رغم تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالجلوس والنقاش "طالما كان ذلك ضروريًا" لتمرير تعديل ميزانية عام 2024، إلا أن اجتماع الحكومة الإسرائيلية، الأحد، سرعان ما تحول إلى حلبة للصراع.
ووفقًا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، تبادل الوزراء الإسرائيليون الإهانات، وخرج وزير التعليم يوآف كيش -من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو- من الغرفة غاضبًا.
ووفقًا للقناة 12 العبرية، فقد قال "كيش" في وجه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش "أنا لست مهتمًا بالسماع منك أو من جماعتك"، خلال المناقشة. مُعلنا أنه "غير مهتم" وانسحب ليتبعه وزير الثقافة والرياضة، ميكي زوهار.
وبعد اشتباكه مع كيش، انتقد سموتريتش وزير الطاقة، المعين أخيرًا، إيلي كوهين، وذلك لأنه "طرح أسئلة".
تخفيضات كبيرة
في حين وافق المشرعون في الكنيست الإسرائيلي على ميزانيات الدولة لعامي 2023 و2024، التي يبلغ مجموعها حوالي 998 مليار شيكل (270 مليار دولار)، في مايو الماضي، أدى اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر إلى قلب الخطط المالية للحكومة رأسًا على عقب.
هكذا، أُجبر المشرعين الإسرائيليين على تمرير ميزانية تكميلية بقيمة 28.9 مليار شيكل (7.85 مليار دولار) لعام 2023 في ديسمبر، وذلك لتغطية تكاليف القتال المستمر، بالإضافة إلى النفقات المدنية.
وبحسب الإعلام الإسرائيلي، يكلف العدوان على قطاع غزة ما لا يقل عن مليار شيكل (269 مليون دولار) يوميًا.
وفي رسالة مفتوحة إلى زملائه، نُشرت على موقع الأخبار الوطنية الإسرائيلية صباح الأحد، حذر وزير المالية سموتريتش من أنه "لا توجد وجبات مجانية"؛ وأن "الحرب تتطلب تغييرًا مؤقتًا في الأولويات وتأجيل أشياء مهمة أخرى".
وكتب: "أتفهم غضبكم تجاهي في الأيام القليلة الماضية"، معتبرًا أن "تخصيص الميزانيات للمجهود الحربي هو معنى المسؤولية الوطنية".
بسبب التكلفة الباهظة للعدوان على غزة، اقترحت وزارة المالية الإسرائيلية زيادة إجمالية في الميزانية بقيمة 68.4 مليار شيكل (18.3 مليون دولار)، إلى جانب خفض الإنفاق الشامل بنسبة 3% من جميع الوزارات الحكومية.
أيضا، اقترح سموتريتش تخفيض قدره 2.5 مليار شيكل (670 مليون دولار) من ميزانية تبلغ 8 مليارات شيكل من أموال مخصصة لمشاريع خاصة بأعضاء الكنيست والوزراء.
ووفقًا للاقتراح الذي تتم مناقشته، سيتم تخفيض ميزانية وزارة التعليم بنحو 891 مليون شيكل (239 مليون دولار)، وميزانية وزارة الصحة بمبلغ 440 مليون شيكل (118 مليون دولار)، وميزانية الشؤون الاجتماعية بمقدار 163 مليون شيكل (44 مليون دولار).
وفي حين يتجنب مقترح الميزانية زيادة الضرائب الفردية، فإنه يتضمن زيادة بنسبة 1% في ضريبة القيمة المضافة؛ التي المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في عام 2025، لتصل إلى 18%، فضلًا عن ضرائب جديدة على أرباح البنوك والتبغ.
كذلك لا تتضمن الخطة الحالية أي تقليص لعدد الدوائر الحكومية، على الرغم من توصية وزارة المالية بإغلاق 10 وزارات حكومية زائدة عن الحاجة -وزارة المستوطنات والبعثات الوطنية، ووزارة القدس والتقاليد اليهودية، ووزارة المخابرات- لتغطية العجز في ميزانية الحرب.
بلا معنى
تنقل صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن إيتاي أتر، أستاذ الاقتصاد في جامعة تل أبيب ورئيس مجموعة الاقتصاديين الإسرائيليين، قوله إن حكومة نتنياهو "بحاجة إلى اتخاذ قرارات فعلية بشأن ما هو مهم وما هو غير مهم، بدلًا من مجرد خفض الميزانيات".
وأضاف: "إن قطع أموال الائتلاف والوزارات الخارجية سيوفر مليارات من الشيكل. رغم أن ذلك لن يكون كافيًا لتعويض تكاليف الحرب، إلا أنه سيقطع شوطًا طويلًا نحو بناء الثقة في قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات صعبة".
ولفت نائب رئيس الكنيست اليميني موشيه روث -حزب التوراة اليهودية الموحدة- إلى أن المبلغ الذي سيتم توفيره عن طريق إغلاق هذه الوزارات "سيكون بلا معنى" مقارنة بالمبلغ الإجمالي في الميزانية.
وقال: "أنا أوافق بالتأكيد على أنه يجب أن تكون هناك تخفيضات، لكنني أعتقد أنه يجب أن يتم ذلك بطريقة ذكية لا ينبغي أن تلحق الضرر بالخدمات العامة الضرورية أكثر مما هو مطلوب".
وبينما لم يقرر عضو مجلس الوزراء الحربي وزعيم حزب "الوحدة الوطنية" بيني جانتس -الذي حث نتنياهو في السابق على خفض أموال الائتلاف- أن حزبه لم يقرر بعد كيف سيصوت على التغييرات في ميزانية 2024.
وكان نواب حزب جانتس قد امتنعوا عن المشاركة في التصويت على ميزانية 2023 المعدلة.
لكن، أعلن عضو الكنيست جدعون ساعر -حزب الوحدة الوطنية- أنه ينوي التصويت ضد الميزانية، لأنه شعر أنها "تفتقر إلى قرارات صعبة سياسيًا"، مثل تخفيض رواتب المسؤولين.
تذمر في الائتلاف
في بداية اجتماعهم بعد ظهر الأحد، قال نتنياهو لمجلس الوزراء: "علينا جميعًا أن نتقاسم العبء"، مجادلًا بأن الحرب المستمرة تتطلب "تكيفات وزيادة في العجز" من أجل إدارة الحرب.
لكن، أعرب أعضاء في الائتلاف -بما في ذلك حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو- عن تحفظات كبيرة بشأن الميزانية. مشيرين إلى التخفيضات الكبيرة في كل شيء، من التعليم إلى النقل.
وفي رسالة إلى نتنياهو، حذّر وزير الاتصالات شلومو كارهي -الليكود- من أن تخفيضات الميزانية "يُمكن أن تضر البنية التحتية للاتصالات في البلاد بطريقة يمكن أن تعرض الأرواح للخطر".
كما كتب وزير شؤون الشتات عميحاي شيكلي -الليكود- ووزير الداخلية موشيه أربيل -شاس- إلى نتنياهو بخصوص الميزانية.
وقال أربيل إن الحكومة "يمكنها التوسع دون خفض". داعيًا نتنياهو إلى زيادة الدين الوطني بدلًا من خفض ميزانيات الخدمات العامة.
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير -العظمة اليهودية- ووزيرة المواصلات ميري ريجيف -الليكود- أعربا عن معارضتهما أيضًا.
ونقلت الصحيفة تحذيرهما من أن الميزانية الجديدة "ستجمد تجنيد الشرطة، وتضر بالبنية التحتية للنقل العام في البلاد".
كما احتجت وزيرة حماية البيئة، عيديت سيلمان، على التخفيضات، التي قالت إنها قد تسبب "ضررًا بيئيًا شديدًا".
وقال مسؤول في وزارة الشؤون الاجتماعية لصحيفة "هآرتس" إن التخفيضات المقترحة في ميزانية الحكومة "ستشكل ضربة قاضية للخدمات الاجتماعية في عام 2024".