أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أنه اتخذ قرارًا بشأن كيفية الرد على مقتل ثلاثة جنود في هجوم بطائرة مسيّرة استهدف القوات الأمريكية بالأردن، الأمر الذي من المرجح أن يتخذ شكل عدة عمليات انتقامية.
ولم يقدم بايدن، الذي يواجه ضغوطًا شديدة من خصومه الجمهوريين للرد بحزم على الهجوم، مزيدًا من التفاصيل خلال محادثة سريعة مع الصحفيين في البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، قبل مغادرته للالتحاق بحملته الانتخابية في فلوريدا.
والأحد الماضي، أسفر هجوم بطائرة دون طيار على القاعدة العسكرية الأمريكية المعروفة باسم" البرج 22" في الأردن على الحدود مع سوريا، عن مقتل 3 جنود من الجيش الأمريكي، وإصابة أكثر من 40 آخرين.
وتعهد بايدن بالرد في الوقت "الذي يختاره"، وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، إن الولايات المتحدة تلوم إيران في الهجوم على الموقع العسكري "البرج 22" في شمال شرق الأردن.
وذكرت مجلة "نيوزويك" أن فشل الولايات المتحدة في التصرف بشكل حاسم يخاطر بإرسال رسالة ضعف قد تؤدي إلى المزيد من الهجمات، لكن التصرف بقوة مفرطة قد يؤدي إلى تصعيد من جانب إيران وحلفائها وسط توترات إقليمية شديدة، بسبب الحرب التي يشنها جيش الاحتلال على غزة ومهاجمة الحوثيين في اليمن لسفن الشحن بالبحر الأحمر.
ونقلت المجلة عن أندرو بورين، المدير التنفيذي لشركة استخبارات التهديدات العالمية "فلاش بوينت"، إن تحذير بايدن "ليس المقصود منه أن يكون تهديدًا على غرار المافيا، يتعلق الأمر باستخدام التفويض لتعطيل وإضعاف قدرات إيران والجماعات المتحالفة معها".
وأضاف بورين، أن الانتقام سيكون أكثر شمولًا من الضربات الفردية التي نفذتها الولايات المتحدة على أهداف مرتبطة بإيران حتى الآن، لأن "ما تم فعله لم ينجح"، وقال "يجب أن تتغير الغايات لأن هذا المستوى من العنف وتعطيل التجارة العالمية والهجمات على الشحن التجاري والمدنيين يجب أن يتوقف".
سيناريوهات الانتقام الأمريكي
حددت "نيوزويك" ثلاثة سيناريوهات للانتقام الأمريكي بعد هجوم الأردن، وهي استهداف منشآت الحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا، وتنفيذ هجمات سيبرانية ضد إيران، وتوجيه ضربة مباشرة ضد إيران.
وقال بورين إن هناك العديد من القواعد ومخازن الأسلحة ومستودعات التدريب في جميع أنحاء العراق وسوريا تابعة للجماعات المدعومة من طهران، التي يتم تدريبها وتجهيزها وتمويلها من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري، على الرغم من أنها لا توجهها بالضرورة.
وحتى الآن، فشلت الضربات الصاروخية الموجهة بدقة على هذه القواعد في ردع الجماعات، التي شنت أكثر من 170 هجومًا على القواعد الأمريكية في المنطقة منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، 7 أكتوبر.
ونقلت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية عن المسؤولين الأمريكيين، إن الخيارات تشمل ضرب أفراد إيرانيين في سوريا أو العراق أو الأصول البحرية الإيرانية في الخليج العربي.
وبخصوص الهجمات السيبرانية، يقول بورين إن الجماعات المتحالفة مع محور المقاومة المدعوم من إيران، نفذت ضربات حجب الخدمة ضد الحكومات ومقدمي البنية التحتية الحيوية والمؤسسات الإعلامية، ما يعني أن الانتقام الأمريكي قد يكون له عنصر إلكتروني.
ومن بين الإجراءات الأكثر ليونة التي قد تنظر فيها الولايات المتحدة هي فرض عقوبات مالية أكثر شدة موجهة إلى أعضاء النظام الإيراني وعائلاتهم، لكنها تشمل أيضًا هجمات إلكترونية أو عمليات إلكترونية هجومية خارجية.
وقال بورين: "ليس عليك إطلاق رأس حربي على إيران لتعطيل القدرة العسكرية الإيرانية"، مضيفًا أن "التغيير سيكون أيضًا تحولًا نحو حملة لإضعاف هذه الشبكة وتعطيلها وربما تدميرها في نهاية المطاف".
ولم تستبعد "نيوزيك" قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة مباشرة إلى إيران، مشيرة إلى أن الضربات الانتقامية على الحوثيين في اليمن وإعادة نشر الأصول البحرية الأمريكية بمواقع تهديد، لم تنجح حتى الآن في ردع العنف الذي تدعمه طهران، ما أثار دعوات في بعض الأوساط لمزيد من الانتقام المباشر على إيران نفسها، وفق المجلة.
ونقلت المجلة ما كتبه السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولينا الجنوبية، ليندسي جراهام، في منشور على منصة "إكس"، أن "الشيء الوحيد الذي يفهمه النظام الإيراني هو القوة، ما لم يدفعوا ثمن بنيتهم التحتية وأفرادهم، ستستمر الهجمات على القوات الأمريكية. اضربوا بقوة المصدر إيران".
وقال بورين إن "هجوم الأردن يفتح نطاقًا واسعًا من الأنشطة التي ربما لم تكن حتى الآن مستساغة لدى الجمهور الأمريكي"، مضيفًا أن "ضرب الأهداف التي من شأنها أن تضعف بشكل فعّال وتحرم إيران من توفير المزيد من الموارد للجماعات التي تشن هذه الأنواع من الهجمات، يستدعي عمليات ذات آثار داخل إيران، التي تحمل خطر التحرك نحو حالة حرب بين إيران والولايات المتحدة".
مخاطر توجيه ضربة عسكرية لإيران
وقللت "نيوزويك" من احتمالات إقدام الولايات المتحدة على توجيه ضربة عسكرية داخل إيران، مشيرة إلى أن كلًا من واشنطن وطهران أصرت على أنهما لا تريدان الدخول في حرب واسعة النطاق، ويمكن أن ترد طهران بمحاولة إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره 20% من النفط والغاز في العالم، ما يوجه ضربة للاقتصاد العالمي.
ونقلت المجلة عن ماثيو هوه، المدير المساعد لشبكة أيزنهاور الإعلامية، أن الهجمات المحدودة على أهداف في إيران، من شأنها أن تؤدي إلى ردود فعل انتقامية إيرانية متناسبة.
وقال إن الهجمات على منشآت الحرس الإيراني أو القواعد الجوية والبحرية ستقابل بهجمات متجددة على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا.
وأضاف: "الرد الإيراني على اغتيال الولايات المتحدة للجنرال قاسم سليماني في يناير 2020 هو مثال جيد. ونأمل أن ينتهي الأمر عند هذا الحد".
وتابع: "ومع ذلك، هناك خطر ألا ينتهي الأمر، وأن تترسخ دائرة متصاعدة من الانتقام، التي تصر عليها الضغوط السياسية الداخلية الأمريكية والإيرانية".
وأفادت تقارير إعلامية، بأن أمير سعيد إيرواني، مبعوث إيران لدى الأمم المتحدة، حذّر من أن طهران سترد ردًا حاسمًا على أي هجوم يستهدف أراضيها أو مصالحها أو رعاياها في الخارج.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، عن مسؤول إيراني، إنه لا يتوقع أي ضربات في إيران، وقال "لكن ستكون هناك هجمات على الميليشيات الموالية لإيران"، مُحذرًا من أن مثل هذه الضربات "ستغذي دورة من الانتقام يمكن أن تخرج عن السيطرة".