اكتسب ملف خروج القوات الأمريكية من العراق، زخمًا قويًا، بعد تصريحات رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني، بضرورة إنهاء وجود التحالف الدولي في بلاده، وتأكيده أن هذا التزام لن تتراجع عنه حكومته، إذ يتزامن مع سلسلة من الضربات سواءً على القوات الأمريكية، أو الضربات الأمريكية على فصائل مرتبطة بإيران، تعد جزءًا من قوات الأمن العراقية الرسمية.
السوداني قال إن بلاده، تريد خروجًا منظمًا وسريعًا للقوات العسكرية التي تقودها أمريكا من أراضي العراق عبر "التفاوض"، إلا إنه لم يحدد الموعد النهائي لذلك، وأرجع السبب إلى أن وجود تلك القوات مزعزع لاستقرار بلاده في ظل التداعيات الإقليمية لحرب غزة، بحسب "رويترز".
وأكد رئيس الوزراء العراقي، أن العلاقة بين بلاده وتلك القوات، يجب أن يُعاد ترتيبها بالشكل الذي لا يجعلها "هدفًا وملفًا ومُبرِرًا لأي جهة داخلة أو خارجية للعبث باستقرار العراق"، مشيرًا إلى أن الخروج يجب أن يتم في إطار عملية تفاهم وحوار عن طريق التفاوض.
وأشار إلى أنه يسعى للتفاوض على جدول زمني متفق عليه يكون في وقت "سريع"، حتى لا يتم إطالة أمد الوجود العسكري ما يجعل الهجمات مستمرة، مؤكدًا أن الحل الوحيد لعدم اتساع رقعة الصراع في المنطقة، هو وقف الحرب على غزة.
وحذر السوداني من اتساع الصراع، في منطقة حساسة للعالم تمثل ثقلًا لإمدادات الطاقة، إلى جانب زيادة التطرف والعنف، وليس في المنطقة وحدها بل في العالم أجمع.
ردّ البنتاجون
في أول تعليق لوزارة الدفاع الأمريكية، الاثنين الماضي، قالت إنها لا تخطط حاليًا لسحب قواتها البالغ عددها نحو 2500 جندي من العراق، رغم إعلان بغداد قبلها بأنها بدأت عملية تهدف لإنهاء مهمة التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة بها.
وقال الميجور جنرال بالقوات الجوية باتريك رايدر، إنه لا علم لديه بأي خطط للانسحاب، وأن القوات تركز على مهمة هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي، مؤكدًا أن القوات الأمريكية موجودة هناك بدعوة من الحكومة العراقية.
لجنة لإنهاء مهمة التحالف
في 5 يناير الجاري، أعلنت الحكومة العراقية، تشكيل لجنة ثنائية لتحديد ترتيبات إنهاء مهمة التحالف، بعد يوم واحد من مقتل قائد في الحشد الشعبي، بعملية شنها الجيش الأمريكي في بغداد.
وأكد بيان لمكتب "السوداني"، الجمعة الماضي، أن الحكومة بصدد تحديد موعد بدء الحوار من خلال اللجنة الثنائية التي شكلت لتحديد ترتيبات إنهاء وجود التحالف، وشدد على أنه التزام لا تراجع عنه، لاستكمال السيادة الوطنية على أرض وسماء ومياه العراق.
وفي تصريحه خلال الحفل الرسمي المركزي لتأبين قادة النصر، قال إنه قبل 4 سنوات وتحديدًا في 3 يناير 2020، ارتكبت الإدارة الأمريكية فعلًا شنيعًا إذ قتلت قائدًا عسكريًا عراقيًا، هو نائب رئيسِ هيئةِ الحشد الشعبي جمال جعفر آل إبراهيم، "أبو مهدي المهندس"، واغتيال ضيف العراق الجنرال قاسم سليماني، والذي مثّل ضربة مضاعفة للعراق ولتقاليده وأعرافه واعتداء على دولتين.
وأشار إلى أن العراق مرتبط باتفاقية شراكة استراتيجية مع أمريكا، وعلاقات دبلوماسية، وتم خرق المبادئ الرئيسية للعلاقات الدولية وما نص عليه ميثاق الأممِ المتحدةِ من المساواةِ في السيادةِ بين الدولِ وحظرِ استخدامِ القوةِ في العلاقاتِ الدولية.
هجمات على القوات الأمريكية
تنشر واشنطن 2500 عسكري في العراق ونحو 900 في سوريا في إطار ما يسمى بـ"التحالف الدولي لمكافحة داعش" والذي تم تشكيله في عام 2014، وقال "رايدر"، إن المنشآت الأمريكية في العراق وسوريا تعرضت للهجوم 127 مرة منذ بدء تصعيد الوضع في المنطقة.
وأضاف أنه منذ 4 يناير، وقعت تسع هجمات، وفى المجمل تم تنفيذ 127 هجومًا، 52 في العراق و75 في سوريا، وهي الهجمات التي بدأت منذ بداية تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
دعوات سابقة
ولا تعد دعوات انسحاب القوات الأمريكية من العراق بالأمر الجديد، فمنذ سنوات ظلت دعوات الانسحاب موجودة، حتى إن البرلمان العراقي صوت في 2020 لصالح رحيل هذا التحالف، بعد أيام من اغتيال "قاسم سليماني".
وفي 2021، أعلنت الولايات المتحدة، نهاية مهمتها العسكرية في العراق، وتحولها لتقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن العراقية، إلا أن الأمور لم تتغير كثيرًا على أرض الواقع.
ثم عادت الدعوات إلى الواجهة مرة أخرى، مع اشتعال الحرب الإسرائيلية الفلسطينية، في ظل دعوة العديد من الجماعات العراقية التي أوصلت "السوداني" للسلطة، لخروج جميع القوات الأجنبية، في خطوة تسعى إليها طهران منذ فترة.
وأكد "السوداني"، أن إنهاء وجودها سيمنع المزيد من التوترات وتشابك الملفات الأمنية الداخلية والإقليمية، لكنه أكد أنه لا يريد أن يكون إنهاء التحالف وكأنه عملية طرد لهذه القوات، وإنما عملية تفاهم وحوار تؤدي للانسحاب بشكل طبيعي.
وأكد أن بلاده مستعدة للتعاون الأمني الثنائي مع كل الدول، بما فيها الولايات المتحدة، مؤكدًا أنها ليست عدوًا للعراق وأن بلاده ليست في حرب معها، محذرًا من أن استمرار هذه التوترات سوف يخلق فجوة في هذه العلاقة ويؤثر عليها.