يشهد مجلس الشيوخ الأمريكي انتقادات من الأعضاء الغاضبين من تجاوز وزارة الخارجية الأمريكية، الكونجرس في موافقتها على بيع أسلحة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، بدأها السيناتور الديمقراطي تيم كين، عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، الذي طالب بـ"تفسير علني للأساس المنطقي وراء هذا القرار.. وهو القرار الثاني من نوعه هذا الشهر"، بحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
مبيعات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل
كانت الحكومة الأمريكية أعلنت، الجمعة الماضي، أنها وافقت "بشكل طارئ"، من دون المرور بالكونجرس، على بيع ذخائر مدفعية لجيش الاحتلال الإسرائيلى بقيمة 147.5 مليون دولار، قبلها كانت واشنطن وافقت بشكل طارئ أيضًا، في 9 ديسمبر، على بيع ما يقرب من 14 ألف قذيفة دبابة عيار 120 ملم لجيش الاحتلال، لاستخدامها في الحرب على غزة، بحسب وكالة "فرانس برس".
معارضة أعضاء الكونجرس
ويعارض السيناتور كين وغيره من الديقراطيين في مجلس الشيوخ مبيعات الأسلحة التي تقوم بها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تترافق مع تجنب تمريرها عبر الكونجرس.
وقال "كين" في بيان إنه يجب "أن تكون لدى الكونجرس رؤية شاملة رؤية كاملة بشأن الأسلحة التي تنقل لدولة الأخرى".
وأضاف أنه "مثلما يلعب الكونجرس دورًا حاسمًا في جميع شؤون الحرب والسلام، يجب أن يكون للكونجرس رؤية كاملة بشأن الأسلحة التي ننقلها إلى أي دولة أخرى. إن تجاوز الكونجرس دون داعٍ يعني إبقاء الشعب الأمريكي في الظلام".
كذلك قال السيناتور الديمقراطي، كريس فان هولن، إن قرار الإدارة الأمريكية "بتقليص ما هو بالفعل إطار زمني سريع لمراجعة الكونجرس يقوّض الشفافية ويضعف المساءلة".
وطلبت دولة الاحتلال إضافة صمامات ومفجرات وقذائف عيار 155 ملم إلى طلب البيع السابق، ما يزيد كلفته الإجمالية المقدرة من 96.5 مليون دولار إلى 147.5 مليون دولار ويتطلب إخطارًا جديدًا.
بلينكن يبرر
وقال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، إن "هناك حالة طوارئ تتطلب هذا البيع الفوري للحكومة الإسرائيلية"، ما يتيح عدم عرض الطلب على الكونجرس ليراجعه، بحسب البيان الذي أكد أن الذخائر ستأتي من مخزونات الجيش الأمريكي.
وعلّق خبير الأسلحة السابق في وزارة الخارجية الأمريكية جوش بول، على تصريحات بلينكن قائلًا، إن "قرار بلينكن بإطلاق هذه الذخائر غير الموجَّهة تُمكِّن إسرائيل من مواصلة نوع العمليات في غزة التي أدت إلى استشهاد الكثير من الفلسطينيين".
وأضاف "بول" الذي كان استقال في أكتوبر الماضي، احتجاجًا على سياسة الإدارة الأمريكية تجاه الحرب على غزة: "بينما تفكر إسرائيل في تصعيد الصراع ضد حزب الله في لبنان، وهي خطوة يقول مسؤولون أمريكيون إنهم يعارضونها، فإن نقل الأسلحة يعني أن المسؤولين الإسرائيليين لن يضطروا إلى اتخاذ خيارات صعبة بشأن المتطلبات الدفاعية". وأكد أن ما يحدث "أمر مخزٍ وجبان ويجب بصراحة أن يقلب معدة أي إنسان محترم".
ضغوط على الإدارة الأمريكية
وتواجه الإدارة الأمريكية ضغطًا متزايدًا فيما يتعلق بسياسة بايدن والدعم الذى تقدمه الحكومة الأمريكية لإسرائيل فى الحرب الوحشية التى تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
فى الكونجرس، يحث المشرعون بايدن على فرض شروط على المساعدات الأمريكية لإسرائيل، للضغط على دولة الاحتلال لتغيير مسارها أو الدفع من أجل وقف إطلاق النار، حيث طالب مشرعون ديمقراطيون فى إدارة بايدن بفرض رقابة على المساعدات الأمريكية لإسرائيل معربين عن مخاوفهم بشأن عدم كفاية المعلومات المقدمة مع استمرار الحرب في غزة.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في وقت سابق، أن مجموعة من الديمقراطيين فى مجلس النواب الأمريكى من خلفيات متعلقة بالأمن القومى، بعثوا برسالة إلى الرئيس جو بايدن، يقولون فيها إن الاستراتيجية العسكرية لحكومة الاحتلال فى الحرب على غزة ليست فى مصلحة الولايات المتحدة ولا فى مصلحة إسرائيل.
وحثت الرسالة على الاستمرار فى الضغط الأمريكى لتحقيق تحول فورى ومهم فى الاستراتيجية والتكتيكات العسكرية فى غزة.
وجاءت الرسالة في الوقت الذي يعرب فيه عدد متزايد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين عن قلقهم ويسعون إلى إضافة المزيد من القيود على الدول التي تتلقى المساعدات الأمريكية.
الأسلحة الأمريكية للاحتلال
وفى وقت سابق الشهر الجارى، كشف تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن الولايات المتحدة زوّدت جيش الاحتلال بـ100 قنبلة خارقة للتحصينات، وعشرات الآلاف من الأسلحة الأخرى لاستخدامها في الحرب على غزة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وبدأت عملية تزويد جيش الاحتلال بأسلحة وذخائر إضافية، تشمل 15 ألف قنبلة و57 ألف قذيفة مدفعية، بعد وقت قصير من هجوم الفصائل المباغت على مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر الماضى.
ومن جملة الذخائر التي نقلتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل أكثر من 5 آلاف قنبلة غير موجهة من طراز Mk82، وأكثر من 5400 قنبلة ذات رؤوس حربية من طراز Mk84 تزن ألفي رطل، ونحو ألف قنبلة ذات قطر صغير من طراز GBU-39، ونحو 3 آلاف قنبلة JDAM، التي تحوّل القنابل غير الموجهة إلى قنابل موجهة "ذكية"، وفقًا لقائمة داخلية للحكومة الأمريكية للأسلحة، التي وصفها المسؤولون الأمريكيون لـ"وول ستريت جورنال".
العدوان على غزة
وتأتي عملية البيع الأخيرة، في الوقت الذي يكثف فيه جيش الاحتلال الإسرائيلى عدوانه على قطاع غزة، متحديًا ضغط الولايات المتحدة على حكومة الاحتلال لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، وفق وكالة "رويترز".
وكان السيناتور الجمهوري بيرني ساندرز، قد دعا إدارة بايدن، منتصف ديسمبر، إلى "بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين في غزة" وانتقد سلوك الاحتلال في الحرب.
وأشار ساندرز إلى أنه "لا يؤيد تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لحكومة نتنياهو من أجل مواصلة الحرب الرهيبة ضد الشعب الفلسطيني".
ونزح جميع سكان قطاع غزة تقريبا البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم بسبب الهجمات المدمرة التي يشنها جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضى، وأودت بحياة 21 ألفًا و822 شهيدًا، وإصابة 56 ألفًا و451، فضلا عن فقدان آلاف آخرين تحت أنقاض المباني المدمرة.
ويتواصل عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لليوم السادس والثمانين على التوالي، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها، كما يمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود، وأدى العدوان إلى دمار هائل في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة.