منذ ما يقرب من ثلاث سنوات وبعد مفاوضات طويلة اتفقت الحكومتان الألمانية والناميبية على ما يُسمى بـ"اتفاق المصالحة"، على خلفية المجازر التي ارتكبت خلال فترة الاستعمار للدولة الواقعة غرب إفريقيا.
واعترفت ألمانيا في "الإعلان المشترك"، بالجرائم التي ارتكبت في المستعمرة السابقة باعتبارها إبادة جماعية، وتعهدت بتقديم أكثر من مليار يورو لمشروعات التنمية في ناميبيا لمساعدة أحفاد ضحايا الإبادة الجماعية، بحسب موقع "تاجز شاو".
وتسعى ألمانيا لجعل تلك الأموال ضمن "مبادرة اعتراف"، وليس تعويض، لمنع أي مطالبات قانونية أخرى محتملة، لكن المتضررين يرفضون الاتفاق بشكل قاطع، ويشعرون أنهم لا يشاركون بشكل كافٍ ويعتبرون الالتزامات غير كافية على الإطلاق.
وقالت عالمة النفس الناميبية مارسيلا كاتجيجوفا، إن عملية المصالحة يجب أن تتعدى مجرد المال، مشيرة إلى أن الصدمة التي تعاني منها أسر الضحايا تنتقل من جيل إلى جيل، ولذلك يحتاج الناس إلى مناقشة مفتوحة حول الشكل الذي يمكن أن يبدو عليه التعويض الحقيقي.
وأوضحت أنه يجب أن تكون هناك أماكن للحداد ومراسم تذكارية ومتاحف يتم فيها عرض وشرح الفترة الألمانية، فترة الإبادة الجماعية، فضلاً عن ذلك فلا بد من وضع برامج خاصة حتى يتسنى للأطفال الناميبيين الذهاب إلى ألمانيا للتعلم والدراسة.
وتصف الحكومة الفيدرالية "الإعلان المشترك" باعتباره علامة فارقة على طريق المصالحة الألمانية الناميبية، بعد أن عُقد أخيرًا اجتماع في برلين في بداية شهر ديسمبر، بحضور ممثلي المجتمعات المتضررة.
أعلنت ألمانيا استعمارها لناميبيا رسميا في مؤتمر برلين، الذي عُقد بين عامي 1884-1885، لكن الوجود الألماني في المنطقة كان قد بدأ في منتصف القرن التاسع عشر، مع توافد التجار والمبشرين الألمان على جنوب غرب إفريقيا.
في عام 1904، انتفضت قبيلة "الهيريرو" و"الناما" ضد المحتلين الألمان، وتم قمع الانتفاضة بوحشية وانتهت بالإبادة الجماعية، ولم تتم حتى الآن مصالحة بين ناميبيا وألمانيا.
وقاد الحكام الاستعماريون الألمان عهدًا من الإرهاب في ما يُسمى "المنطقة الألمانية المحمية في جنوب غرب إفريقيا"، بعد أن تعرض السكان المحليون للقمع والحرمان والاستغلال.
بدأت مجموعة هيريرو العرقية في الدفاع عن نفسها ضد المحتلين، وانضمت قبيلة ناما إلى الانتفاضة، وفوجئت القوات الألمانية بالهجمات، وردت بقسوة وحشية وسقط عشرات الآلاف من الناس ضحايا لحملة الإبادة التي قادها الفريق لوثار فون تروثا.