مع تزايد المخاوف الأمنية في عالم يُعاد تشكيل القوى العظمى فيه، ووسط الوجود الصيني المتنامي، تبحث دولة نيوزيلندا عن حلفاء لصدّ هذا الخطر المتزايد على مصالحها، ووجدت ضالتها في اتفاقية "أوكوس" الموقعة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأستراليا، والتي تم تصميمها خصيصًا لمواجهة نفوذ الجمهورية الصينية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث شرعت نيوزيلندا في التحرك سريعًا لإجراء لقاءات موسعة مع المسؤولين بهدف الانضمام.
وتهدف اتفاقية أوكوس بين الدول الثلاث، إلى تطوير ونشر غواصات تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى تعزيز الوجود العسكري الغربي في منطقة المحيط الهادئ، وتغطي الاتفاقية مجالات رئيسية مثل الذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربة بعيدة المدى، كما ستزود الولايات المتحدة أستراليا باليورانيوم عالي التخصيب لتشغيل الغواصات.
النفوذ الصيني
جاءت المخاوف النيوزيلندية، كما تشير صحيفة "ذا جارديان"، إلى التقاربات التي تُفعّلها الصين مع الدول المجاورة، إذ أبرمت اتفاقية أمنية مع جزر سليمان، ودولة ناورو، ثالث أصغر دولة في العالم، والواقعة في المحيط الهادئ اعترافها الدبلوماسي من تايوان إلى الصين، وفي هذا الأسبوع فقط كانت بابوا غينيا الجديدة، الواقعة جنوب غرب المحيط الهادئ تجري محادثات مبكرة مع بكين بشأن صفقة أمنية محتملة.
تلك الأنشطة التي تقوم بها الصين، دفعت نيوزيلندا في السنوات الأخيرة، إلى البدء في تطوير خطط عمل حول مجال الأمن البحري، ووقعت هي الأخرى اتفاقيات دفاع لتعزيز التدريب العسكري والأمن البحري الخاص بها، كما باتت تناقش علنًا العديد من القضايا الخاصة بحقوق الإنسان والنظام الدولي القائم على العسكرة المحتملة لمنطقة المحيط الهادئ.
مباحثات قوية
وزيرا الخارجية والدفاع النيوزيلنديين، وفقًا لـ"ذا جارديان" البريطانية، اجتمعا مع نظيريهما الأستراليين في الاجتماع الافتتاحي "2 + 2" بالأمس، من أجل تحقيق هذا الهدف الحيوي، وركزت المحادثات بين البلدين على المقاربات السياسية الخارجية والأمن والدفاع، خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تتركز فيها البحرية الأسترالية بغواصاتها النووية.
وبسبب حظر نيوزيلندا للطاقة النووية، وموقفها المناهض للأسلحة النووية بشكل عام، لم تسنح لها الفرصة في الانضمام المبكر للاتفاقية في ركيزتها الأولى، والخاصة برفع القدرات النووية للدول المشاركة فيها، إلا إن المسؤولين أكدوا على أن ويلينجتون تستطيع المشاركة في الركيزة الثانية المتمثلة في التقنيات العسكرية المتقدمة، بما في ذلك الحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي.
عالم جديد
وفي حديثهم عن محاولات نيوزيلندا الانضمام إلى اتفاقية أوكوس، أكد المسؤولون وفقًا لـ"ذا جارديان" البريطانية، على أن الدول الداخلية التقليدية التي كان من المفترض أن تبدي اهتمامًا بالمحيط الهادئ "أهملت المنطقة"، وهو من وجهة نظرهم جعل الدول الخارجية مثل الصين تحاول ملء ذلك الفراغ، مشيرين إلى أنهم يريدون أن يكون لهم تأثير إيجابي على ذلك المكان بجانب جيرانهم.
ويرى النيوزيلنديون أن العالم الآن يمر بأصعب الظروف الاستراتيجية منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرين إلى إعادة تشكيل القوى العالمية يجري على قدم وساق في كل مكان، وأن سعيهم للانضمام إلى اتفاقية أوكوس بهدف ضمان السلام والاستقرار والازدهار داخل المنطقة مع الحلفاء.