قبل عامين، كانت طموحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لإدارة ثانية محل تقييم من الناخبين في الولايات المتحدة، وكان رفض ترامب الاعتراف بالهزيمة أمام جو بايدن في عام 2020، وما تلا ذلك من اقتحام مبنى الكابيتول، القشة التي قصمت ظهر البعير "بالنسبة لبعض الجمهوريين".
وبلغ النفور من ترامب بين الجمهوريين أقصاه، حين تعرض للهزيمة في استطلاعات الرأي على يد نجم الحزب الصاعد، آنذاك، رون ديسانتيس، وفي ذلك العام، قال أكثر من ثلاثة أرباع الجمهوريين من "خريجي الجامعات" إنهم يريدون مُرشحًا غير ترامب ليتنافس مع جو بايدن في انتخابات 2024.
وبالمضي قدمًا إلى يومنا هذا، تغير المشهد السياسي مرة أخرى، مع عودة بعض الجمهوريين الحاصلين على درجات علمية لمساندة ترامب، وانعكس هذا في الفوز الساحق الذي حققه الرئيس السابق خلال المؤتمرات الحزبية بولاية "أيوا"، مساء أول أمس الإثنين، إذ حصل ترامب على 51% من الأصوات، مُتغلبًا على ديسانتيس بفارق 30 نقطة.
وفي حين أن غالبية دعم الرئيس السابق بولاية أيوا، جاء من قاعدته المحكمة من الناخبين "غير المتعلمين"، فقد حقق مكاسب بمقدار 16 نقطة بين الناخبين من ذوي "التعليم الجامعي"، عند مقارنة استطلاعات الرأي التي أجرتها شبكة "سي. إن. إن" الأخبارية الأمريكية، مع نتائج التجمع الحزبي عام 2016.
وأظهر استطلاع أجرته جامعة "سوفولك- يو إس إيه توداي" عام 2022، أن 76% من الناخبين من "خريجي الجامعات" يريدون أن يكون جمهوري - غير ترامب - هو المرشح الرئاسي للحزب.
ووجد نفس منظم الاستطلاع في وقت سابق من هذا الشهر، أن 60% من الناخبين الجمهوريين "الحاصلين على شهادة جامعية" يؤيدون الرئيس السابق.
ويعتقد دانتي سكالا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيو هامبشاير، أن الجمع بين النفور من جو بايدن والمخاوف بشأن الاقتصاد والهجرة دفع الناخبين إلى العودة، وقال: "يمكنك الإشارة إلى بايدن كأحد الأسباب"، وفقًا لصحيفة "التليجراف" البريطانية.
وأضاف سكالا: "أعتقد أيضًا أن القضايا التي نسمعها، الهجرة والاقتصاد والتضخم، كل هذه الأشياء أعتقد أنها تدفع الكثير من هؤلاء الناخبين إلى القول - كما تعلمون - إن تلك الأمور كانت جيدة جدًا خلال رئاسة ترامب، فهل يمكننا العودة إلى ذلك؟"
ولفت "سكالا" إلى أن إعلانات حملة ترامب في نيو هامبشاير ركزت في كثير من الأحيان على سؤال، "ألم تتذكر كيف كانت الأمور عندما لم تكن الأمور خارجة عن السيطرة؟"
وقال: "أعتقد أن الكثير من الجمهوريين من خريجي الجامعات يقولون نعم، وكانت الأمور خارج نطاق السيطرة في بعض الأحيان، لكن كانت هناك قوة".
وتلوح قضية أمن الحدود والهجرة في الأفق قبل الانتخابات الرئاسية المقررة هذا العام، وانتشرت الأزمة من البلدات والولايات الحدودية إلى مدن من بينها نيويورك وشيكاغو، في الوقت الذي تكافح فيه هذه المدن للتعامل مع تدفق المهاجرين.
وبدأ ترامب بالفعل في استخدام القضية كسلاح من خلال وصف المهاجرين، الذين يدخلون الولايات المتحدة بأنهم "يسممون دماء" البلاد، وهي اللغة التي تعرضت لانتقادات شديدة من بايدن، الذي شبه التعليقات بتلك التي ترددت من قبل في "ألمانيا النازية".
ونقلت "التليجراف" عن ديفيد باليو لوجوس، مدير مركز الأبحاث السياسية بجامعة سوفولك في بريطانيا، إن الاقتصاد والهجرة هما "قضيتا ترامب".
وقال باليو لوجوس، إنه "قبل بضع سنوات كان هناك عدد أكبر من الفرص للآخرين لدخول السباق، مع مرور الوقت كان ترامب دائمًا على رأس استطلاعات الرأي".
وأضاف: "لقد وضع بعض هؤلاء الناخبين أنفسهم تحت راية ترامب، لأن لديهم قضايا خطيرة بشأن الاقتصاد أو الهجرة لا يشعرون أن الرئيس بايدن يحلها".
وساعدت سياسات ترامب في كسب تأييد إريك فون مونستر، أحد رواد المؤتمر الانتخابي في ولاية "أيوا".
وقال "مونستر"، الذي يحمل شهادة جماعية، ويعمل مدير حسابات في شركة الكيماويات العملاقة "بي أيه إس إف"، إنه صوّت لصالح ترامب بالتجمع الانتخابي في أيوا.
وأضاف "باليو لوجوس: "في حين أن بعض الناخبين من "خريجي الجامعات" ربما كانت لديهم في البداية مخاوف بشأن المشكلات القانونية المتزايدة التي يواجهها ترامب وقدرته على البقاء، إلا أن العديد من هذه المخاوف تلاشت مع مرور الوقت، خاصة مع عدم ظهور إدانة في أي من هذه القضايا القانونية".
وأشارت "التليجراف" إلى احتمال أن تكون المعارك القانونية العديدة التي خاضها ترامب، أكسبته أيضًا دعمًا من الأشخاص الذين يعتقدون أن وزارة العدل تلاحق ترامب لأنه خصم بايدن.
ونقلت الصحيفة عن إيمي كوتش، المحللة الجمهورية والسيناتور السابقة، إنها في حين تعتقد أن فكرة تدفق "الجمهوريين المتعلمين" على ترامب هي فكرة "مُبالغ فيها"، فإنها تعتقد أن محاولة استبعاده من الاقتراع عزز تعاطف بعض الناخبين مع الرئيس الأمريكي السابق.