على مدى السنوات الثلاث الماضية، خضعت الديمقراطية الأمريكية لاختبار حقيقي بطرق لم تشهدها ساحتها السياسية منذ عقود، إذ حاول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلغاء الانتخابات - لأول مرة - واقتحم أنصاره مبنى الكابيتول، لمنع الفائز من استلام السلطة؛ ودفعوا الولايات المحافظة إلى إقرار قوانين جديدة تجعل التصويت أكثر صعوبة.
وبينما فشلت محاولات ترامب في إلغاء نتائج انتخابات عام 2020، يواجه الآن اتهامات فيدرالية وأخرى على مستوى الولاية؛ إذ تشير جوانا ليدجيت، الرئيسة التنفيذية لمنظمة States United، التي تهاجم رافضي شرعية انتخابات 2020، إلى أن الاختبار الكبير الذي ينتظره الأمريكيون في عام 2024.
الجمهوري المنتقم
مرة أخرى، يترشح ترامب لانتخابات الرئاسة الأمريكية، ويهيمن على الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري مع اقتراب عملية التصويت الأولى، ومثلما يجمع الكثير من المؤيدين، هناك آلاف من المتحفزين ضده.
وقال نيكولاس ريكاردي، صحفي بوكالة أسوشيتد برس: "إن ترامب دعا للعفو عمن تمت محاكمتهم بتهمة الهجوم على مبنى الكابيتول، 6 يناير 2021، ويواصل الإصرار كذبًا على أن انتخابات 2020 "مسروقة"، ويقول إنه سيستخدم الحكومة الفيدرالية للانتقام من أعدائه السياسيين".
وأضاف أن الرئيس السابق "استخدم خطابًا استبداديًا بشكل متزايد في أثناء حملته للفوز بترشيح الحزب الجمهوري، وإذا فاز فإن حلفاءه يخططون لزرع الموالين له في الحكومة، حتى لا تعيق البيروقراطية خطط ترامب الأكثر إثارة للجدل، كما حدث خلال فترة ولايته الأولى".
ومع هذا، عندما سأل هيو هيويت الرئيس الأمريكي السابق، في حوار نشرته مجلة "نيويورك تايمز"، مطلع ديسمبر الماضي، عما إذا كان "يخطط لأن يصبح ديكتاتورًا؟"، أجاب ترامب: "لا على الإطلاق.. سأحكم كشخص يتمتع بشعبية كبيرة بين الناس".
تحديات وتخوفات
في سعيه لضمان الطريق إلى البيت الأبيض، استخدم ترامب استراتيجية هيمنة الجمهوريين في المجالس التشريعية للولايات المتأرجحة، ومناصب حكام الولايات. لكن منذ ذلك الحين، فقد الجمهوريون اثنين من المناصب الكبرى في ولايتي أريزونا ونيفادا، بالإضافة إلى مكتب حاكم أريزونا، والسيطرة على المجالس التشريعية في ولايتي متشيجان وبنسلفانيا.
وفي الكونجرس، أقر المشرعون مشروع قانون من الحزبين لإغلاق بعض الثغرات في فرز أصوات الهيئة الانتخابية التي حاول ترامب استغلالها للبقاء في منصبه.
والنتيجة، هي أنه سيكون من الصعب على ترامب أن يحاول قلب خسارته في عام 2024 مقارنة بعام 2020، لتبقى الطريقة الأكثر ترجيحًا لعودته إلى البيت الأبيض هي الفوز في الانتخابات بشكل مباشر.
ويلفت ريكاردي إلى أن انتخابات 2024 "يمكن أن تتسبب في كل أنواع الصراع، بما في ذلك السيناريوهات التي لم تتحقق بشكل ملحوظ في 2020"، وتشمل هذه السيناريوهات العنف أمام صناديق الاقتراع، أو الإفراط في العدوانية من قِبل مراقبي الاقتراع من الحزبين؛ أو ربما انهيار عملية فرز الأصوات و"هذا هو السيناريو الأسوأ".
وقال ريك هاسن، أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس: "هذا كله - يقصد إغلاق الثغرات أمام ترامب - لا يعني أن المخاطر انتهت، فقط يعني أننا خضنا الحرب الأخيرة بنجاح".
مكاسب أخرى
"عادةً ما يشعر الذين خرجوا من السلطة بأن الديمقراطية لا تعمل جيدًا بالنسبة لهم، لكن ترامب هو أول رئيس في التاريخ يواجه المحاكمة ويروج لرواية مفادها أنه يتعرض للاضطهاد من قبل خصمه المحتمل في الانتخابات"، كما يقول ريكاردي.
وقال ترامب إن القضايا الجنائية والمحاولات المتعددة لمنعه من الاقتراع بموجب بند التمرد في الدستور، هي شكل من أشكال التدخل في الانتخابات".
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أنه حتى الآن تمكن مؤيدو ترامب من تحقيق مكاسب داخل الحكومات المحلية للولايات في العديد من المناطق الريفية، كما تمكنوا أيضًا من توسيع سلطتهم داخل الهيئات التشريعية الجمهورية، من مجالس الولايات إلى الكونجرس، حتى أن نائب لويزيانا مايك جونسون، الذي ساعد في دعم الدعوى القضائية لإلغاء فوز بايدن، هو رئيس مجلس النواب الحالي.
و"إذا احتفظ جونسون بمنصبه في يناير 2025، فقد يكون في وضع يسمح له بتعطيل التصديق على فوز بايدن، كما يمكن للجمهوريين الأكثر استعدادًا لتخريب الديمقراطية أن يتمتعوا بنفوذ أكبر في المجالس التشريعية للولايات".