة ومبادرات مناخية أخرى، بينما قضت المحكمة الأمريكية العليا في يونيو 2022 بأن وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة "لا يمكنها إصدار لوائح تتعلق بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة دون موافقة الكونجرس".

وفي سبتمبر 2023، تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "إلى متى قد يستمر النفاق المناخي في أمريكا؟"، حيث أشارت إلى أنه "ليس جديدًا أن يتأرجح الطموح المناخي والنفاق المناخي ذهابًا وإيابًا، مثل وجهي الصورة ثلاثية الأبعاد".

وأكدت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية الحكومية، في ديسمبر 2023، أن الولايات المتحدة "يجب أن تشعر بالخجل من نفسها"، ‏بعد المبلغ الذي أعلنت التبرع به للمساهمة في إنشاء "صندوق الخسائر والأضرار" في الدورة الـ28 ‏لمؤتمر "كوب 28".

ولفتت الصحيفة إلى أن "المبلغ الذي تعهدت به أمريكا ضئيل، مقارنة بوضعها كأكبر اقتصاد في العالم، والمسؤولية التي يجب أن تتحملها في معالجة تغير المناخ، نظرًا لأعلى انبعاثات الكربون التراكمية تاريخيًا".

وقد أدى إعلان أمريكا عن مبلغها إلى انتقادات من جانب المندوبين الحاضرين والخبراء الذين اعتبروا ذلك "مخيبًا للآمال، وصادمًا ومحرجًا"، حسب التقرير.