بينما هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوروبا بـ"التجمد" خلال الشتاء عن طريق منع إمدادات الغاز؛ أفادت تقارير بأن أنظمة التدفئة في منازل عشرات الآلاف من الروس في منطقة موسكو وحدها صارت مهددة. بعد انفجار مصدر تدفئة رئيسي في معهد الأجهزة الدقيقة في مدينة كليموفسك بضواحي موسكو في 4 يناير.
ومع انتشار انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد، تأثر السكان في مناطق متعددة، بما في ذلك روستوف وسانت بطرسبرج وفولجوجراد وفورونيج، ولجأ بعضهم إلى تصوير مناشدات بالفيديو وهم يعانون بسبب درجات الحرارة تحت الصفر.
وفي أحد المقاطع، يشكو الروس من البرد القارس لدرجة التجمد، وأنه لم يعد أمامهم خيار سوى تدفئة منازلهم بمواقد الغاز والسخانات و "أي شيء آخر يمكن أن نجده". بينما يقوم آخرون بإشعال النيران في الشوارع للتدفئة.
انقطاع متكرر
في سبتمبر 2022، نشرت شركة الطاقة الروسية العملاقة "جازبروم" مقطع فيديو سعى إلى الاستهزاء بالغرب.
وتضمن الفيديو أغنية "الشتاء سيكون طويلا"، يظهر فيه رجل كتب على زيه الرسمي "جازبروم" وهو يغلق صمام الغاز، وبعد ذلك يبدأ "العصر الجليدي" في المدن الأوروبية.
لكن الأحد الماضي، أُجبر مركزان للتسوق في سان بطرسبرج -ثاني أكبر مدينة في روسيا- على الإغلاق بسبب مشكلات في الإضاءة والتدفئة، حسبما أفاد موقع 78Ru المحلي. كما انقطعت الكهرباء، أو الماء أو التدفئة، عن مئات المنازل الأخرى في المدينة لعدة أيام؛ وسط درجات حرارة تصل إلى -25 درجة مئوية.
كما اضطرت السلطات الروسية إلى تعويض ركاب قطار كان متوجهًا إلى سانت بطرسبرج في رحلة مدتها 20 ساعة، بقوا فيها دون تدفئة خلال درجات حرارة -30 درجة مئوية.
وأظهرت مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي نوافذ العربات متجمدة. وقال أحد الركاب إن المرحاض "لم يعمل أثناء الرحلة بسبب تجميد الأنابيب".
وصدر الاعتذار بعد أن ذكرت قناة Caution News الروسية، على منصة تيليجرام، أن الركاب لم يحصلوا على بطانيات أو مشروبات ساخنة أثناء الرحلة.
وقالت شركة الركاب الفيدرالية الروسية -وهي شركة تابعة للسكك الحديدية- إنها "تعتذر للركاب عن الإزعاج الذي تسببت فيه".
كما تم الإبلاغ عن انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في منطقة فورونيج غرب روسيا، وفي مدينة فولجوجراد بجنوب غرب البلاد، وفي منطقة روستوف المتاخمة لأوكرانيا.
شتاء طويل
أفاد كبير خبراء مركز "فوبوس" الروسي للأرصاد الجوية يفجيني تيشكوفيتس بأن ليلة الرابع من يناير في موسكو كانت الأشد برودة منذ بداية الشتاء، حيث انخفضت الحرارة إلى 27.1 تحت الصفر.
وكتب في صفحته على تليجرام: "بلغ الصقيع في موسكو إلى ذروته، وسجلت محطة الأرصاد الجوية الواقعة في مركز معارض عموم روسيا – 26.4 درجة تحت الصفر وفي محطة بالتشوج، الواقعة وسط موسكو، – 24.8 درجة تحت الصفر وفي منطقة توشينو بالمدينة – 27.1 درجة تحت الصفر".
وأضاف: "حتى صباح الخميس انخفضت درجة الحرارة إلى 26.9 - درجة تحت الصفر. وأصبح هذا الليل هو الأشد في الشتاء الجاري". مشيرًا إلى أنه لم يتم تسجيل مثل هذا الصقيع في موسكو -في 4 يناير- منذ 42 عامًا.
هكذا، وللسخرية، نقل تقرير لمجلة "نيوزويك" تغريدة كتبها أنطون جيراشينكو، مستشار وزير الشؤون الداخلية الأوكراني، الاثنين الماضي على موقع "إكس" قال فيها: "لقد وعدت روسيا بتجميد أوروبا، لكنها تجمد نفسها الآن. إن الحوادث في شركات المرافق منتظمة ولا تستطيع السلطات الروسية التعامل معها".
وأضاف: "بالمناسبة، فإن فرضية "تجميد أوروبا" يتم ذكرها بانتظام من قبل السلطات الروسية، التي تهدد بقطع الغاز عن الدول الغربية إذا لم يتم تلبية مطالب الكرملين السياسية. وكما نرى، فإن الروس في الواقع هم الذين يتجمدون".
خفض الاستهلاك الأوروبي
في مقابل مخاطر التهديدات الروسية بقطع الدفء، أشارت التقارير الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، إلى خفض الاتحاد الأوروبي في عام 2023 استهلاكه للفحم بأكثر من 20% مقارنة بالعام السابق.
ووفقًا لبيانات "يوروستات/ Eurostat " -منظمة الإحصاء الخاصة بالاتحاد الأوروبي- كانت احتياطات الغاز في الاتحاد الأوروبي في الصيف الماضي أعلى بـ 20 نقطة عن المعتاد فى ذلك الوقت من العام.
وفي النصف الأول من العام، خفّضت فنلندا استهلاكها من الغاز بنسبة 55.7% مقارنة بما فعلته في شتاء عام 2022.
وفي إسبانيا، اقترب الانخفاض في النصف الأول من العام من 11%، في المقارنة على أساس سنوي.
وتعتبر مالطا هي الدولة الوحيدة التى زادت استهلاكها من الغاز بين شهري يناير ويونيو 2023، وقد فعلت ذلك بنسبة 13% تقريبًا.