تشهد الدول الأوروبية، العديد من المشاكل السياسية التي كانت سببًا في صعود القوى اليمينية المتطرفة لمحاولة الوصول إلى المناصب العليا، كما أن المشاكل الاقتصادية، تعتبر هي الأخرى عاملًا مهمًا في الأزمات التي تواجه المسؤولين، كان آخرها مسيرات الجرارات التي انتشرت كالنار في الهشيم، وهو الأمر الذي سلط الضوء على معاناة الدول الأوروبية في الوقت الحالي.
كارثة اليورو
في تحليلها لما يحدث في أوروبا، أكدت صحيفة التليجراف البريطانية، أن المواطنين في المملكة المتحدة، لم يعد لديهم اهتمام لمعرفة ما يحدث في التكتل، متحدية بمحاولة العثور على شخص واحد من بين كل ألف شخص يمكنه معرفة اسم الرئيس الحالي للبرلمان الأوروبي، مشيرة إلى أن البريطانيين لم يعد لديهم نفس الحافز للقلق بالأحداث التي تمر بها الدول المجاورة.
وعلى الرغم من كل التنازلات التي قدمتها المملكة المتحدة لتمرير اتفاق بريكست وتطمين الأوروبيين، إلا أن عقلية العقاب لم تختف تمامًا، مشيرين إلى رغبة الاتحاد في جعل عبور حدوده أمرًا صعبًا ومعقدًا بلا داعٍ لبريطانيا، ووفقًا للصحيفة، فإن بروكسل - مقر البرلمان الأوروبي- لا تعمل سوى على توفير الحد الأدنى من مستويات الخدمة لمواجهة الإضرابات، لافتين إلى أن كارثة "اليورو" سوف تنفجر في مرحلة ما قادمة.
مشاكل اقتصادية
وأشارت الصحيفة إلى بيان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي أعلنت أن بريطانيا سجلت نموًا أسرع منذ أن غادرت الاتحاد الأوروبي، مقارنة باقتصاد فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا، مشيرين إلى أنه على الرغم من أن الاختلافات بينهم تعتبر طفيفة عمومًا وفقًا للمعايير العالمية، إلا أن بريطانيا ليست من يعيق تقدم أوروبا التي عليها أن تفعل ما هو أفضل، وفي الوقت الذي نالت فيه بريطانيا تقييمات الثقة في الأعمال الإيجابية بشكل مريح، إلا أنها في المقابل جاءت سلبية بشكل خطير في منطقة اليورو، حيث تغرق ألمانيا التي استفادت كثيرًا من السياسات الأوروبية في الركود.
ضعف الأحزاب
ومن الناحية السياسية، تبدو الأمور سيئة أيضًا، كون اليمين المتطرف واليسار المتطرف آخذين في النمو، وهي الميزة التي تقول الصحيفة إنها غير سارة بالنسبة للأحزاب المحافظة، وعلى الرغم من أن حزب المحافظين في بريطانيا ربما يواجه مشاكله الخاصة أمام اليمين، إلا أن نظيره اختفى بشكل أساسي، أما نظيره الألماني فهو في حالة ذبول، في منافسة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني.
وفي بولندا، فكك رئيس الوزراء السابق دونالد تاسك الهياكل السياسية التي أنشأها أسلافه، كما أبرم رئيس الوزراء الإسباني صفقة هشة مع الانفصاليين الكاتالونيين، لكنها، كما ترى الصحيفة، لن تصمد لفترة طويلة، أما في هولندا، فربما تكون حركة اليمين التي يتزعمها خيرت فيلدرز هي الحزب الأكثر شعبية، مشيرة إلى أن الأمر سيزداد سوءًا كلما طال أمد رفض المواجهة من مجموعات الناخبين التي تتشكل.
الهياكل السياسية
وفي تحليله يرى، ديفيد فروست، كبير المفاوضين للخروج من الاتحاد الأوروبي، وعضو مجلس اللوردات البريطاني، أن السياسة الحقيقية لا تزال وطنية في أوروبا، لكن المشكلة تكمن من وجهة نظره في الهياكل السياسية المنتشرة في الدول، لافتة إلى أنه من الممكن أن تقوم طوابير الجرارات بحصار البرلمانات في الدول، لكن بروكسل وحدها في القادرة على تغيير القواعد البيئية.
وضربت الصحيفة مثلا بالإمبراطورية النمساوية في سنوات تدهورها، والتي كانت مشغولة بقواعدها الداخلية، وهو ما جعلها عائقًا أكثر من كونها مساعدة لحلفائها، مشيرين إلى أنه ليس من الجيد أن تسير الأمور في أوروبا على ذلك النحو، حيث إنها الآن أسوأ من كونها منهارة، بفعل المشاكل السياسية المنتشرة في طول البلاد وعرضها، مما جعل البرلمانات والشوارع هي المتنفس الطبيعي للمواطنين.