الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الزلازل القمرية تهدد المستوطنات البشرية في المستقبل

  • مشاركة :
post-title
الجاب المظم من القمر - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

ازداد اهتمام المجتمع العلمي بالقطب الجنوبي للقمر بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، حيث نجحت بعثة الهند "تشاندرايان-3" في الهبوط الناعم الأول بتلك المنطقة، كما حاولت روسيا تحقيق الشيء نفسه من خلال بعثة "لونا-25"، إلا إن مركبتها تحطمت أثناء محاولة الهبوط.

وفي السياق ذاته، اختارت ناسا المنطقة ذاتها، موقعًا لهبوط بعثة "أرتميس 3"، والتي من المتوقع أن تشهد عودة رواد الفضاء إلى سطح القمر بحلول عام 2026، كما أعلنت الصين عن خطط مماثلة لإنشاء مستعمرات بشرية هناك مستقبلًا.

زلازل قمرية

ووفقًا لدراسة جديدة ممولة من ناسا، يبدو أن تلك المنطقة ربما لا تكون مضيافة كما كان يُعتقد سابقًا. فمع تبريد وانكماش نواة القمر تدريجيًا، تتشكل تجاعيد على سطحه، ما يتسبب في حدوث "زلازل قمرية" تستمر لساعات، كما تحدث انهيارات أرضية في تلك المنطقة تمامًا مثل باقي أنحاء القمر.

أطلقت الدراسة، التي نُشرت مؤخرًا في دورية "العلوم الكوكبية"، إنذارًا من أنه مع برودة نواة القمر وانكماشها تدريجيًا، يتطور سطحه الخارجي بتجاعيد "مثل عنبة تتجعد إلى زبيبة" ما يخلق "هزات قمرية" يمكن أن تستمر لساعات، وكذلك انهيارات أرضية.

وأشار الدراسة إلى أن أقوى زلزال تم رصده بلغت قوته 5.0 درجات، وهو ما يكفي لتطاير الأجسام غير الآمنة، وفي حين أن الجاذبية المنخفضة للقمر من المرجح أن تمنع حدوث دمار كارثي، إلا إنها لا تزال تشكل خطرًا على البنية التحتية ورواد الفضاء الذين يعملون على السطح.

سطح القمر
تهديد الزلازل القمرية 

تمامًا مثل بقية السطح الطبيعي للقمر، تتعرض منطقة القطب الجنوبي لهذه الظواهر الزلزالية، ما يشكل تهديدًا محتملًا للمستوطنين البشريين والمعدات المستقبلية.

يقول الباحث الرئيسي توماس واترز: "القصد ليس إثارة ذعر أحد أو ردع استكشاف ذلك الجزء من القطب الجنوبي للقمر، ولكن لإثارة الحذر من أن القمر ليس هذا المكان السلبي حيث لا يحدث شيء".

انكمش القمر بمقدار 150 قدمًا تقريبًا في محيطه على مدار ملايين السنوات الماضية، وهو رقم كبير في المصطلحات الجيولوجية، لكنه صغير جدًا بحيث لا يسبب أي تأثير مدى على الأرض أو على دورات المد والجزر، بحسب الباحثين.

على الرغم من مظهر سطح القمر، لا يزال لديه داخل ساخن، مما يجعله نشطًا زلزاليًا. وقال "واترز" إن هناك نواة خارجية منصهرة تبرد، ومع تبريدها ينكمش القمر، وتضطر القشرة الخارجية للتكيف مع هذا التغير.

نظرًا لهشاشة سطح القمر، يولّد هذا الشدّ شقوقًا تدعى بالفوالق، وأضاف "واترز" أن هذه الفوالق حديثة جدًا، حيث رصدوا حدوث انهيارات أرضية خلال الوقت الذي كان فيه مسبار الاستطلاع القمري لناسا في مداره حول القمر منذ إطلاقه عام 2009.

في دراستهم الجديدة، استخدم واترز وزملاؤه بيانات جمعها المسبار لربط هزة قمرية قوية -تم رصدها بأجهزة تركها رواد أبولو منذ أكثر من 50 عامًا - بسلسلة من الفوالق في القطب الجنوبي للقمر.

صعوبة التنبؤ بالهزات القمرية

لن تؤثر نتائج الدراسة على عملية اختيار منطقة هبوط بعثة "أرتميس 3"، وذلك بسبب نطاق ومدة المهمة، بحسب رينيه ويبر، الباحثة في ناسا.

وقالت "ويبر" إن التنبؤ الدقيق بمدى تعرض منطقة محددة للهزات القمرية أمر صعب، ومثل الزلازل الأرضية، لا يمكن التنبؤ بالهزات القمرية. والهزات القمرية الضحلة والقوية نادرة وتشكل خطرًا منخفضًا على المهمات قصيرة المدى على سطح القمر.

حددت ناسا 13 منطقة مرشحة للهبوط بالقرب من القطب الجنوبي للقمر ضمن بعثة "أرتميس 3"، بناءً على معايير مثل إمكانية الهبوط الآمن وتلبية الأهداف العلمية.

ومع ذلك، قالت "ويبر" إنه بالنسبة لوجود بشري طويل المدى على سطح القمر، يمكن أن تأخذ عملية اختيار الموقع في الاعتبار الخصائص الجغرافية مثل القرب من المعالم التكتونية وطبيعة التضاريس.

مهمة أبوللو 11 لاستكشاف القمر
مشكلة لمهمات الهبوط

قال البروفيسور يوسيو ناكامورا، أستاذ جيوفيزياء فخري بجامعة تكساس في أوستن، إن الهزات القمرية يمكن أن تشكل مشكلة لمهمات الهبوط المأهولة المستقبلية.

ومع ذلك، يختلف ناكامورا مع الدراسة حول سبب الهزات، مشيرًا إلى أن بيانات أبولو تظهر أن هذه الظواهر تنشأ عشرات الكيلومترات تحت السطح.

ستكون المخاطر التي تشكلها الهزات القمرية على رواد الفضاء محدودة بالنظر إلى أن البشر سيكونون على سطح القمر لفترات قصيرة جدًا في المستقبل القريب، بحسب آلن هسكر من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.