لم يكن البشر وحدهم هم المعرضون لأخطار التغيرات المناخية، المتمثلة في انتشار الحرائق والجفاف والفيضانات والأعاصير بمختلف بقاع الأرض، بل أصبحت الحيوانات عرضة لأخطار المجاعة والانقراض أيضًا بسبب التغيرات البيئية، ويعتبر الدب القطبي واحد من تلك الحيوانات التي تواجه خطرًا كبيرًا، بسبب انحسار الجليد.
ويعود سبب الانهيار الجليدي المتسارع إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، التي ترفع درجة حرارة كلا القطبين بسرعة كبيرة، ويتسبب هذا الاحترار في ذوبان الجليد في كلا المنطقتين، حيث تكمن المشكلة في أن ارتفاع درجة حرارة المحيط تؤدي إلى ذوبان الجانب السفلي من الصفائح الجليدية، التي تنفصل بسبب ذلك وتسير في المحيط، ومن المحتمل أن تؤثر هذه التغيرات على درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار، والتي من شأنها أن تغير جغرافية المجتمعات، وتؤثر على الصناعات الزراعية، وتسرع من ارتفاع مستوى سطح البحر على طول الساحل، الذي يؤثر بدوره على النظام الغذائي للحيوانات.
خطر المجاعة
وكشفت دراسة جديدة، نشرت في مجلة "Nature Communications"، عن أن أزمة المناخ أدت إلى إطالة فترات عدم وجود جليد البحر القطبي الشمالي، والتي ترتفع حرارتها بمعدل يتراوح بين مرتين إلى أربع مرات أسرع من بقية العالم، وهو ما يرغم الدببة القطبية على قضاء المزيد والمزيد من الوقت على الأرض للبحث عن الغذاء، مما عرض الدببة القطبية في خليج هدسون بكندا لخطر المجاعة، بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.
وتستخدم الدببة ذلك الجليد الذي يمتد عبر سطح المحيط خلال الأشهر الباردة، لمساعدتها على الوصول إلى المصدر الرئيسي لفرائسها المتمثلة في الفقمات بنوعيها "الحلقية والملتحية"، وفي الأشهر الأكثر دفئًا عندما ينحسر الجليد البحري، يقومون بالحفاظ على طاقتهم حتى يدخلوا في حالة تشبه السبات.
مسافات طويلة
وتم إجراء الدراسة، على 20 دبًا قطبيًا في خليج هدسون، وأشارت إلى أنه بدون الجليد البحري، فإنهم ما زالوا يحاولون العثور على الطعام، حيث استخدم البحث نظام تحديد المواقع العالمي لتتبع الدببة القطبية لمدة ثلاثة أسابيع على مدار ثلاث سنوات في خليج هدسون الغربي، واكتشفوا أن 18 دبًا ظلوا نشطين طوال تلك الفترة في محاولة لجمع أي نوع من الطعام.
ويعود سبب نشاط تلك الدببة غير العادي، إلى غريزة البقاء التي دفعتها للعثور على الطعام في أي مكان وأي نوع، حيث وثقت الدراسة تناولها لمجموعة متنوعة من الأطعمة بما في ذلك الأعشاب والتوت والنورس والقوارض وذبيحة الفقمة، بينما غامر 3 دببة بالسباحة لمسافات طويلة، حيث قطع أحدهم مسافة إجمالية قدرها 175 كيلومترًا للعثور على الفقمات.
الحل الوحيد
في نهاية الدراسة، كما تقول الجارديان، وجد الباحثون أن جهود الدببة للعثور على الطعام على الأرض لم تزودهم بما يكفي من السعرات الحرارية لتتناسب مع فرائسها من الثدييات البحرية الطبيعية، مشيرين إلى أ، 19 دبًا من الـ 20 فقدوا الوزن خلال هذه الفترة، ما يعني أنه كلما طال أمد بقاء الدببة القطبية على الأرض، زاد خطر تعرضها للمجاعة، خلال فترة الصيام.
ويبلغ عدد الدببة القطبية المتبقية في البرية، 25 ألفًا معرضة للخطر في المقام الأول بسبب أزمة المناخ، حيث استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، التي بلغت بالفعل 1.2 درجة مئوية، يؤدي إلى يتضاءل الجليد البحري، والحل الوحيد من وجهة نظر العلماء، هو وقف فقدان الجليد من خلال الحد من الغازات الدفيئة التي تؤدي إلى تسخين الكوكب.