الدعم الأمريكي لإسرائيل في حربها على غزة كان بمثابة اللعنة التي أصابت جو بايدن وكبّدته خسائر على مستويات مختلفة، فلم يحقق الهيمنة المطلوبة على إسرائيل التي رفضت كل مطالبه تقريبًا خلال الحرب، كما تسببت في تعثر حملته لإعادة انتخابه التي قد يخسر بسببها الرئاسة أمام منافسه المتوقع دونالد ترامب، كما لم يسلم الداخل الأمريكي من الأمر، حيث يعتزم موظفون فيدراليون في 22 وكالة اتحادية ترك وظائفهم احتجاجًا على تعامل الإدارة الأمريكية مع الحرب في غزة.
إحباط بايدن
وبعد مرور 100 يوم على بدء الحرب التي لا تزال أوزارها مشتعلة في غزة، فقد تحدثت وسائل إعلام عبرية عن اتساع هوة الخلاف بين أمريكا وإسرائيل بسبب رفض رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكل الطلبات التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية للوصول إلى حل، لدرجة وصلت إلى عدم تواصل الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نتنياهو لمدة 20 يومًا، وفق موقع "والاه" العبري.
أحد كبار المسؤولين الأمريكين وصف الوضع الحالي بين بايدن ونتنياهو بأنه "وضع فظيع، فصبر الرئيس بدأ ينفد"، وأن الرئيس بايدن وغيره من كبار المسؤولين في إدارته يتزايد الإحباط لديهم من سلوك نتنياهو بعد رفضه لجميع الطلبات الأمريكية تقريبًا في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بالحرب في غزة والوضع في الضفة الغربية.
احتجاج 22 وكالة اتحادية
موقع "المونيتور" أفاد أن الموظفين الفيدراليين في 22 وكالة اتحادية في الحكومة الأمريكية يعتزمون ترك وظائفهم احتجاجًا على تعامل إدارة بايدن مع الحرب في غزة، حيث تتألف المجموعة، التي تطلق على نفسها اسم "الفيدراليون المتحدون من أجل السلام"، من عشرات الموظفين الحكوميين الذين سيقيمون "يوم حداد" بمناسبة مرور 100 يوم على الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وبحسب القائمة التي حصل عليها "المونيتور"، فإن الموظفين يشملون أيضًا موظفين في البيت الأبيض، ووكالة الأمن القومي، ووزارة الخارجية، والبنتاجون، ومكتب الأمن الداخلي، ومكتب شؤون المحاربين القدامى، بالإضافة إلى وزارة الجنسية الأمريكية، وخدمات الهجرة ومختبر الأبحاث البحرية، إضافة إلى موظفين آخرين من المتوقع أن ينضموا إلى الاحتجاج قادمين من إدارة الغذاء والدواء، وخدمة المتنزهات الوطنية، وإدارة الطيران الفيدرالية ووكالة حماية البيئة.
ويعكس الاحتجاج الغضب المتزايد بين المسؤولين الأمريكيين بشأن رفض إدارة بايدن الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وقال أحد منظمي الاحتجاج إن مبادرتهم "نشأت من رغبة جماعية في بذل كل ما في وسعنا للتأثير على سياسة إدارة بايدن بشأن هذه القضية، ما تراه في هذا الجهد هو شيء غير عادي للغاية، وهو أن المقاومة يتم التعبير عنها من خلال العمل الجسدي، وشعرنا بالتزام أخلاقي وواجب وطني لإحداث التغيير من الداخل، وفق "المونيتور".
ويأتي احتجاج الموظفين الأمريكيين بسبب تزويد واشنطن إسرائيل بالقنابل التي تزن 900 كيلوجرام والتي دمرت غزة، إضافة إلى أطنان من الأسلحة الأخرى، كما استخدمت أمريكا حق النقض (الفيتو) ضد مطالب الأمم المتحدة والعالم بوقف إطلاق النار ودخول وتوصيل المياه والغذاء والمأوى والدواء إلى غزة لإعالة 1.9 مليون من سكان غزة الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب الهجوم الإسرائيلي. الجفاف والمجاعة والأمراض تطارد أنقاض غزة، وفق الصحيفة.
وسيكون الوقف بمثابة تعبير عام غير مسبوق عن المعارضة والغضب تجاه بايدن والوفد المرافق له لرفضهم الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وحتى الآن، استقال اثنان فقط من المسؤولين الحكوميين بسبب تصرفات الإدارة الأمريكية، الأول والأبرز كان جوش بول، الذي كان مديرًا لقسم شؤون الكونجرس والشؤون العامة وكان يتعامل مع القضايا السياسية والعسكرية، الذي قال إن "الدعم الأعمى لجانب واحد" كان سببًا في قراره بالاستقالة من منصبه، وهناك آخرون كان من الممكن أن يحذوا حذوه، لكن ردعهم خطر فقدان وظائفهم، وفق الصحيفة.
الضربة الأكبر
قال أحد منظمي الإضراب للمونيتور: "عندما لا تؤدي المناقشات السياسية وبرقيات المعارضة إلى أي تغيير في السياسة، لا يوجد خيار آخر لأنه لا يتم الاستماع إليهم، لذا فكلما كانت الضربة أكبر، زادت احتمالية جذب انتباه بايدن ورفاقه".
ولم تحقق زيارات بلينكن إلى الإمارات العربية المتحدة وتركيا وقطر والبحرين والمملكة العربية السعودية والأردن وفلسطين وإسرائيل ومصر أي اتفاق بشأن وقف الحرب، وهو المطلب الرئيسي لزعماء المنطقة ومواطنيها، فيما قالت راندا سليم، زميلة معهد الشرق الأوسط ومقرها واشنطن: "إن المنطقة، باستثناء إسرائيل، ليست مهتمة بالاستماع إلى الأمريكيين حتى يدعو الأمريكيون إلى وقف إطلاق النار".
مظاهرات حاشدة
وشارك مئات الآلاف من الناخبين في المظاهرات المناهضة للحرب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، أمس السبت، حيث كان المتظاهرون خارج البيت الأبيض غاضبين للغاية ومسيئين لدرجة أنه تم "نقل" الموظفين - أي إجلاؤهم من المجمع.
وفي حملته المتعثرة لإعادة انتخابه، التي ترجع جزئيًا إلى موقفه بشأن غزة، قد يخسر بايدن الرئاسة أمام منافسه المتوقع دونالد ترامب، إذا كان هناك من هو أسوأ بالنسبة لهذه المنطقة من بايدن، فهو ترامب، وفق "المونيتور" الأمريكية.