أثارت خطة رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك بشأن إرسال المهاجرين غير الشرعيين إلى رواندا جدلاً واسعاً، خاصة بعد إصراره على مواصلتها رغم الحظر المؤقت الذي فرضته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقال "سوناك"، في مؤتمر صحفي، إنه لن يسمح لـ"محكمة أجنبية" بوقف رحلات الطائرات وتفعيل هذا الرادع، في إشارة صريحة لتحديه لبعض القوانين والمواثيق الدولية.
كما أثارت تصريحات مكتبه بشأن الثقة في تنفيذ رواندا لتحسينات على نظام اللجوء لديها ردود فعل من المعارضة والمنظمات الحقوقية، خاصة في ظل اتهامات سابقة للنظام الرواندي بانتهاكات حقوقية.
في المقابل، تبنت وزارة الداخلية إجراءات صارمة بحق المهاجرين غير الشرعيين، تمثلت في تدريب موظفيها على ترحيلهم قسرًا، بما في ذلك التعامل مع حالات المقاومة الجسدية، الأمر الذي أثار مزيدًا من الانتقادات حيال انتهاك القوانين الدولية.
يأتي كل ذلك في الوقت الذي تشير فيه الاستطلاعات إلى تدني شعبية سوناك، إذ عبّر 69% من المستطلعين عن عدم رضاهم عن أدائه، مقابل 21% فقط راضين عنه.
إصرار سوناك
جاءت خطة سوناك، التي تأتي في إطار سياسة حكومته الرامية إلى وقف قوارب المهاجرين غير الشرعيين إلى بريطانيا، بعد موافقة البرلمان عليها الأربعاء الماضي، على الرغم من معارضة بعض نواب المحافظين.
وتحدى نحو 60 نائبًا من حزب المحافظين سياسة سوناك من خلال التصويت على تعديل لتشديد الخطة هذا الأسبوع، لكن لم تتم الموافقة على أي من التغييرات المقترحة في تصويت مجلس العموم.
وكانت وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان، ووزير الهجرة السابق روبرت جينريك من بين 11 محافظًا تمردوا على مشروع القانون في التصويت الكامل يوم الأربعاء.
رفض قرار المحكمة الأوروبية
لكن بعد إصرار سوناك على وحدة حزبه في مكافحة تدفق المهاجرين، عقّد حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المؤقت بموجب المادة 39 من خطته، ما فرض حظرًا مؤقتًا على ترحيل المهاجرين إلى رواندا.
وردًا على ذلك، أكد سوناك أنه "لن يسمح لمحكمة أجنبية بوقف رحلات الطائرات وتفعيل هذا الرادع"، مشيرًا إلى أن النص القانوني يعطي الوزراء صلاحية اتخاذ مثل هذه القرارات.
أوامر القاعدة 39، التي أصدرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على أساس استثنائي عندما يكون هناك "خطر حقيقي بحدوث ضرر جسيم لا يمكن إصلاحه" للمهاجر أو طالب اللجوء، سبق أن صدرت لمنع رحلات الترحيل من المغادرة قبل عقد جلسات استماع إضافية للمحكمة.
روندا ستطبق تحسينات
ومن جهته، أكد مكتب سوناك ثقته في أن رواندا ستطبق تحسينات على نظام اللجوء الخاص بها، ردًا على تصريحات سابقة لسوناك بأنه مصمم على إقرار مشروع قانون رواندا في البرلمان.
وكانت لجنة اتفاقيات البرلمان طالبت باتخاذ خطوات قانونية وعملية مهمة قبل اعتبار رواندا بلدًا آمنًا، والموافقة على معاهدة مع بريطانيا.
لكن المتحدث باسم رئيس الوزراء أكد ثقتهم بأن الحكومة الرواندية ستطبق كل التحسينات ضمن الجدول الزمني للمعاهدة، لتكون جاهزة عند بدء الرحلات.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه سياسة سوناك بشأن الهجرة انتقادات واسعة، لانتهاكها بعض القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان واللاجئين.
تحدي القانون الدولي
وقالت "سكاي نيوز" إن حكومة سوناك تلقت مشورة قانونية تبلغها بأن عدم الامتثال لتوجيهات المحكمة الأوروبية سيكون انتهاكًا للقانون الدولي.
وفي الوقت نفسه، أكد سوناك أن جهود حزب المحافظين للحد من الهجرة غير الشرعية تؤتي ثمارها، إلا أن الأرقام الحكومية تشير إلى وصول 358 مهاجرًا إلى بريطانيا يوم الأربعاء وحده، فيما بلغ إجمالي الوافدين هذا العام 621 شخصًا على الأقل.
وقال إد ديفي، زعيم الديمقراطيين الليبراليين، أمس الخميس، إن الصعوبات التي يواجهها سوناك في توحيد حزبه توضح "مدى ابتعاد حكومة المحافظين هذه عن الواقع والأفكار".
إجراءات حكومية
وأكدت صحيفة "ذا جارديان" أن وزارة الداخلية البريطانية استأجرت حظيرة طائرات وهيكل طائرة لتدريب موظفي الأمن على كيفية ترحيل الأشخاص إلى روندا، وهذه الخطوة تأتي في سياق الجدل حول سياسة الهجرة التي يتبعها "سوناك"، والتي تنتهك بعض القوانين والمواثيق الدولية.
وبحسب "ذا جارديان"، أكد مسؤولون أن الوزارة زادت من قدراتها لتدريب الموظفين على تنفيذ عمليات الترحيل، بما في ذلك التعامل مع الأشخاص الذين يقاومون بشكل جسدي، كما سيتم تدريب موظفي ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، ضمن خطة الحكومة لبدء الرحلات إلى البلد الإفريقي بحلول الربيع.
وفقًا لاستطلاع حديث أجرته مؤسسة إيبسوس البريطانية، فإن نسبة 21% فقط من الناخبين راضون عن أداء رئيس الوزراء حاليًا، بينما عبر 69% عن عدم رضاهم، مما يعني أنه سجل تقييمًا سلبيًا بمقدار 48 نقطة.
وكان رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون سجل 45 نقطة سلبية عندما أجبر على الاستقالة في يوليو 2022، أما النقطة الإيجابية الوحيدة لصالح سوناك هي أنه ما زال أكثر شعبية بعض الشيء من ليز تراس، التي سجلت 51 نقطة سلبية عند استقالتها بعد سبعة أسابيع فقط في منصب رئاسة الوزراء خلال أكتوبر 2022.