اعتقلت الصين أحد مواطنيها بتهمة التجسس بعد أن قامت ببعض الأعمال لصالح شركة أمريكية، في قضية يقول الخبراء إنها تسلط الضوء على المخاطر المحتملة للعمل لدى شركات أجنبية بالبلاد.
احتجاز "تشين"
اختفت إميلي تشين - 50 عامًا - بعد أن هبطت في مطار نانجينج لوكو الدولي، ديسمبر الماضي، في زيارة من الدوحة، حيث تعيش هناك، ووفقًا لزوجها المواطن الأمريكي "مارك لينت"، أرسلت "تشين" رسالة إلى عائلتها لتخبرها بأنها هبطت لكنها لم تخرج بعد من المطار، وبعد أربعة أيام، تلقى ابنها رسالة من مكتب الأمن القومي في داليان - مدينة تبعد أكثر من 570 ميلًا - تفيد بأنها اعتُقلت 30 ديسمبر، للاشتباه في تقديم أسرار الدولة بشكل غير قانوني لأطراف خارجية.
وبينما لم يتم تقديم سوى القليل من التفاصيل حول الأسباب المحددة لاحتجاز تشين، رفض مكتب الأمن القومي في داليان، الذي تواصلت معه صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، التعليق.
تفاصيل اختفاء "تشين"
وذكر زوج "تشين" مارك لينت، أنها في العام الماضي، أمضت أربعة أشهر في مساعدة شركة لوجستية أمريكية على فتح مكتب هناك، مضيفًا أن تشين لن تتجسس أبدًا على بلدها، ولم يتمكن من الاتصال بها منذ احتجازها.
وقال "لينت" إن السفارة الأمريكية رفضت مساعدته، على أساس أن زوجته ليست مواطنة أمريكية.
وصرّح متحدث باسم السفارة الأمريكية بأنه "ليس لديهم ما يشاركونه" بشأن هذه القضية.
ومُنع نجل تشين، وهو مواطن صيني، من مغادرة البلاد، الأسبوع الماضي، عندما حاول ركوب طائرة في شنجهاي، وعملت "تشين" في الفترة بين يناير وأبريل 2023، بشكل مستقل في شركة Safe Ports، وهي شركة لوجستية أمريكية تصف نفسها بأنها "شركة رائدة عالميًا في إدارة سلسلة التوريد".
وقالت "لوسي دنكان"، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Safe Ports، إن الشركة تتطلع إلى فتح مكتب في داليان لتوسيع أعمالها، وتقديم حلول التكنولوجيا الخضراء للموانئ البحرية.
ووصفت "دنكان" عمل تشين في الشركة بأنه إداري بحت، بما في ذلك مهام مثل البحث عن مساحة مكتبية، مشيرة إلى أنها عملت بشكل جيد، ومضيفة أنه "ليس لدي أي فكرة عن سبب احتجازها".
إلغاء الشركة
قررت Safe Ports في نهاية المطاف عدم المضي قدمًا بالمشروع في داليان، وذكرت "دنكان" أن البيئة المتدهورة للأجانب تعني أنه "من المستحيل القيام بأعمال تجارية في الصين".
ولم يكن هناك أي تأكيد رسمي أن احتجاز "تشين" مرتبط بعملها في شركة Safe Ports، لكن مدينة داليان الساحلية في شمال الصين، تعد موطنًا لقاعدة بحرية مهمة، وهو ما من شأنه أن يجعل أي استفسارات بشأن الموانئ في تلك المنطقة مسألة حساسة.
توسيع قانون مكافحة التجسس
عملت شركة Safe Ports سابقًا مع وزارة الدفاع الأمريكية، على سبيل المثال، للمساعدة في إمداد القوات بأفغانستان، وربما يكون هذا الارتباط قد لفت انتباه السلطات الصينية.
وفي العام الماضي، وسعت الصين قانون مكافحة التجسس، وأيضًا تعريف التجسس ليشمل أي "وثائق أو بيانات أو مواد أو عناصر تتعلق بالأمن القومي"، وعليه تخضع "تشين" للتحقيق بتهمة جرائم التجسس التي كانت بالفعل جزءًا من القانون الجنائي الصيني.
وقال ستيف تسانج، مدير معهد الصين في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن، إن "غموض الاتهامات يزيد من المخاوف بشأن قضايا التجسس المزعومة، سواء كان الأمر عادلًا أم لا، فإن مثل هذه القضايا ستجعل الكثير من الصينيين يفكرون مرتين قبل العمل لدى الشركات الأجنبية".