تزايدت الضغوط الدولية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للقبول بـ"حل الدولتين"، الذي أكدت الخطة الأوروبية المقترحة، أنه السبيل السياسي الوحيد للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وينص "حل الدولتين" على إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.
لكن الاحتلال يرفض هذا الحل، ويسعى على مدار سنوات طويلة إلى تدميره، من خلال مصادرة أراضي الفلسطينيين، والتوسع في البناء الاستيطاني.
نتنياهو يرفض حل الدولتين
ولطالما كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رفضه لحل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأصبح "حل الدولتين" السياسة الأكثر قبولًا على نطاق واسع على المستوى الدولي، رغم أن رئيس حكومة الاحتلال يحاول تصويره مستحيلًا، وفق ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وأوضحت الصحيفة أن الاحتلال الإسرائيلي هو القضية الأساسية التي تمنع الفلسطينيين من تشكيل دولتهم الخاصة، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال يسيطر على الأراضي الفلسطينية –غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية– منذ عام 1967.
ومنذ ذلك التاريخ، يعمل الاحتلال جاهدًا على تدمير "حل الدولتين" من خلال التوسع الاستيطاني، إذ وصل عدد المستوطنات فى2023، إلى444 مستوطنة وبؤرة استيطانية يقطنها نحو 750 ألف مستوطن.
وقال مؤيد شعبان، رئيس هيئة مكافحة الجدار والاستيطان في السلطة الفلسطينية: "بلغ عدد المستعمرين في مستعمرات الضفة الغربية بما فيها القدس ما مجموعه 730330 مستعمرًا، موزعين على 180 مستعمرة، و194 بؤرة استعمارية منها 93 بؤرة رعوية".
وذكرت منظمة "السلام الآن" غير الحكومية الإسرائيلية في تقرير جديد أن عدد المستوطنات العشوائية والطرق الجديدة المقامة للمستوطنين قد ازداد "بشكل غير مسبوق" في الضفة المحتلة.
وذكرت الصحيفة، أن نتنياهو لم يقبل فكرة الدولة الفلسطينية الحقيقية. واستشهدت بقوله في عام 2009، إن "الدولة الفلسطينية" يمكن أن توجد نظريًا إلى جانب إسرائيل، لكن الشروط كانت صارمة للغاية لدرجة أنها لن تعتبر دولة ذات سيادة، ليس لها جيش أو سيطرة على مجالها الجوي.
وفي عام 2017، قال رئيس حكومة الاحتلال إن الفلسطينيين يمكن أن يكون لديهم "دولة ناقصة".
والخميس الماضي، أكد نتانياهو رفضه إقامة دولة فلسطينية في أي سيناريو لما بعد الحرب في غزة، وقال "يجب أن يكون لإسرائيل سيطرة أمنية على كامل الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن، وهذا شرط ضروري".
والموقف المتعنت الذي يتبناه رئيس حكومة الاحتلال، تجاه "حل الدولتين"، وضع حلفاء إسرائيل، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في موقف صعب، وفق "الجارديان".
ولفتت الصحيفة إلى أن واشنطن ولندن عملتا لفترة طويلة على حماية إسرائيل من الضغوط الدولية، من خلال تكرار أن "حل الدولتين" عن طريق التفاوض، هو خطة قابلة للتنفيذ لإنهاء الأزمة.
وأوضحت الصحيفة، أن تعليقات نتنياهو كشفت فشل تلك السياسة، ويفكر الدبلوماسيون الآن في كيفية إجبار إسرائيل، ربما من خلال العقوبات، على إنهاء الاحتلال.
الخطة الأوروبية للسلام
وأمس الإثنين، أرسل السلك الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي، ورقة مناقشة إلى الدول الأعضاء تقترح خريطة طريق للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من 3 أشهر.
وجاء توزيع الوثيقة الداخلية التي وضعتها ذراع الشؤون الخارجية لبروكسل قبيل الاجتماع الشهري لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أمس الإثنين، والذي حضره هذه المرة وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والأمين العام لجامعة الدول العربية.
وتنص الخطة المكونة من 12 نقطة على الدعوة لعقد "مؤتمر تحضيري للسلام" ينظمه الاتحاد الأوروبي ومصر والأردن والسعودية وجامعة الدول العربية، مع دعوة الولايات المتحدة والأمم المتحدة أيضًا للمشاركة في عقده.
وسيعقد المؤتمر "حتى لو رفض الإسرائيليون أو الفلسطينيون المشاركة". لكن الوثيقة تشير أيضًا إلى أنه سيتم التشاور مع الطرفين في كل خطوة من المحادثات في وقت يسعى فيه المندوبون إلى وضع خطة سلام.
ونصت الوثيقة على أنه "من غير الواقعي افتراض أن الإسرائيليين والفلسطينيين، سوف يشاركون بشكل مباشر في مفاوضات السلام الثنائية في المستقبل القريب".
وبدلًا من ذلك، اقترح الاتحاد الأوروبي إجراء محادثات موازية مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة ومصر والأردن والسعودية وجامعة الدول العربية، وقد هددت الوثيقة بـ"عواقب" ضد إسرائيل إذا رفضت المشاركة.
وتقول الوثيقة، التي وزعت على العواصم الأوروبية، إن "الفلسطينيين سيحتاجون إلى بديل سياسي متجدد لحماس، في حين سيحتاج الإسرائيليون إلى إيجاد الإرادة السياسية للمشاركة في مفاوضات هادفة نحو حل الدولتين".
و"لذلك، تقع على عاتق الجهات الفاعلة الخارجية، مثل الاتحاد الأوروبي مساعدة أطراف النزاع من خلال تمهيد الطريق للسلام الشامل"، وفق الوثيقة.
وأكدت خطة السلام المقترحة أنه "لا يوجد حل شامل وموثوق سوى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل".
وأضافت أن "أحد العناصر الأساسية لخطة السلام يجب أن يكون تطوير ضمانات أمنية قوية لإسرائيل ودولة فلسطين المستقلة المستقبلية، بشرط الاعتراف الدبلوماسي المتبادل الكامل ودمج كل من إسرائيل وفلسطين في المنطقة".
وأشارت الوثيقة الداخلية إلى أن الاتحاد سيمضي قدمًا في محادثات السلام لإنهاء الحرب في قطاع غزة، حتى من دون مشاركة إسرائيل.
وتقول الوثيقة إنه يجب على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تكون مستعدة "لتحديد العواقب التي تعتزم إرفاقها بالمشاركة أو عدم المشاركة في خطة السلام".
ولم تذكر الوثيقة ما هي هذه العواقب، في وقت يمتلك فيه الاتحاد الأوروبي عدة جوانب محتملة للتأثير.
وجاء طرح الخطة الأوروبية للسلام، في وقت يتنامى الإجماع الدولي حول "حل الدولتين"، والتأييد لإقامة الدولة الفلسطينية.