الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لاتقاء غضب المزارعين.. ماكرون يلقي باللوم على بروكسل

  • مشاركة :
post-title
يهدد المزارعون الفرنسيون الغاضبون بإغلاق الطرق المؤدية إلى باريس

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بينما يهدد المزارعون الفرنسيون الغاضبون بإغلاق الطرق المؤدية إلى باريس، يحاول الرئيس إيمانويل ماكرون تحويل غضبهم إلى بروكسل، حيث تلقي حكومته باللوم بشكل متزايد على الاتحاد الأوروبي نحو الاستياء من انخفاض دخل المزارع.

وفي الأيام الأخيرة، اصطفت الشخصيات الحكومية "ذات الثقل"، بحسب تعبير النسخة الأوروبية لمجلة "بوليتيكو"، لمهاجمة "الإجراءات الخضراء" التي فرضتها بروكسل. بل، وصعّدت من حدة خطابها مع تصاعد الاحتجاجات.

وتأتي المحاولات الفرنسية لتصوير أزمة المزارعين على أنها مشكلة أوروبية، قبل أشهر فقط من انتخابات البرلمان الأوروبي، حيث تستغل زعيمة المعارضة اليمينية المتطرفة مارين لوبان السخط وتوجه أصابع الاتهام إلى الاتحاد الأوروبي.

أزمة أوروبية

حاليًا، تحث باريس الاتحاد الأوروبي على التخلي عن بعض التدابير الخضراء، والحد من واردات المواد الغذائية إلى الاتحاد الأوروبي من أوكرانيا، والتوقف عن الضغط من أجل إبرام اتفاق تجاري مع دول أمريكا الجنوبية الأعضاء في كتلة "ميركوسور"، التي يُنظر إليها جميعها على أنها تهديدات للزراعة الفرنسية.

ويلفت تقرير "بوليتيكو" إلى أن الرئيس ماكرون يخطط لوضع استياء المزارعين على جدول أعمال اجتماع زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل الخميس المقبل.

ومن المتوقع أن يطلب الرئيس الفرنسي استثناءً من قواعد الاتحاد الأوروبي، التي تتطلب من المزارعين تخصيص جزء من أراضيهم الصالحة للزراعة لتعزيز التنوع البيولوجي.

ونقل التقرير عن مسؤول في الإليزيه قوله إن ماكرون سيناقش الأزمة مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على هامش القمة.

وفي حين أن حساسية فرنسا تجاه بعض التزامات بروكسل الزراعية "ليست جديدة"، فإن الجهود المبذولة لتحويل التركيز إلى الاتحاد الأوروبي تأتي بعد أيام من التوتر المتزايد، مع انتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد.

غضب كبير

يشعر المزارعون في فرنسا بالغضب من انخفاض الإيرادات، ويشكون من المبالغة في التنظيم والقوانين البيئية الصارمة للغاية.

كما أنهم غير راضين عن المنافسة الأجنبية، بما في ذلك المنافسة من اللحوم والسكر المستوردين من أوكرانيا، واتفاقات التجارة الحرة التي يقولون إنها غير عادلة.

وبعد الإعلان عن المجموعة الأولى من الإجراءات لمساعدة المزارعين الأسبوع الماضي، من المقرر أن تقدم حكومة ماكرون المزيد من التنازلات مع استمرار الاحتجاجات.

وفي الأسبوع الماضي، دعا وزير الزراعة في البلاد، مارك فيسنو، إلى "شكل من أشكال الوطنية الزراعية"، مشددًا على أنه لا ينبغي النظر إلى ذلك على أنه "كلمة سيئة".

ويلفت التقرير إلى أنه "كان على رئيس الوزراء جابرييل أتال أن يسير على حبل مشدود عندما أيد انتقادات المزارعين الفرنسيين لتنظيم بروكسل، في حين أكد على الفوائد التي تجلبها الإعانات الزراعية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى هذا القطاع".

كان "أتال" قال الأسبوع الماضي: "يجب أن نبقى حازمين في تصميمنا على الحفاظ على زراعتنا على النمط الفرنسي"، ووعد بأن باريس "ستناضل في بروكسل" لتخفيف قواعد الزراعة الجديدة.

مسألة توقيت

يشير التقرير إلى أن الانحياز إلى المزارعين وإلقاء اللوم على بروكسل "قد يكون منطقيًا باعتباره استراتيجية قصيرة الأمد لحكومة ماكرون، من أجل قمع الدعم الريفي لليمين المتطرف في انتخابات يونيو".

وينقل عن ماتيو جالارد، مدير الأبحاث في شركة "إبسوس" لاستطلاعات الرأي، إشارته إلى أن "الفرنسيين يعتبرون أن وضع المزارعين صعب للغاية".

وبينما يصوّت المزارعون الفرنسيون تقليديًا لصالح الأحزاب اليمينية، وأظهر استطلاع للرأي أجري أخيرًا أن 82% من الناخبين الفرنسيين يؤيدون احتجاجات المزارعين.

لكن الخبراء يحذرون من أن إلقاء اللوم على بروكسل "قد يأتي بنتائج عكسية"، وهو ما يقوّض مؤهلات ماكرون الأوروبية الخضراء.

وحذّر تييري شوبان، أستاذ العلوم السياسية في كلية أوروبا وخبير الاتحاد الأوروبي في معهد جاك ديلور، من أن "هذا يخاطر بأن يكون خطوة ذات نتائج عكسية قبل الانتخابات الأوروبية".

وفي الأشهر الأخيرة، حاول ماكرون مرارًا وتكرارًا طمأنة الناخبين الفرنسيين بأن التحول الأخضر لن يأتي على حسابهم، داعيًا إلى اتخاذ تدابير غير عقابية و"وقف تنظيمي" للقوانين البيئية للاتحاد الأوروبي.

وأكد شوبان أن انتقادات السياسات الخضراء من قبل المحافظين واليمين المتطرف في فرنسا تهيمن على النقاش السياسي.

وقال: "يبدو أن الحكومة سمحت لهم بتحديد جدول الأعمال".

وأضاف أن حكومة ماكرون "تخاطر بالتحقق من صحة حجج المحافظين واليمين المتطرف بشأن هذا الموضوع".

في المقابل، يؤكد أنصار ماكرون أن باريس لم تتخل عن طموحاتها الخضراء.

ونقل التقرير عن ماري بيير فيدرين، عضو البرلمان الأوروبي من مجموعة التجديد التي يتزعمها ماكرون، قولها إن باريس لا تشكك في الأهداف الخضراء للاتحاد الأوروبي، بل في الجدول الزمني لدخولها حيز التنفيذ.

وشددت: "إنه ليس تغييرًا في الاتجاه، إنها مسألة توقيت".