تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إلى تخفيض التوتر المحتدم على الحدود الجنوبية اللبنانية مع المستوطنات الشمالية للاحتلال الإسرائيلي، ومنع حرب كارثية بين جيش الاحتلال وحزب الله اللبناني.
وفي السياق ذاته، ذكر موقع "أكسيوس" الإخباري الأمريكي، أن الولايات المتحدة وأربع دول أوروبية متحالفة معها، تأمل في الإعلان خلال الأسابيع القليلة المقبلة سلسلة من الالتزامات من قبل الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله" اللبناني من شأنها تخفيف التوترات وإنهاء الاشتباكات على الجبهة اللبنانية الجنوبية، المتأججة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، 7 أكتوبر الماضي.
وأفاد الموقع بأنه حصل على هذه المعلومات الحصرية من مسؤولين إسرائيليين ومصدر ثالث مطلع على تلك الخطوات، مشيرًا إلى أن تفادي اندلاع حرب بين الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله" أحد الأهداف الأساسية التي سطرتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لتفادي اتساع نطاق الحرب الإسرائيلية على غزة وتحولها إلى صراع إقليمي أوسع.
ولفت تقرير "أكسيوس" إلى أن المخاوف الأمريكية بهذا الصدد تعاظمت منذ تصاعد حدة الاشتباكات على الجبهة اللبنانية بعد اغتيال الاحتلال الإسرائيلي مطلع يناير الماضي؛ في الضاحية الجنوبية لبيروت، صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
وكشف التقرير أن كبير مستشاري الرئيس الأمريكي عاموس هوكشتاين، التقى بنيامين نتنياهو، ويوآف جالانت، وزير الدفاع، في إسرائيل، الأحد الماضي، وناقش معهما مقترحه بشأن تفاهمات جديدة على الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ونقل "أكسيوس" عن مصادر، إن تلك التفاهمات لن يجري التوقيع عليها رسميًا بين كلا الطرفين بل ستقوم الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيون "بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا" بإصدار تصريح يتضمن تفاصيل الالتزامات التي وافق عليها كل طرف.
التفاهمات الغربية المطروحة
وأضافت المصادر ذاتها أن البلدان الغربية الخمسة ستعلن كذلك امتيازات اقتصادية من أجل إعطاء دفعة للاقتصاد اللبناني لدفع "حزب الله" لقبول الصفقة.
ونقل "أكسيوس" عن مصادره، إن تلك التفاهمات ستقوم على مبدأ "تجميد القوات في مكانها"، ولن يضطر "حزب الله" إلى سحب قواته، بل سيلتزم فقط بعدم إرسال عناصره مجددًا إلى المناطق التي كانوا يتمركزون بها قبل 7 أكتوبر على امتداد الحدود.
وبدلًا من ذلك، يورد الموقع الإخباري عن مصادره، إن الجيش اللبناني سينشر ما بين 10 آلاف إلى 12 ألف جندي على امتداد الحدود اللبنانية الجنوبية.
في المقابل، سيمتنع الاحتلال الإسرائيلي عن القيام بأي أعمال تصعيدية، بما في ذلك الكف عن قيام مقاتلاته الحربية بتنفيذ طلعات جوية داخل المجال الجوي اللبناني.
ووفق المصادر ذاتها، فإن الاحتلال الإسرائيلي سيقوم كذلك بموجب التفاهمات بسحب جزء من القوات التي نشرها على امتداد الحدود، خلال الأشهر الأربعة الماضية.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، 7 أكتوبر الماضي، يتبادل حزب الله وجيش الاحتلال الضربات اليومية عبر الحدود، وتتصاعد تدريجيًا، كما نفذ جيش الاحتلال عمليات استهدفت شخصيات من حزب الله وحماس في لبنان.
وأدت الضربات المتبادلة بين جيش الاحتلال وحزب الله على الحدود اللبنانية، إلى استشهاد أكثر من 200 شخص في الجانب اللبناني، ومقتل 18 في الجانب الإسرائيلي. ونزوح عشرات الآلاف من الجانبين، ولا توجد احتمالات فورية لعودتهم، وفق تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الإخبارية الأمريكية.
وأقر جيش الاحتلال بالتصعيد ضد لبنان وسوريا، خلال الأيام الـ120 الماضية، بذريعة ضرب أهداف لحزب الله، وهو الأمر الذي ينذر بحرب مدمرة بين الجانبين.
وقال دانييل هاجاري، المتحدث باسم جيش الاحتلال، إن القصف الإسرائيلي أصاب أكثر من 3400 هدف لحزب الله في جنوب لبنان، وأكثر من 50 هدفًا بسوريا، منذ اندلاع الحرب على غزة، 7 أكتوبر 2023.
ومع بدء العدوان على غزة، أرسلت الولايات المتحدة سفنًا حربية إضافية إلى المنطقة، وأكدت أن ذلك لمنع اتساع نطاق الحرب على غزة إلى جبهات جديدة.
وأرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن مبعوثه إلى لبنان وإسرائيل، لتهدئة التوترات بين جيش الاحتلال وحزب الله، ومنع الحرب بين الجانبين.
الاحتلال يهدد بالتصعيد
ويهدد مسؤولو الاحتلال بالتصعيد ضد لبنان، ما لم ينسحب مقاتلو حزب الله من الحدود، بينما يعزز الاحتلال قواته على الحدود الجنوبية للبنان.
وقال يوآف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، إن قواته ستبدأ العمل قريبًا جدًا على الحدود مع لبنان، حيث يتصاعد التوتر مع حزب الله.
فى حين قال يسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلي، أول أمس الإثنين، إن "الوقت ينفد" للتوصل إلى حل دبلوماسي في جنوب لبنان، الذي يشهد تبادلًا يوميًا للقصف، منذ أشهر بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
وأضاف "كاتس" لنظيره الفرنسي ستيفان سيجورني: "إسرائيل ستتحرك عسكريًا لإعادة المواطنين الذين تم إجلاؤهم من منازلهم إلى منطقتها الحدودية الشمالية في حال عدم التوصل لحل دبلوماسي لوضع حد للعنف"، حسب "فرانس برس".
وتأتى التحركات الغربية لخفض التوتر بين جيش الاحتلال وحزب الله، في ظل التحذيرات من تداعيات كارثية للحرب الواسعة بين الجانبين.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن أورنا مزراحي، من مركز الأبحاث الإسرائيلي "معهد دراسات الأمن الوطني"، إن حزب الله يمتلك بين 150 ألفًا إلى 200 ألف صاروخ وقذيفة متعددة المدى.
وأضافت أن هذه الترسانة أكبر 5 مرات على الأقل من ترسانة حماس وأكثر دقة بكثير، ويمكن أن تصل مقذوفات حزب الله الموجهة إلى مرافق المياه والكهرباء والاتصالات والمناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية.
أما في لبنان، فترجح "أسوشيتد برس" أن تتسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، حال اندلعت الحرب الواسعة، في تدمير البنية التحتية وربما قتل الآلاف، مشيرة إلى تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ"تحويل بيروت إلى غزة"، إذ تسبب العدوان الإسرائيلي في دمار واسع النطاق وأودى بحياة أكثر من 27 ألف شخص، وفقًا للسلطات الصحية في غزة.