تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بعد تصريحات مثيرة للجدل للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إذ أثار ترامب غضب الكثيرين باقتراحه بأن الولايات المتحدة قد "تشجع" روسيا على مهاجمة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" التي لا تواكب الحد الأدنى من الإنفاق العسكري المطلوب.
لم تلق هذه التعليقات ترحيبًا من قادة أوروبا، محذرين من أن مثل هذه التصريحات تمثل خطرًا على أمن القارة، وقد أثارت التعليقات جدلًا واسعًا حول مستقبل العلاقات الأمريكية الأوروبية.
وجه المستشار الألماني، أولاف شولتز، انتقادات مستترة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مشيرًا إلى أنه "سيقامر" بالأمن الأوروبي بعد أن سخر ترامب من أعضاء الناتو "الجانحين" الذين فشلوا في تلبية الحد الأدنى للإنفاق الدفاعي للكتلة، إذ أشار في حديثه إلى جانب رئيس الوزراء البولندي، دونالد تاسك، في برلين، إلى أن "وعد الحماية الذي قطعه الناتو ينطبق دون تحفظ"، ويبدو أنه يرد على التصريحات الأخيرة التي أدلى بها ترامب خلال حملته الانتخابية، وفقًا لصحيفة دير شبيجل الألمانية.
وأضاف شولتز "واسمحوا لي أن أكون واضحًا بشأن الوضع الحالي، إن أي إضفاء طابع نسبي على ضمانات المساعدة المتبادلة التي يقدمها حلف شمال الأطلسي أمر غير مسؤول وخطير، ويصب فقط في مصلحة روسيا"، مضيفًا "لا يمكن السماح لأحد بالمقامرة بأمن أوروبا".
وخلال المؤتمر الصحفي قال المستشار الألماني، إن ألمانيا وبولندا تعملان معًا، وأن التضامن والعمل المشترك ضروريان، خاصة في الوقت الذي تهدد فيه روسيا أمننا المشترك في أوروبا، ولهذا السبب ندافع عن بعضنا البعض في الاتحاد الأوروبي وفي حلف شمال الأطلسي.
تأتي هذه التعليقات بعد أن قال الرئيس الأمريكي السابق أمام حشد من الناس في ولاية كارولينا الجنوبية يوم السبت، إنه "سيشجع" موسكو على مهاجمة أي دولة في الناتو تفشل في تحقيق هدف الإنفاق العسكري للحلف وهو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، مازحًا أن الأعضاء "الجانحين" "يجب أن تدفع، عليك أن تدفع فواتيرك."
ظلت برلين لفترة طويلة أقل من الحد الأدنى للإنفاق، ولكن يقال إنها تخطط لتحقيق هدف 2% في وقت ما من هذا العام بمساعدة صندوق بقيمة 100 مليار يورو تم إنشاؤه؛ لدعم دفاعات ألمانيا في ضوء الصراع في أوكرانيا. ومع ذلك، فمن غير المتوقع أن تصل ميزانيتها العادية إلى هذا الهدف لعدة سنوات أخرى، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
وتظهر إحصائيات الكتلة الخاصة لعام 2023 أن معظم دول الناتو لا تلبي الحد الأدنى من الإنفاق، إذ من بين أعضائها البالغ عددهم 31 دولة، ينفق 12 دولة فقط حاليًا ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
ورد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج، أيضًا على تصريحات ترامب الاستفزازية، رافضًا أي اقتراح بأن الحلف لن يدافع عن الدول الأعضاء التي تفشل في تلبية العتبة، في حين قال إن الفكرة "تقوض أمننا بالكامل".
وبالمثل، أدان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، كلمات سلفه ووصفها بأنها "مروعة وخطيرة"، وقال متحدث البيت الأبيض، أندرو بيتس، عند سؤاله عن تعليقات ترامب، إن "أسلوب العداء ضد أقرب حلفائنا أمر مروع ومضطرب ويعرض الأمن القومي الأمريكي والاستقرار العالمي واقتصادنا في الداخل للخطر".
ويسعى "ترامب" للترشح مرة أخرى عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل.
أدلى ترامب بهذا التصريح، خلال تجمع انتخابي في كونواي بولاية ساوث كارولينا، قبل الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري في الولاية في 24 فبراير الجاري، كما أعرب عن مخاوفه بشأن المساعدات المقدمة لأوكرانيا ضد روسيا، وكذلك بشأن التحالف المكون من 31 دولة، والذي تلتزم الولايات المتحدة بالدفاع عنه عند الضرورة.