شهدت منطقة اليورو ارتفاعًا في معدل التضخم خلال شهر ديسمبر الماضي، بفعل زيادة في تكاليف الطاقة، مع استمرار انخراط الاتحاد في موجة تذبذب اقتصادية، ويعتبر هذا الارتفاع تغييرًا ملحوظًا بعد ستة أشهر متتالية من الانخفاض المستمر في معدل التضخم، مما يخفف الضغط على البنك المركزي الأوروبي لتقليص أسعار الفائدة.
وفقًا للأرقام الصادرة عن وكالة الإحصاء الأوروبية "يوروستات"، ارتفعت أسعار المستهلكين في بلدان الاتحاد الأوروبي المكون من 20 دولة، بمعدل سنوي قدره 2.9% في الشهر الماضي، مقارنة بنسبة 2.4% في نوفمبر، وكانت التوقعات التي أعلنها اقتصاديون توقعت قراءة أعلى قليلًا تصل إلى 3% لشهر ديسمبر.
زيادة تكاليف الطاقة
تزايد معدل التضخم الرئيسي يعود إلى انتهاء دعم الحكومة لتكاليف المرافق، جنبًا إلى جنب مع زيادة تكاليف الطاقة.
في التقدير السريع لشهر ديسمبر، وحافظ التضخم في أسعار الطعام والكحول والتبغ على بقائه في المعدل، مما يخفف بعض الضغط عن الأسر في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، إذ انخفض معدل التضخم في تلك الفئات من 6.9% في نوفمبر إلى 6.1% في الشهر الماضي.
تأتي هذه الأرقام في ظل تكهنات حول إمكانية بدء البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة، نتيجة لتفاقم التباطؤ الاقتصادي في منطقة اليورو، بعد رفع تكاليف الاقتراض إلى أعلى مستوى منذ إطلاق اليورو.
تتوقع الأسواق المالية بشكل واسع أن تخفض أكبر البنوك المركزية في العالم أسعار الفائدة هذا العام مع تراجع التضخم بعد صدمة جائحة كوفيد وحرب روسيا في أوكرانيا، في حين تتزايد المخاوف من ركود في عدة اقتصادات كبرى.
توقيت خفض سعر الفائدة
وعلى الرغم من ذلك، أشار اقتصاديون إلى أن بيانات التضخم لشهر ديسمبر من غير المرجح أن تؤثر بشكل كبير على توقيت أول خفض في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي، لأن زيادة في معدل التضخم كانت متوقعة على نطاق واسع بعد انتهاء دعم الطاقة.
وبحسب ما قال مايكل فيلد، الخبير الأوروبي في شركة "مورنينج ستارز" للاستشارات المالية، لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية، إنه "من المؤكد أن بعض المستثمرين سيشعرون بالقلق من أن هذا الارتفاع في التضخم قد يجعل البنك المركزي الأوروبي يتراجع عن خفض أسعار الفائدة في وقتٍ أقرب من اللازم، ولكن كان البنك المركزي دائمًا على علم بإمكانية حدوث هذا الارتفاع، وبالتالي لا ينبغي أن يؤثر ذلك على عملية اتخاذ القرار لديهم. كل الأعين تتجه نحو إصدار التضخم في الشهر المقبل، وما إذا كان بإمكاننا العودة إلى تلك الاتجاه الهابط المهم".
توقعت الأسواق المالية أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة ست مرات هذا العام، مع الحركة الأولى قد تأتي في وقت مبكر من الربيع. ومع ذلك، حذرت رئيسة البنك المركزي، كريستين لاجارد، من أنه لا يزال من السابق لأوانه "البدء في الاعتراف بالانتصار" على التضخم، مشيرةً إلى أنه سيتعين أن تظل الفائدة مرتفعة لفترة طويلة لضمان عودة التضخم إلى هدفها البالغ 2%.
وأشار جاك آلن رينولدز، نائب رئيس اقتصاد منطقة اليورو في شركة " كابيتال إكونوميكس" لـ"ذا جارديان"، إن الارتفاع في ديسمبر هو "مجرد انقطاع"، وأن التضخم في الاتحاد المكون من 20 دولة سيستمر على الأرجح في الانخفاض خلال الأشهر المقبلة.
وأضاف: "لم تظهر انخفاضات في أسعار منتجي الأغذية بشكل كامل حتى الآن على الأسعار المستهلكة.. يجب أن يستمر التضخم في السلع الأساسية في الهبوط مع استمرار تأثير تحسن الظروف العالمية للإمداد وتراجع أسعار الطاقة".