بعد مرور 100 يوم على بدء الحرب، التي لا تزال أوزارها مشتعلة في غزة، لم تكن البدايات كالنهايات، فالحرب التي بدأت بدعم مفتوح ولا محدود من الإدارة الأمريكية دخلت في مرحلة الإحباط داخل البيت الأبيض بسبب أربع طلبات أمريكية رفضتها تل أبيب.
وسائل إعلام عبرية كثيرة بدأت تتحدث عن اتساع هوة الخلاف بين أمريكا وإسرائيل بسبب رفض رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لكل الطلبات التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية للوصول إلى حل، لدرجة وصلت إلى عدم تواصل الرئيس الأمريكي جو بايدن مع نتنياهو لمدة 20 يومًا، وفق موقع "والاه" العبري.
أحد كبار المسؤولين الأمريكيين وصف الوضع الحالي بين بايدن ونتنياهو بأنه "وضع فظيع، فصبر الرئيس بدأ ينفد"، وأن الرئيس بايدن وغيره من كبار المسؤولين في إدارته يتزايد الإحباط لديهم من سلوك نتنياهو بعد رفضه لجميع الطلبات الأمريكية تقريبًا في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بالحرب في غزة والوضع في الضفة الغربية المحتلة.
منذ حرب السابع من أكتوبر 2023، قبل 100 يوم، قدّم بايدن لإسرائيل دعمًا كاملًا شمل مساعدات عسكرية وسياسية غير مسبوقة، دفع مقابله ثمنًا سياسيًا باهظًا في قاعدة الحزب الديمقراطي خلال عام الانتخابات، لكن خلف الكواليس هناك دلائل متزايدة على أن الرئيس الأمريكي بدأ يفقد صبره مع نتنياهو، بحسب مسؤولين أمريكيين كبار، وفق موقع "والاه".
الرفض الإسرائيلي الأول
الرفض الإسرائيلي الأول لطلب بايدن كان في 23 ديسمبر الماضي، بعد ما بدأت علامات الإحباط تبدو على "بايدن" خلال مكالمة هاتفية بينه وبين نتنياهو رفض خلالها رئيس وزراء إسرائيل طلب الرئيس الأمريكي بالإفراج عن أموال الضرائب التي تجمدها إسرائيل، وقتها قال بايدن المحبط لنتنياهو: "هذه المحادثة انتهت".. وأغلق الخط، وفقاً لثلاثة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين كبار مطلعين على محتويات المحادثة، وفق موقع "والاه" العبري.
الأيام العشرون الأخيرة مرت دون أن يتحدث بايدن ونتنياهو عبر الهاتف مرة أخرى، رغم أنهما كانا يتحدثان في الشهرين الأولين من الحرب كل يومين تقريبًا، فيما حاول المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، في مؤتمر صحفي، التقليل من أهمية انخفاض عدد المكالمات بين بايدن ونتنياهو، وقال "لا نقول شيئًا عن العلاقة بين الزعماء أو العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة".
الرفض الثاني
وفي الأيام الأخيرة، ظهر مزيد من الدلائل على تزايد التوتر لدى مسؤولي الحكومة الأمريكية، وقال أحد كبار المسؤولين الأمريكيين: "هناك إحباط هائل تجاه نتنياهو"، كما قال آخرون: "إن سبب الإحباط المتزايد لدى بايدن هو رفض نتنياهو العنيد الاستجابة لطلبات بشأن قضية مهمة للإدارة الأمريكية، وهي رغبة البيت الأبيض في رؤية إسرائيل تنتقل إلى المرحلة الثالثة من العملية في قطاع غزة، التي سيتحول فيها الجيش الإسرائيلي إلى قتال منخفض الكثافة".
ووافقت الإدارة الأمريكية على الاتفاق مع الجدول الزمني الإسرائيلي، الذي سيتم بموجبه الانتقال إلى المرحلة التالية من القتال في نهاية يناير، لكن مسؤولين أمريكيين كبار بدأوا الأيام الأخيرة في التعبير عن قلقهم من أن هذا لن يحدث، في ظل الوضع القتالي الحالي في قطاع غزة، وخاصة في خان يونس.
موقع "والاه" العبري ذكر أنه "إذا لم تغير إسرائيل بشكل كبير طبيعة العمليات في غزة في الأسابيع المقبلة، فسيكون من الصعب جدًا على بايدن تقديم الدعم نفسه الذي قدمه حتى الآن لعملية الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة".
الرفض الثالث
ويقول مسؤولون أمريكيون كبار: "إن الإحباط في البيت الأبيض تجاه نتنياهو ينبع من أسباب أخرى، حيث إن بايدن ومستشاريه يعتقدون أن إسرائيل لا تفعل ما يكفي للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة".
كما يشعر الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته أنتوني بلينكن ومسؤولون كبار آخرون بالإحباط الشديد لأن نتنياهو ليس على استعداد لإجراء مناقشات جادة حول خطط اليوم التالي للحرب في غزة، ويرفض الخطة الأمريكية لدمج "السلطة الفلسطينية المتجددة"، في إدارة القطاع بعد الإطاحة بحكم حماس.
الرفض الرابع
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، عندما سئل عن الإحباط المتزايد لدى الرئيس، إن "الإدارة تركز على التأكد من أن إسرائيل قادرة على زيادة المساعدات لقطاع غزة للتخفيف من معاناة السكان المدنيين الفلسطينيين وعلى الجهود المبذولة لتحرير المختطفين".
وقال مسؤولون كبار في الإدارة الأمريكية إن زيارة وزير الخارجية الأمريكي لإسرائيل الأسبوع الماضي لم تؤد إلا إلى زيادة الإحباط في البيت الأبيض ووزارة الخارجية في واشنطن تجاه نتنياهو.
وأدرك بلينكن وفريقه خلال الزيارة أن رفض نتنياهو الإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية يضر بالجهود الأمريكية لتعزيز الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، وفقًا لمسؤولين كبار في الإدارة، فيما كشف مصدران أن الرئيس الفلسطيني أبو مازن أبلغ بلينكن أنه مستعد لتشكيل حكومة جديدة كما تطلب الإدارة، لكنه أكد أن مثل هذه الحكومة لن تتمكن من تولي السلطة دون أموال، وأن أموال الضرائب تشكل جزءًا كبيرًا من الميزانية، وفق الموقع العبري.
تقديم رؤية بديلة
ويعترف مسؤولون أمريكيون كبار بأنه "من الصعب التصديق" أن نتنياهو سيغير اتجاهه ويوافق على ما تتضمنه مثل هذه الصفقة -خاصة فيما يتعلق بمسار إقامة الدولة الفلسطينية- لكنهم يؤكدون أنهم يريدون أن تكون هذه الفكرة علنية في الشرق الأوسط. من أجل تقديم رؤية بديلة لما يخشونه من حرب لا نهاية لها في غزة.
وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، الذي كان على اتصال وثيق مع كبار المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية منذ بداية الحرب، إن الإدارة يجب أن تشعر بالإحباط الشديد بسبب الوضع، إنهم يتوسلون إلى نتنياهو لكنهم يتعرضون للصفع على الوجه مرة تلو الأخرى".