عازمًا على ما اعتبره قائده السبيل الوحيد لتحقيق السلام في السودان، يدك الجيش السوداني مواقع ميليشيا الدعم السريع في مدينة ود مدني، اليوم الثلاثاء، بينما لا آفاق واضحة نحو مفاوضات تفضي إلى هدنة في البلاد، مع دخول الحرب شهرها التاسع.
الجيش يدك تمركزات الدعم السريع
وشن الطيران الحربي التابع للجيش النظامي في السودان، صباح اليوم الثلاثاء، قصفًا جويًا عنيفًا في محيط الفرقة الأولى مشاه وبالقرب من السوق الكبير بود مدني، حيث مواقع تمركزات ميليشيا الدعم السريع في المدينة الواقعة بولاية الجزيرة، بحسب ما ذكرت صحيفة "الراكوبة" السودانية.
وأفادت وسائل إعلام محلية بينها صحيفة "المشهد السوداني"، بأن المواجهات العسكرية بين الجيش وميليشيا الدعم السريع تجددت في الخرطوم في عدة مواقع، وأن الطيران الحربي للجيش قصف أهدافًا للدعم السريع في منطقة شرق النيل والمعمورة شرق الخرطوم، وأن أعمدة الدخان تصاعدت من محيط سلاح المدرعات وحي الأزهري جنوب الخرطوم.
طريق إيقاف الحرب
وقال قائد الجيش السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان، في خطاب ألقاه قبل يومين بمناسبة الذكرى 68 لاستقلال السودان، إن الطريق لإيقاف الحرب واحد، وحدده في خروج الميليشيا المتمردة من ولاية الجزيرة ومن بقية مدن السودان، كما تم الاتفاق في إعلان جدة.
واشترط البرهان أيضًا، لتحقيق السلام، إعادة ميليشيا الدعم السريع "كل المنهوبات" من أموال وممتلكات المدنيين والمنقولات الحكومية، بالإضافة إلى إخلاء مساكن السودانيين والمقار الحكومية التي تسيطر عليها الميليشيا.
وشدد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، على أن أي وقف لإطلاق النار "لا يضمن" شروطه، لن يكون ذات قيمة.
انتهاكات الدعم السريع
وأينما حلت ميليشيا الدعم السريع، بات الخراب والسلب والنهب واستباحة النساء، واقعًا، إذ أجبر النزاع الدائر في ود مدني أكثر من 300 ألف سوداني على النزوح مجددًا عن ولاية الجزيرة، بعد أن لجأوا إليها، ونحو 200 ألف آخرين لا يزالون محاصرين هناك، هربًا من القتال في العاصمة الخرطوم التي ظلت محور القتال لفترة طويلة.
وأدانت لجان المقاومة في ود مدني، جرائم الدعم السريع، وانتقدت في بيان لها، اليوم الثلاثاء، استباحة ميليشيا حميدتي المدينة بالكامل بمجرد سيطرتها عليها، بعد أن تقدمت بمعظم أنحاء العاصمة السودانية، على الطريق السريع الرابط بين الخرطوم ومدينة ود مدني، وأخذت تسيطر على قرية بعد أخرى.
وأشار بيان مقاومة "ود مدني" إلى انتهاكات بدأتها ميليشيا الدعم السريع بمجزرة كبري حنتوب، حيث تمت تصفية وقتل مئات المواطنين، أثناء محاولتهم الفرار من المدينة وقت دخول الميليشيا، مرورًا بالعشرات من عمليات الاعتقال والاختطاف والاختفاء القسري لعدد من سكان الولاية، وجرائم الاغتصاب الممنهج الموجه ضد قاطنات دور الإيواء، واقتحام ونهب معظم أحياء ود مدني القديمة وتهديد سكانها والبطش بهم.
ولم تتوقف انتهاكات الميليشيا عند القتل والاغتصاب، بل عزمت على تدمير البنى التحتية والإنتاجية للمدينة ونهب الأسواق والسيارات والمستشفيات وفرع البنك المركزي بولاية الجزيرة، ونهب مخازن منظمة الغذاء العالمية والمخزون الاستراتيجي للولاية، بحسب رصد البيان، الذي نقلته صحيفة "المشهد السوداني".
توسع النزوح الثانوي
وحذر بيان أممي، من أن يؤدي التوسع المحتمل للنزاع في جنوب وشرق السودان إلى عمليات نزوح ثانوية، حيث يبحث المدنيون عن ملجأ في دول أكثر أمانًا، وذلك في أعقاب تسجيل أكبر موجة نزوح قدرت بأنها الأكبر في العالم بحسب الأمم المتحدة، بلغ قوامها 1.7 مليون شخص بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى الدول المجاورة.
وفي أعقاب استيلاء الدعم السريع على أجزاء من الجزيرة في 19 ديسمبر الماضي، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة في تقرير دوري عن الأوضاع الإنسانية إن" 509 آلاف شخص نزحوا بسبب تصعيد القتال في الجزيرة إلى مواقع أكثر أمانًا داخل الولاية، كما نزح 304 آلاف شخص إلى ولايات "سنار والقضارف وكسلا والبحر الأحمر ونهر النيل والنيل الأبيض والولاية الشمالية"، بحسب ما أوردت "الراكوبة".