شهد العام الجاري الذي يشرف على النهاية، محاكمة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرتين، وتوجيه الاتهام إليه في أربع قضايا، وحكم عليه بملايين الدولارات، وبالتزامن مع مساعيه للعودة إلى البيت الأبيض، تعترض الرئيس السابق تحديات قانونية عدة، في عام 2024.
ويواجه الرئيس السابق ما يصل إلى خمس محاكمات منفصلة في العام الجديد، وأحكاما في قضيتين مدنيتين قد تكلفه هو وشركته مئات الملايين من الدولارات. وفي القضايا الجنائية الأربع، يواجه 91 تهمة جنائية، بما في ذلك بعض التهم التي تصل عقوبتها القصوى إلى السجن لمدة 20 عامًا، بحسب شبكة " إن. بي. سي. نيوز" الإخبارية الأمريكية.
وينطلق "مهرجان المحاكمات" يوم 16 يناير، من خلال دعوى التشهير التي رفعتها ضده الكاتبة إي. جين كارول التي أدانته هيئة محلفين مدنية في نيويورك بالاعتداء الجنسي عليها.
وتأتي المحاكمة، بعد يوم واحد من أول انتخابات تمهيدية للحزب الجمهوري بولاية آيوا، التي يتقدم فيها ترامب، حسب استطلاعات الرأي.
وتبقى مواعيد محاكمة ترامب في القضايا الجنائية التي يتابع فيها في حالة تغير مستمر بفضل استئنافاته والجهود المبذولة لتأخيرها إلى ما بعد الانتخابات، ولكن من الممكن أن يحاكم أيضا، في وقت مبكر من شهر مارس، إما في قضية التدخل في الانتخابات الفيدرالية في واشنطن العاصمة، أو قضية المدعي العام لمنطقة مانهاتن في نيويورك التي تزعم تزويره سجلات الأعمال.
ويدفع ترامب ببراءته في القضايا الجنائية الموجهة إليه ونفى ارتكاب أي مخالفات في القضايا المدنية. ويؤكد أن جميع القضايا "سياسية"، ويسعى إلى تأجيل المتابعات القضائية التي تواجهه إلى ما بعد انتخابات 2024.
وفيما يلي نظرة على أهم القضايا التي يتابع فيها ترامب خلال العام القادم، تزامنا مع الانتخابات التمهيدية، ثم الرئاسية إذا نجح في تجاوز منافسيه الجمهوريين.
جان كارول والتشهير
في التاسع من مايو الماضي، أدانت هيئة محلفين في محكمة مدنية في نيويورك، ترامب بـ"الاعتداء الجنسي" بحق الكاتبة إي. جان كارول، قبل 27 عامًا، وأمرته بأن يسدد غرامة مالية قدرها 5 ملايين دولار لتعويض العطل والضرر.
وبعد أسبوعين من الحكم تقدمت كارول، البالغة 79 عامًا، بشكوى جديدة اتهمت فيها ترامب بالتشهير على خلفية تصريحات أدلى بها لشبكة "سي. إن. إن" غداة صدور الحكم، وقال في إشارة إلى الصحفية السابقة "إنها مجنونة".
وعلى أثر الشكوى الجديدة لكارول، قدم ترامب دفوعًا مضادة، ردًا على رواية يقول إنها "مختلقة بالكامل"، مطالبًا بمحاكمة مدنية جديدة.
وستركز المحاكمة الجديدة، المقرر أن تبدأ في 16 يناير، على التعليقات التي أدلى بها ترامب بشأن كارول أثناء رئاسته وبعد الحكم الأول، عندما واصل انتقادها علنا. ومن المتوقع أن تستمر من ثلاثة إلى خمسة أيام، وفقا لـ "إن بي سي نيوز".
وتسعى كارول للحصول على تعويضات أكثر مما طلبته في المحاكمة الأخرى، بحجة أن تأثير التشهير كان أسوأ لأن ترامب كان رئيسًا عندما وصف حسابها بأنه مزيف و"وصمة عار" وادعى أنه لم يلتق بها مطلقًا.
ورفض القاضي الأمريكي لويس كابلان، الذي يرأس القضية، محاولات عدة من ترامب لتأجيل المحاكمة، وفي الأسبوع الماضي، لجأ ترامب إلى محكمة الاستئناف الفيدرالية في أحدث مساعيه للتأجيل. غير أن هذه المحكمة رفضت طلب التأجيل، أمس الخميس.
قضية الاحتيال بنيويورك
خلال هذا الشهر، انتهى تقديم الشهادات في القضية التي زعمت فيها المدعية العامة بنيويورك ليتيتيا جيمس، أن ترامب احتال لتضخيم صافي ثروته للحصول على معدلات قروض وتأمين أكثر ملاءمة. ومن المقرر أن يقدم الجانبان إيداعاتهما في 5 يناير.
وينتظر بعد ذلك، أن يتم تقديم المرافعات الختامية في 11 يناير، وقال قاضي الولاية، آرثر إنجورون، إنه يتوقع إصدار قرار مكتوب مع النتائج التي توصل إليها في الأسابيع التالية، وفقا للشبكة الأمريكية. وتجري المحاكمة في هذه القضية، ضد ترامب وضد ابنيه دونالد جونيور وإريك وغيرهم من المديرين التنفيذيين في "منظمة ترامب".
وحسب إن بي سي نيوز، تبقى المخاطر بالنسبة لترامب هائلة، حيث يسعى المدعي العام الأمريكي، إلى عقوبة تصل إلى 250 مليون دولار وحل تراخيصه التجارية في نيويورك.
وسبق أن أمر القاضي بتصفية الشركات التي تدير هذه الأصول مثل "برج ترامب" في الجادة الخامسة بنيويورك أو ناطحة سحاب يعود تاريخها لنحو مئة عام في وول ستريت. لكن الاستئناف علّق هذه الإجراءات.
وتتعلق المحاكمة بجنح أخرى عديدة مثل الاحتيال في مجال التأمين، وبغرامات مالية تناهز 250 مليون دولار يطلبها مكتب المدعي العام لولاية نيويورك.
لكن فريق الدفاع عن ترامب يتحدث عن ملف خال من الأدلة. ويؤكد محاموه أن عمليات تقييم العقارات تخضع بالضرورة لمعايير ذاتية، والمصارف التي تم تسديد المبالغ المتوجبة لها، نفذت عمليات مالية جيدة.
حكمان بـ"عدم الأهلية"
أصدرت ولاية ماين الأمريكية، أمس الخميس، قرارا ينص على "عدم أهلية" ترامب، للمشاركة في انتخابات الولاية التمهيدية لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وأزالت أكبر مسؤولة عن الانتخابات في ماين ترامب من لائحة الاقتراع لعام 2024، في قرار "مفاجئ" يستند إلى "حظر التمرد" الذي ينص عليه التعديل الرابع عشر من الدستور الأمريكي، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن".
وهذا القرار يجعل ماين، الولاية الثانية، التي تستبعد ترامب من الانتخابات، بعد أن أصدرت المحكمة العليا في كولورادو حكمها الذي أزاله من الاقتراع في وقت سابق من ديسمبر، في ضوء اتهامات تخص "تحريضه على التمرد" فيما يخص أحداث السادس من يناير عام 2021، التي شهدت اقتحام أنصار للرئيس السابق مبنى الكابيتول التابع للكونجرس الأمريكي في العاصمة واشنطن.
وأفاد خبراء قانونيون، صحيفة "واشنطن بوست"، بأن المحكمة العليا في البلاد وحدها القادرة على تسوية مسألة ما إذا كان هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول، يشكل تمردا وما إذا كان ترامب ممنوعا من الترشح.
التآمر في الانتخابات
وتتهم وزارة العدل الملياردير الأمريكي، بالتآمر مع مساعديه للضغط بشكل غير قانوني على المسؤولين الحكوميين المحليين وعلى المستوى الوطني، ودفع نشطاء الحزب للشهادة بطريقة احتيالية على انتصارات ترامب الوهمية في عدة ولايات فاز بها جو بايدن.
وقال المدعي الخاص، جاك سميث، في طلب قضائي، إن ترامب "التآمر ضد الدولة الأمريكية" وعرقلة إجراء رسمي وانتهاك الحقوق الانتخابية. وتشير لائحة الاتهام الواقعة في 45 صفحة، خصوصا إلى وجود "مشروع إجرامي"، وتتهمه بتقويض أسس الديموقراطية. وعلى خلفية هذه القضية، سيحاكم الرئيس السابق، في مارس في واشنطن.
قضية ستورمي دانيلز
وجهت لترامب في مارس الماضي، 34 تهمة جنائية تتعلق بعملية احتيال مفترضة بعد دفعه مبالغ مالية للتغطية على ثلاث قضايا قبل الانتخابات الرئاسية للعام 2016، بما في ذلك علاقة جنسية مع الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز، الأمر الذي ينفيه ترامب دائما، مصرا على أن القضية لها "دوافع سياسية".
ويتعلق التحقيق بمبلغ 130 ألف دولار، دفع قبل أسابيع من انتخابات 2016 للممثلة الإباحية كي لا تكشف عن علاقة جنسية قالت إنها أقامتها مع ترامب، قبل عقد من الزمن.
ويقول ممثلو الادعاء، إن المدفوعات لم تسجل بشكل صحيح، وهو ما قد يفضي عادة إلى توجيه تهمة ارتكاب جنحة تتعلق بتزوير سجلات تجارية.
لكن يمكن رفع التهمة إلى جناية في حال تمكن المدعي العام من إقناع هيئة المحلفين، بأن المدفوعات والحسابات المشتبه بها، جاءت في إطار التستر بهدف تمكين حملة ترامب الانتخابية من طمس الفضيحة.
والقوانين صارمة بشأن المبالغ التي يمكن للمرشحين المساهمة بها في حملاتهم الانتخابية، وتحويل الأموال سرا إلى صناديق الحملة الانتخابية قد يستدعي أحكاما بالسجن لعدة سنوات.
في حين أشار المدعون من مكتب المدعي العام لمنطقة مانهاتن، ألفين براغ إلى أنهم على استعداد لتأجيل المحاكمة المقررة في 25 مارس احترامًا لقضية التآمر لتغيير نتائج في الانتخابات، إلا أن الموعد لم يتم تأجيله رسميًا أبدًا.
وعن مستقبل القضية، يتوقع كلا الجانبين الحصول على تفاصيل بشأن سيرها في جلسة الاستماع التالية أمام قاضي الولاية، خوان ميرشان، في 15 فبراير. والتي يتوقع أن يحضرها ترامب، وفقا لـ"إن بي سي نيوز"
الوثائق السرية
وتلاحق الحكومة الأمريكية ترامب أيضا بتهم إساءة التعامل مع عشرات الوثائق السرية التي أخذها من البيت الأبيض أثناء مغادرته منصبه، بينها مخططات حول برامج عسكرية ونووية، والتآمر مع موظفيه لإخفائها عن المحققين في منتجعه مارالاجو ورفضه إعادتها.
ويدفع الرئيس السابق ببراءته في التهم الموجهة إليها، مشيرًا إلى أنه رفع السرية عنها عندما كان رئيسًا، ولكنه لم يقدم دليلًا على ذلك ورفض محاموه تقديم هذه الحجة في وثائق المحكمة.
وحددت القاضية الجزئية الأمريكية إيلين كانون، موعدا للمحاكمة في 20 مايو المقبل، لكنها تركت إمكانية تأجيلها مفتوحة في حكم صدر الشهر الماضي.
ومددت كانون أيضًا عدة مواعيد نهائية لتقديم الملفات وجلسات الاستماع، مما يشير إلى أنه من المحتمل أن تؤخر المحاكمة.
وموعد الجلسة القادمة هو الأول من مارس، حيث قال المتحدث باسم ترامب، ستيفن تشيونج، إنه من المتوقع أن "تتم مناقشة مسائل الجدولة المستقبلية، بما في ذلك الموعد المحتمل للمحاكمة".
جورجيا
ويواجه الرئيس السابق أكثر من 12 تهمة جنائية في إطار دعوى جنائية تتعلق بمحاولاته تغيير نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا عام 2020 التي تعرض فيها للهزيمة أمام بايدن.
وأواخر أغسطس، أكد ترامب، الذي أمضى نحو 20 دقيقة في سجن مقاطعة فولتون، حيث التقطت له صورة جنائية، مجددًا على أن المحاكمة -إلى جانب التهم الأخرى التي وجهت له- ذات دوافع سياسية.
وسعى الادعاء في البداية إلى تحديد موعد للمحاكمة في مارس، لكنها أجلت إلى شهر أغسطس. وقال المدعي العام للقاضي إن تحديد موعد أغسطس 2024 منطقي لأنه "من غير المرجح أن يخضع للتأخير أو التداخل مع المحاكمات الأخرى".
وقال محامي ترامب، ستيفن سادو، إن هذا التاريخ يعني أن موكله، الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه من المرجح أن يكون المرشح الجمهوري للرئاسة، سيحاكم خلال الانتخابات الرئاسية. واعتبر سادو، أن هذا: "سيكون التدخل الأكثر فعالية في الانتخابات في تاريخ الولايات المتحدة".