منذ اندلاع شرارة العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، خلال فبراير الماضي، ضخت الإدارة الأمريكية كمًا هائلًا من الأموال والأسلحة لدعم المؤسسة العسكرية الأوكرانية بصورة أكبر، مقارنة بما أرسلته خلال عام 2020، إلى عدة دول مجتمعة مثل أفغانستان وإسرائيل.
أوردت الإحصائيات الأمريكية أن مجموع المساعدات العسكرية التي قدمت لأوكرانيا هذا العام بلغ نحو 18 مليار دولار، في حين أنه عند ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، قدمت الإدارة الأمريكية مساعدات بلغت قيمتها 12.9 مليار دولار عام 2014.
وتشمل هذه المساعدات الأمنية التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات مئات الآلاف من المواد؛ مثل الأنظمة المضادة للدروع، والأنظمة الجوية غير المأهولة، والمدفعية، وأنظمة الصواريخ، وناقلات الجنود المدرعة، والمركبات الأخرى ذات العجلات والمسارات، والدروع، والذخائر، والإمدادات الطبية، ومعدات الحماية.
وفي هذا نهاية شهر سبتمبر الماضي، طلب الرئيس الأمريكي "بايدن" أيضًا من الكونجرس أن يأذن لأوكرانيا بمبلغ إضافي قدره 13.7 مليار دولار، بما في ذلك الأموال المخصصة للمعدات والاستخبارات.
ووفقًا لما ذكره قائد القوات الجوية الأمريكية، الجنرال براد نيكلسون، فقد أصبحت عمليات التسليم في سهولة على مدار الساعة وبسرعات غير مسبوقة.
الولايات المتحدة والناتو
وفي 24أبريل الماضي، أخطرت وزارة الخارجية الأمريكية، الكونجرس باعتزامها الالتزام بأكثر من 713 مليون دولار لتمويل عسكري أجنبي لأوكرانيا و15 دولة حليفة وشريكة أخرى في أوروبا الوسطى والشرقية والبلقان.
أشارت الدورية الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية في سبتمبر، إلى أن "المساعدة في هذا الإشعار من شأنها أن تساعد حلفاء منظمة حلف الناتو في دعم القدرات التي تبرعوا بها لأوكرانيا من مخزوناتها الخاصة للحفاظ على ردع حلف شمال الأطلسي وتعزيزه".
التمويل العسكري الأجنبي
وفي السنة المالية 2021، قدمت وزارة الدفاع الأمريكية إلى أوكرانيا 115 مليون دولار من التمويل العسكري الأجنبي و3 ملايين دولار من التمويل الدولي للتعليم والتدريب العسكريين، فضلًا عن ذلك، وقبل العملية العسكرية الروسية، كان صندوق مارشال الألماني يدعم استحواذ أوكرانيا على مجموعة واسعة من القدرات العسكرية.
أكبر متلقِ للمساعدات
ويقدر المحللون أن أوكرانيا، التي هي بالفعل أكبر متلق للمساعدة الأمنية الأمريكية في أوروبا منذ عام 2014، في طريقها لأن تصبح أكبر متلقٍ للمساعدة الأمنية الأمريكية في القرن بأكمله.
منذ الحرب العالمية الثانية بداية من بريطانيا إلى جنوب فيتنام، إلى الحروب الأخيرة في أفغانستان والعراق، كانت الحكومة الأمريكية لفترة طويلة تتبنى سياسة خارجية من خلال دعم القدرات العسكرية لحلفائها.
قبل أن تستعيد طالبان السيطرة على أفغانستان العام الماضي، أنفقت الحكومة الأمريكية نحو 73 مليار دولار في هيئة مساعدات عسكرية إلى أفغانستان، فضلًا عن مليارات أخرى أنفقتها على إعادة بناء البلاد ونحو 837 مليار دولار أنفقتها على الذهاب إلى الحرب هناك.
وكانت إسرائيل أكبر متلقٍ تراكمي للمساعدة الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية: 146 مليار دولار في المساعدة العسكرية وتمويل الدفاع الصاروخي.
وفي تصريح لـ"ويليام هارتونج"، زميل الأبحاث في معهد "كوينسي" أدلى به لـ "سي أن أن"، قال: "المساعدات التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا أكثر من تلك التي دفعتها الولايات المتحدة لأفغانستان خلال مدة طويلة، وأكثر من المساعدات لإسرائيل مرات عديدة، ومن الفريد إلى حد ما أن يسلحوا دولة حيث تدور الحرب بين دولتين".
كما أن أحدث إعلانات المساعدة العسكرية الأمريكية كانت بمثابة تحول كبير في نطاق الالتزام الأمريكي تجاه أوكرانيا، حيث شملت مساعدات وزارة الدفاع سحبًا من المخزون الموجود مسبقا في المستودعات الأمريكية، لتجهيز القوات الأوكرانية، معدات قيمتها 8.6 مليار دولار.
مقتالات الدفاع الزائد
وفي السنة المالية 2022، استخدمت الولايات المتحدة برنامج المواد الدفاعية الزائدة لنقل طائرات هليكوبتر ومروحيات Mi-17 إلى أوكرانيا.
قانون منح القروض للدفاع عن الديمقراطية في أوكرانيا لعام 2022
والواقع أن قانون إعارة عقود استئجار الدفاع عن الديمقراطية في أوكرانيا لعام 2022، الذي أقره الكونجرس ووقّع عليه الرئيس "بايدن" في مايو الماضي، يزوّد الولايات المتحدة بأداة إضافية حاسمة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها ضد روسيا.
كما تزود الولايات المتحدة بالقدرة على إقراض أو تأجير مواد دفاعية وعسكرية لبلدان أخرى في أوروبا الشرقية تأثرت بالحرب الروسية-الأوكرانية.
غياب المناقشة
وأشار سيل إعلانات التمويل المتواصل، إلى عدة نقاط أولها غياب أي مناقشة عامة لما تقوم به الولايات المتحدة من أجل إنهاء النزاع، والإشارة إلى أنه لا توجد نهاية للحرب تلوح في الأفق، وأن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم جهود الدفاع الأوكرانية على المدى الطويل بدلًا من السعي لتحقيق نهاية تفاوضية لها.
ألمح "ستيفن سملر"، المؤسس المشارك لمعهد إصلاح السياسة الأمنية، وهو مركز بحثي للسياسة الخارجية الأمريكية إلى "إن الولايات المتحدة تستعد حقًا لحرب طويلة.. وهو في الواقع يعد لحرب لا نهاية لها في أوكرانيا".
أكبر مانح للمساعدات إلى أوكرانيا
وخلال رسالة إلكترونية وجهها المتحدث باسم وزارة الخارجية إلى مجلة الـ"إنترسبتور" الأمريكية، أشار فيها إلى أن الولايات المتحدة هي الدولة الأكبر التي تقدم المساعدات الأمنية لأوكرانيا، وسرعان ما قدمت مستويات تاريخية من الأسلحة والمعدات التي تستخدمها القوات الأوكرانية بفعالية للدفاع عن ديمقراطيتها ضد روسيا في حرب بلا استفزاز".
وأضاف المتحدث قائلا: "الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع، ولكن روسيا لم تظهر أي علامات على استعدادها للانخراط بجدية في المفاوضات، نحن لا نزال ملتزمين بدعم التسوية الدبلوماسية، ونحن نركز حاليا على تعزيز قدرات أوكرانيا قدر الإمكان في ساحة المعركة حتى يصبح بوسع أوكرانيا عندما يأتي الوقت أن تتمتع بأكبر قدر ممكن من النفوذ على طاولة المفاوضات".
جدير بالذكر أنه منذ يناير 2021، استثمرت الولايات المتحدة أكثر من 18.2 مليار دولار في المساعدات الأمنية لإثبات التزامها الراسخ بسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، وفقًا لتقرير وزارة الدفاع الأمريكية. ويشمل هذا أكثر من 17.6 مليار دولار منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في 24 فبراير.