الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ماجدة الصباحي.. "الدلوعة الرائدة" ومحامية السينما المصرية

  • مشاركة :
post-title
ماجدة الصباحي

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

أمسكت والدة الفنانة ماجدة الصباحي بفنجان القهوة، وهي المعروفة بتمتعها بشفافية كبيرة، ووسط مجموعة من الحاضرين وبعد النظر في الفنجان ابتسمت في وجه صغيرتها وهي تقول لها: ستصبحين من المشاهير أصحاب المكانة الرفيعة بالوطن العربي. لم تأخذ الصغيرة كلام الأم على محمل الجد، واعتبرته نوعًا من التشجيع حتى تصبح فتاة ناجحة في عملها، خصوصًا أنها فرع من شجرة العائلة التي تتمتع بنفوذ قوي ووضع مالي مستقر.

مرت السنوات لتصبح الفتاة المدللة في العائلة إحدى أبرز نجمات الوسط الفني، ومن المؤثرات والرائدات في صناعة السينما، ليست فقط بطلة لأفلام شهيرة ولكن أيضًا منتجة ومؤلفة ومخرجة، وتؤكد على دور النساء القوي في تطور الفن السابع في مصر والوطن العربي، مع إسهاماتهن المتعددة.

ماجدة الصباحي التي تمر اليوم الذكرى الرابعة لوفاتها، اسمها الحقيقي عفاف علي كامل أحمد عبدالرحمن الصباحي، وورثت عن عائلتها حب العمل والإخلاص له، وأيضًا التصميم على النجاح لتصبح ذات شأن في مجتمعها، فالفتاة التي كانت مدللة وسط عائلتها والمقربين، والتي تعودت على حياة الترف، كانت في محيط العمل شخصية مختلفة، جادة وجريئة في أفكارها، وتحتفظ داخلها بأنوثتها وخجلها، الذي كانت تعتبره من مقومات جمال المرأة.

حفيدة عبدالرحمن باشا الصباحي الذي كان رئيسًا لمجلس شورى القوانين، لم يكن ضمن خريطة أحلامها أن تصبح فنانة، بل كانت تريد أن تسلك طريق المحاماة، لما لهذه المهنة من مكانة ورسالة للدفاع عن المظلومين، ورغم أنها كانت من عائلة لها وزنها وقيمتها في محافظ المنوفية، كانت تجد متعتها وسعادتها الخاصة أن ترى من حولها سعيدًا، حسبما قالت في حوار تليفزيوني قديم، مؤكدة: "لا أتصور أن أكون سعيدة دون أن أرى من حولي سعداء".

ماجدة ومحمود المليجي في فيلم "جميلة"

لكن الصدفة وحدها قادتها إلى السينما، وهي في عمر 14 عامًا لتشارك في فيلم إسماعيل ياسين "الناصح" في أول الأعمال الإخراجية لـ سيف الدين شوكت عام 1949، ومع احترافها التمثيل لم تنس همها الأكبر في أن تدافع عن الآخرين، لذا تبنت في أفلامها العديد من القضايا، وأصبحت كما تقول عن نفسها "محامية السينما"، ومن أبرز أفلامها التي تناصر الحق من منطلق سياسي فيلم "جميلة" الذي صدر بعد نحو 9 سنوات فقط من ظهورها السينمائي الأول، وتعاونت فيه مع المخرج يوسف شاهين، ودارت أحداث الفيلم حول قصة حياة واحدة من أبرز المناضلات العربيات الجزائرية جميلة بوحيرد التي تعرضت لتعذيب وحشي في سجون الاحتلال الفرنسي، وساهم الفيلم إلى جانب جهود أخرى في تسليط الضوء على جرائم الاحتلال في الجزائر، ليعرف بها العالم أجمع مع عرض العمل بالعديد من الدول الأوروبية، وكذلك تخفيف حكم الإعدام على جميلة إلى السجن المؤبدـ

ومن استقلال الجزائر إلى نضال المرأة للحصول على استقلاليتها بالحياة، ذهبت الفنانة الراحلة الشهيرة بدلوعة السينما إلى لوكيشن تصوير فيلم "أين عمري" إخراج أحمد ضياء الدين، أحد أبرز المخرجين المؤثرين في مشوارها الفني، وجسدت في الفيلم دور "علية" الساعية إلى الاستقلال بحياتها والهروب من سطوة الرجل.

ماجدة الصباحي

ومن منطلق شعورها الذاتي بدورها في السينما، وأنها يجب أن تفعل شيئًا مؤثرًا ويبقى للزمن، أسست شركة إنتاج، لتدخل قائمة المنتجات الرائدات في السينما المصرية، وصدر عن شركتها نحو 13 فيلمًا منها "أنف وثلاث عيون"، "جنس ناعم"، "العمر لحظة"، وأفلام دينية منها "هجرة الرسول"، وأيضًا فيلمها الشهير "النداهة" تأليف يوسف إدريس وإخراج حسين كمال".

وبالوازع ذاته، تحملت ماجدة مسؤولية الإخراج لمرة واحدة في مشوارها الفني، وجاء الأمر بالصدفة، عندما شعر مخرج فيلم "من أحب" أحمد ضياء الدين بمتاعب صحية شديدة، منعته من مباشرة عمله، وبدأ صناع الفيلم والمشاركون فيه يسألون عن مصيرهم، لتذهب ماجدة التي كانت تشارك في بطولة الفيلم إلى مقعد الإخراج وتدير لوكيشن التصوير الذي كان متواجدًا به نجوم بحجم أحمد مظهر وإيهاب نافع.

ونجحت أفلام ماجدة في فتح أسواق جديدة للفيلم المصري في دول أجنبية عدة، منها المجر والاتحاد السوفيتي وقتها، لتسهم بشكل كبير في انتعاش السينما المصرية، وتصبح الفتاة الشهيرة بالدلوعة داخل الأسرة إحدى أبرز رائدات السينما المصرية، والتي عاشت مراحل عمرها على الشاشة من المراهقة إلى النضوج، قبل أن ترحل يوم 16 يناير عام 2000.