حققت الدراما المصرية إنجازًا قويًا من خلال كسر جمود الثلاثين حلقة، الذي بدأته خلال السنوات الماضية ووصلت ذروته هذا العام، إذ شهد تقديم أعمال قوية لكبار النجوم واستقطابهم لتقديم عدد قليل ومُكثف من الحلقات، وهو ما يعيد للأذهان فترة ذهبية في تاريخ الدراما المصرية التي لا يكون المقياس فيها عدد الحلقات، لكن جودة المحتوى الإبداعي، وهو ما أسهم في عدم شعور المشاهد بالمط والتطويل الذي كان يحدث في السابق.
ويستعرض موقع "القاهرة الإخبارية" المسلسلات التي تحررت من قالب الـ30 حلقة، مركزة على جودة المحتوى دون مط أو تطويل، سواء داخل موسم رمضان أو خارجه، ورأي عدد من النقاد على انعكاس قلة عدد الأعمال على المستوى الإبداعي وتكثيف الأفكار الدرامية.
إنتاج دراما رمضان
تحرر الإنتاج الدرامي الرمضاني من الالتزام بتقديم 30 حلقة كشرط رئيسي للأعمال في أعوام سابقة، وزادت ملامح التحرر في عام 2023، إذ شاهدنا المزيد من الأعمال المُكثفة ذات الـ15 حلقة، وعملًا واحدًا فقط عبارة عن 20 حلقة، هو مسلسل "الكتيبة 101"، ومسلسلًا آخر 10 حلقات وهو " حرب".
7 مسلسلات في رمضان
شهد موسم رمضان الماضي 7 مسلسلات تتكون من عدد قليل من الحلقات، منها مسلسل " جت سليمة" للفنانة دنيا سمير غانم، "تحت الوصاية" لمنى زكي، "علاقة مشروعة" لياسر جلال، "مذكرات زوج" للفنان طارق لطفي، "كشف مستعجل" لمصطفى خاطر، "الصفارة" لأحمد أمين، "حرب" لأحمد السقا، و"الكتيبة 101" لعمرو يوسف.
مسلسلات خارج الموسم
أصبحت السمة الأبرز في الدراما التي تُقدم خارج موسم رمضان هي تقديم الفكرة في عدد قليل من الأعمال، مثل مسلسل "55 مشكلة حب"، الذي يعتمد على تقديم حكايات منفصلة بحلقات قليلة، "بالطو" ذو الـ10 حلقات، والجزء الثاني من مسلسل "ريفو"، ومسلسل "على باب العمارة"، وغيرها من الأعمال.
وكشف الناقد المصري رامي عبدالرازق، أن تقليل عدد الحلقات أكبر مكسب أضافته المتحدة للخدمات الإعلامية لصناعة الدراما، خلال السنوات الأخيرة، تحديدًا عام 2023، إذ يقول عن ذلك: "في الستينيات والسبعينيات كانت الحلقات عبارة عن 13 حلقة و10 حلقات، وكانت من أقوى الأعمال مسلسل "رأفت الهجان" رغم أن الجزء الأول منه تكون من 13 حلقة وقُدم في موسم رمضان، وأي ما كانت أسباب العودة إلى فكرة الـ15 حلقة سواء اقتصاديًا لتخفيض تكلفة الإنتاج أو تسويقها على المنصة الرئيسية "watch it" فهذا أكبر مكسب حدث للصناعة، وهذا لم يكن ليحدث لولا وجود جهة إنتاج قوية مثل الشركة المتحدة، إذ كسرنا حاجز الثلاثين حلقة وتقليلها إلى 15 و10 حلقات، وأتمنى أن نصل في 2024 أن يتم تناول العمل الدرامي في عدد الحلقات التي يحتاجها فقط وعدم التقيد بعدد محدد، ففي السابق كان لدينا السهرة التلفزيونية عبارة عن الثلاثيات والرباعيات والخماسيات والسباعيات والـعشر حلقات والـ15 حلقة".
وأضاف رامي عبدالرزاق: "من بين المزايا التي تضاف لإنتاجات المتحدة أن دراما خارج موسم رمضان تستقطب كبار النجوم ووجود أعمال جيدة على مدار العام، ونحن بحاجة إلى استثمارها والتركيز عليها في العام المقبل، بما يخلق مستوى تنافسيًا يُسهم في الارتقاء بالمستوى، وسنصل لذلك مع تنوع الموضوعات وعدم تكرارها وتكثيف الحلقات".
وأشار إلى وجود ميزة إضافية في دراما 2023 التي تنتجها المتحدة وهي تحرر الموضوعات من "الفورمات الأجنبية"، مضيفًا: "الفورمات مُضرة جدًا للعمل وتحدث نوعًا من الكسل في الإبداع، فالتحرر من الفورمات وقلة عدد الحلقات والإنتاج طول العام واستقطاب أسماء كبيرة تعد من أهم الإنجازات التي حدثت عام 2023، وأتمنى استثماراها عام 2024".
اتفق الناقد أندرو محسن مع رؤية رامي عبدالرازق، وقال إن من أهم المزايا التي تحققت هذا العام في الدراما المصرية هي كسر احتكار دراما الـ30 حلقة، وتقليل عددها، قائلًا: "الثلاثون حلقة تمثل فورمات مرهقة جدًا سواء للصناع أو كتاب السيناريو وكانت ملاحظة عند الجميع، فليس الكل قادرًا على كتابة 30 حلقة وليست كل الأعمال مثل مسلسل "زيزينيا"، وأعتقد أن هذا العمل إذا قُدم في 15 حلقة كان فقد كثيرًا من رونقه، وكذلك مسلسل "ليالي الحلمية" كانت مواسمه الأولى 15 حلقة، فالفكرة كلها تعتمد على مدى ملائمة الفكرة لعدد الحلقات".
وأضاف: "أنا أحب المسلسلات خارج موسم رمضان لأنها تتحرر من فكرة الـ15 حلقة الملزمة، وأنا أدرك أن موسم رمضان من الصعب تقديم 8 حلقات، فتقديم أعمال 15 حلقة أفضل وهناك أعمال نجحت في هذا الاختبار، ونحن بحاجة إلى أن نركز على فكرة العمل ومدى ملائمة عدد الحلقات لها، بعيدًا عن وجود ثلاثين حلقة أو 15 حلقة أو أقل من ذلك، فمثلا هناك أعمال كانت بحاجة لتقليلها بشكل أكبر مثل مسلسل "موضوع عائلي"، الذي قُدم على مدار 10 حلقات في حين أن أحداثه يتناسب تقديمها في 4 حلقات فقط".
أكد أندور محسن، أن عام 2023 شهد تنوعًا كبيرًا وأن المنصات الرقمية أسهمت في تقديم إنتاج أكثر غزارة، لكن نرى في أحيان كثيرة أعمال تُقدم لمجرد ملء فراغات أو أعمال جديدة تقدم على المنصات، ونرى أعمال ليست بنفس القوة ولكن تقديم أعمال مُثار اهتمام مثلما رأينا في مسلسل "سفاح الجيزة"، الذي أحدث ضجة كبيرة وحتى نهاية عرضه".