عزلت إسرائيل منطقة كبيرة من شمال قطاع غزة عن الحياة تمامًا، الأمر الذي دفع العديد من المنظمات والوكالات الإغاثية للضغط دوليًا في محاولة لوصول المساعدات لذلك المكان بسبب الأوضاع السيئة التي يعيشها السكان هناك، الذين لم يتلقوا أي مساعدات إنسانية منذ 50 يومًا على الأقل.
مستويات المجاعة
ورغم تقليص الجيش الإسرائيلي لعدد قواته في شمال قطاع غزة تدريجيًا، ونقل القتال مع فصائل المقاومة إلى وسط وجنوب القطاع، إلا أن شبكة "إي بي سي نيوز" الأمريكية، كشفت عن قيام جيش الاحتلال بفصل جزء كبير من القطاع عن الحياة، رغم وجود آلاف الأهالي هناك، ولم يصلهم أي مساعدات.
ونقلت الشبكة عن العديد من المنظمات الغذائية التابعة للأمم المتحدة تأكيدهم أن الوضع هو الأسوأ في شمال غزة، حيث يواجه 45% من الأسر مستويات الطوارئ من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي الحاد، بينما يوجد 30% من الأسر يواجهون مستويات المجاعة مع انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وتشير تقديرات الأونروا – كما تقول الشبكة- إلى أن 300 ألف شخص بقوا في شمال غزة أثناء الحصار (منهم مسنون وأطفال ومعاقون ونساء) وهم الذين لم يستطيعوا اتباع التعليمات الإسرائيلية بالسير جنوبًا على طول الممر الإنساني المزمع الذي فتحه الاحتلال.
وضع كارثي
وأكد كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي لشبكة "إي بي سي نيوز" الأمريكية أنه في هذه اللحظة يعاني جميع سكان غزة حرفيًا من مستوى أزمة الجوع أو ما هو أسوأ، ومن بين هؤلاء نحو 26%.. أي ما يعادل ربع السكان أي ما يقرب من 577 ألف فلسطيني بينهم أطفال ونساء يتضورون جوعًا بالمعنى الحرفي.
وكشف كبير منسقي الطوارئ في اليونيسف، أن الوضع في غزة لا يمكن وصفه إلا بأنه "كارثي للغاية"، حيث لا يوجد طعام على الإطلاق أو لا يوجد سوى القليل جدًا إن وجد، لافتًا إلى أن كل يوم يمر على الأهالي هو هروب من الموت، مشيرًا إلى أن الأهالي إذا نجوا من القصف فلن ينجوا من الجوع، أما إذا حالفهم الحظ ونجوا من الجوع، ينتظرهم الاعتقال أو الإعدام.
قطعة خبز
أما الأهالي.. فكشفوا للشبكة أنه منذ 50 يومًا لم تصل أي مساعدات إلى المنطقة الشمالية، وكانت الدبابات تحيط بالمدارس وتطلق القذائف على النازحين بداخلها، لافتة إلى أن الجميع شعر بالجوع لأيام طويلة، حتى لو وجدوا طعامًا ليوم واحد، فلن يجدوه لثلاثة أيام مقبلة، مشيرين إلى أنهم يأكلون قطعة خبز كل يوم فقط مع اشتداد الحصار.
ووصف السكان للشبكة عدم تمكنهم من الحركة وانقطاع المياه التي جعلتهم في عطش شديد، وسط أصوات القصف العنيف والاشتباكات المتقطعة بين الجنود والمقاومة، وأشار بعضهم إلى اضطرارهم لدخول منازل الأهالي الفارغة أو المقصوفة من أجل البحث عن الطعام، وايضا هربًا من الموت جوعًا تحت الحصار المستمر.
100 يوم قصف
وتقصف إسرائيل عشوائيًا قطاع غزة بصفة متواصلة منذ أكثر من 100 يوم على التوالي، مخلّفة بسبب ذلك أكثر من 23 ألف قتيل أغلبهم من الأطفال والنساء، و60 ألف جريح، بجانب آلاف المفقودين وأحياء كاملة تم تسويتها بالأرض، وسط دعوات دولية ومطالبات بوقف إطلاق النار، عقب الوضع المأساوي الذي يعيشه السكان في شمال وجنوب القطاع.