اللصوص الذين سرقوا بلادنا يريدون نهب ثقافتنا
تسجيل "الدبكة الشعبية" على قائمة "اليونسكو" انتصار فلسطيني
الفنانون والمبدعون مسؤولون عن كشف كذب وخداع الكيان الصهيوني أمام العالم
حلم الاحتلال الإسرائيلي بالقضاء على غزة لن يتحقق مهما طال الزمن
الحركة الصهيونية كانت ترغب أن تكنسنا كما يكنس الغبار
كان لفلسطين مكانة خاصة واهتمام كبير من قبل المثقفين والعلماء ورجال السياسة، نظرًا لموقعها الجغرافي ومكانتها الدينية فهي تضم أشهر الأماكن المقدسة كالمسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وكنيسة القيامة وغيرها، فكانت مركزًا ثقافيًا وحضاريًا عالميًا بشهادة الجميع، ومنذ بدء النكبة لم يحتل الكيان الصهيوني الأرض ويحارب البشر في فلسطين فقط، بل سعى لمحاربة الثقافة والأدب ومحو الهوية الفلسطينية.
وفي حوار خاص مع وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف لـ موقع "القاهرة الإخبارية"، تحدث عن أهمية الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني ودوره في المقاومة والصمود أمام الكيان الصهيوني، والمسؤولية التي تقع على عاتق الفلسطينيين المبدعين في كشف حقيقة الكيان الصهيوني أمام العالم كله، ومدى أهمية تسجيل التراث الثقافي للحفاظ على الهوية الفلسطينية، وأمور أخرى تطرق إليها في هذه السطور:
يؤكد الوزير الفلسطيني عاطف أبو سيف أن الثقافة جزء مهم للغاية في معركة نضال الشعب الفلسطيني لاسترداد أرضه من المحتل، إذ يقول: "للثقافة بكل أنواعها سواء تمثلت في المسرح أو الغناء والموسيقى أو السينما والرسم والفن التشكيلي والشعر، أهمية كبيرة في دعم نضال الشعب الفلسطيني والحفاظ على هويته العربية وحقه في الأرض".
ويضيف: "اللصوص الذين سرقوا البلاد يريدون سرقة ثقافتنا وكل ما فيها من آثار وتراث وعادات وممارسات شعبها، لأن الغرباء يسرقون ما ليس لهم، وهؤلاء غرباء يحاولون سرقة هويتنا كما سرقوا منازلنا في كل بقعة في فلسطين، فجزء مهم من معركتنا تجاه هذا الاحتلال هو الحفاظ على التراث الوطني الذي يشكل الجين الوراثي للهوية الوطنية الفلسطينية التي بنيت على ممارسات وحكايات أجدادنا وآبائنا".
انتصارك لإنسانيتك يعني وقوفك بجانب القضية الفلسطينية
يرى الوزير عاطف أبو سيف أن للمبدعين والمثقفين في فلسطين ودول العالم العربي، دورًا كبيرًا في دعم القضية الفلسطينية والتعبير عن آلام هذا الشعب المثابر الذي يقف أمام العدو بكل صمود ويرفض التنازل عن أرضه وحريته، إذ يقول: "شعبنا يتعرض لعملية إبادة جماعية من قبل الكيان الصهيوني، فعدد الشهداء تجاوز 16 ألف شهيد، وهناك حوالي 5000 شهيد تحت الأنقاض، بجانب 33 ألف جريح، فهم يحاولون القضاء على الشعب الفلسطيني مع استهداف المؤسسات الفلسطينية والبنية التحتية والحياة الاقتصادية والصناعية والثقافية، من أجل محو الهوية الفلسطينية وسرقة التراث الفلسطيني".
ويضيف: "كان للفنانين والمثقفين دور كبير في التعبير عن مطالب الشعب الفلسطيني ودعم قضيته بعد نكبة 1948، إذ تم توظيف الفن والأدب في خدمة القضية، فالثقافة جزء أساسي من المقاومة ولا يمكن تخيل مقاومة الشعب الفلسطيني المسلحة دون ارتباطها بشكل كبير بمقاومته الثقافية، حيث كان الزعيم الراحل ياسر عرفات يقول إن الثورة هي ريشة فنان وقلم كاتب وهذا يعكس الأهمية الكبرى التي أولاها الشعب الفلسطيني للثقافة ولدور الكاتب والفنان والمثقف في دعم قضيته".
وتابع: "لذا يقع على عاتق المبدعين مهمة كبيرة في نقل ما يحدث في فلسطين من خلال الأعمال الفنية سواء بالرسم أو الموسيقي أو السينما، وغيرها من أنواع الثقافة للتعبير عن معاناة شعبنا في وقتنا الحالي، وأهمية هذه الأعمال الفنية تنعكس في مدى محاربة إسرائيل لها مثل اغتيال الصحفيين والمبدعين والكتاب، فالكلمة والصوت والفن الأصيل أصبح ضحية همجية الكيان الصهيوني المحتل، لذا أقول لكل فناني العالم ولكل إنسان حقيقي "وقوفك بجانب الشعب الفلسطيني وقضيته يعني انتصارك لإنسانيتك"، ولا يمكن للفنان أن يكون فنانًا إذا فقد إنسانيته، ولا يمكن له الوقوف بجانب الظلم ومساندة الباطل، فالفنان بطبعه يجب أن ينتصر للحق والقيم والأخلاق النبيلة".
انتصار جديد لفلسطين
حرصًا من وزارة الثقافة الفلسطينية لحفظ التراث الثقافي والهوية الفلسطينية، تم تسجيل "الدبكة الشعبية"، على قائمة منظمة التربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، وحول ذلك يقول وزير الثقافة الفلسطيني: "الدبكة الشعبية" ليست مجرد رقصة تقليدية أو حركات تعبيرية فهي تعكس التقاليد الفلسطينية المرتبطة ببناء المعبد الكنعاني وبعد ذلك ارتبطت بالبيت الفلسطيني، وبالتالي الحفاظ على التراث الفلسطيني هو جزء من المعركة لإزاحة رواية العدو، لأن صراع الرواية يتطلب منا التمسك بروايتنا حتى تنحدر هذه الكذبة التي يخدعون بها العالم، ووجود الفلسطينيين على الطبلة تعني أن هذا المشروع الصهيوني لن يدوم وبالتالي لن يتحقق حلم المحتل في القضاء على غزة مهما برزت من سياسات وقوى وأسلحة مدمرة فلن ينتهي هذا الشعب، وستظل غزة مثل البحر ينتظر عودة مراكب العائدين إلى شواطئ البلد مثلما ذهبوا منها".
ويضيف: "تسجيل الدبكة الشعبية الفلسطينية على القائمة يعتبر الملف الثالث المسجل باسم فلسطين بعد ملفي "الحكاية الشعبية" و"فن التطريز الفلسطيني"، وهذا القرار انتصار جديد لشعبنا ضد الكيان الصهيوني، فالدبكة مرتبطة بشكل كبير للغاية بحياة الفلسطينيين فلا يمكن تخيل حفل ولا زفاف ولا تجمع فلسطيني دون الدبكة، لذا تم اختيارها للتسجيل، وهذا الأمر تطلب منا تجميع مواد تاريخية والتأكيد على أن شعبنا في كافة أماكن تواجده يقوم بهذه الممارسة، وقمنا بإجراء لقاءات مع حاملي التراث الذين يمارسون الدبكة في المخيمات اللبنانية والسورية والأردنية، كما في غزة وفي كل بقاع فلسطين، بهدف التأكيد على أن هذا الفن الفلسطيني الأصيل مازال ممارسًا وأن شعبنا منذ 6000 عاما وهو يمارس هذه العادة".
وتابع: "إسرائيل تحاول إعاقة كل جهود الدولة الفلسطينية في الحفاظ على تراثها كما تحاربنا كبشر وتقتلنا وتدمر بيوتنا، فهي تريد سرقة تراثنا حتى ينسى الأجيال الجديدة هذا التراث ويفقد هويته، وبالتالي كان تسجيل الدبكة الشعبية بمثابة المعركة، ونحن نعمل حاليًا أيضًا على تسجيل "الصابون التقليدي"، فكما ذكرت نحن في صراع البقاء والوجود مع المحتل الذي يستهدف الوجود الفلسطيني والحكاية الفلسطينية على مرأى ومسمع العالم".
واختتم حديثه: "الحركة الصهيونية كانت ترغب في أن تكنسنا النكبة كما يكنس الغبار على عتبات البيوت، وأن ينتهي الشعب الفلسطيني وألا نبقى في هذه البلاد، ولكننا بقينا رغم تدمير المدن وسرقة الممتلكات والبيوت وتهجير الأهالي، وبقي شعبنا صامدًا ومثابرًا يحلم ولا يعرف هدفًا إلا العودة لفلسطين بلد الأجداد والآباء".