نشرت مجلة "بيزنس إنسايدر" الأمريكية تقريراً أشارت فيه إلى التحديات التي تواجه أساطيل الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة لدى أعتى القوات الجوية في العالم، متطرقة إلى المشكلات الفنية والهندسية التي تواجه كلاً من روسيا والصين والولايات المتحدة في مشروعاتها لتطوير أحدث أساطيل الطائرات المقاتلة.
وأوضح التقرير أن المقاتلة الروسية سوخوي سو-57 تفتقر إلى بعض مواصفات الجيل الخامس الحيوية، مثل خفة الملاحة، ما حال دون استخدامها على نطاق واسع في الحرب الأوكرانية.
كما تناول التقرير الصعوبات التي واجهتها الصين في تطوير المحركات المناسبة للمقاتلة جي-20، إلى جانب تحديات التصنيع الدقيق التي تحول دون الارتقاء بمستوى هذه الطائرة.
أما بالنسبة للمقاتلة الأمريكية إف-35 فقد تعرضت لانتقادات لاذعة بسبب مشكلات الصيانة وقلة الاعتمادية، إذ إنها لا تستطيع الطيران سوى لنصف الوقت، وهو ما يهدد مشروعًا تكلفته 1.7 تريليون دولار.
وخلص التقرير إلى أن الاستثمارات الضخمة في مجال الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة ما زالت تواجه تحديات كبيرة قبل أن تثمر عن النتائج المرجوة، لا سيما في مجالي الصيانة والاستدامة.
المقاتلة الروسية سوخوي سو-57
تُعد مقاتلة سوخوي سو-57 أول محاولة روسية لتصنيع طائرة مقاتلة من الجيل الخامس، إلا إن الخبراء شككوا في كونها تستوفي معايير هذا الجيل بالكامل، نظرًا للعديد من النواقص.
وقد تم تسليم أولى طائرات سو-57 إلى الجيش الروسي في عام 2020، ويُقال إنه لا يوجد سوى 10 طائرات من هذا الطراز في الخدمة حاليًا بحسب ما أشارت إليه المجلة، لكن وسائل الإعلام الروسية أفادت بأن هذا الرقم سيرتفع إلى 22 بحلول نهاية 2024، ثم إلى 76 بحلول 2028.
وكانت سو-57 شاركت في أولى مهماتها القتالية في 2018، كما زعم مسؤولون روس أنها شاركت في الحرب الأوكرانية، إلا إنه لم يُلاحظ وجود واسع النطاق لها هناك.
أحد التفسيرات لعدم المشاركة هذا النوع من الطائرات الحربية التي تم تصنيع طائرات الجيل الخامس من أجلها، هو أنها تفتقر إلى عدد من الخصاص التي تساعدها على التخفي، والتي لا تسمح لها بالعمل كمقاتلة مناسبة من الجيل الخامس، كما تشمل المشكلات المتعلقة بالطائرة صراع موسكو الواضح لتجهيزها بمحركات قادرة على التخفي ولوحات الجسم الموضوعة بإحكام والتي من شأنها تقليل توقيع البصمة الرادارية بشكل كافٍ.
في نهاية المطاف، فإن إحجام روسيا عن استخدام طائرات سو-57 في أوكرانيا يشير إلى أنهم لا يثقون في خصائص الطائرة الشبح المزعومة، كما أشار جاستن برونك، خبير القوة الجوية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة للمجلة.
بالإضافة إلى ذلك، قال إن الطائرة لا يمكنها حمل سوى نسخة أقدم من صاروخ جو-جو R-77، لافتًا إلى أنه يحتوي على "زعانف شبكية قابلة للطي تمنع حمله داخليًا على متن الطائرة وبالتالي يعرض تخفي الطائرة للخطر".
المقاتلة الصينية تشنجدو جي-20
دخلت المقاتلة الصينية جي-20 الخدمة في 2017، بعد 6 أعوام من أول تجربة طيران لها، لتصبح ثاني طائرة مقاتلة من الجيل الخامس بعد الأمريكية إف-22 رابتور.
ويقدر ما تملكه الصين بما يزيد على 200 طائرة من طراز جي-20، وتعتزم إجراء المزيد من الترقيات عليها، أبرزها تجهيزها بالمحرك الصيني دبليو إس-15 الذي يُمكّن الطائرة من الطيران بسرعات أعلى من سرعة الصوت دون استخدام المحركات الإضافية.
إلا إن صناعة هذا المحرك شكلت تحديًا كبيرًا أمام الصناعة الدفاعية الصينية لسنوات طويلة، مما اضطرها لاستخدام محركات صينية وروسية أقل تطورًا.
وفي معرض تعليقه على هذه التحديات، قال مايك داهم، ضابط استخبارات بحرية أمريكي سابق: "تواجه الصين تحديات في مجال التصنيع عالي الدقة اللازم لإنتاج هذه الطائرات، سواء في مجال المحركات أو مواد خفة الملاحظة أو علم المعادن".
فيما أشار إلى أن التحدي الآخر يكمن في مدى موثوقية محرك دبليو إس-15 حاليًا، مما قد يؤثر سلبًا على جاهزية الطائرة وتوافرها.
المقاتلة الأمريكية إف-35
تُعد إف-35 لايتنينج ثاني مقاتلة من الجيل الخامس في الولايات المتحدة بعد إف-22 رابتور، وطُورت لتنفيذ مهام هجوم أرضي وقتال جوي والحرب الإلكترونية.
دخلت الخدمة في 2019، وشاركت في دوريات في أوروبا والمحيط الهادئ، كما شاركت في بعض المهمات القتالية في الشرق الأوسط.
وتمتلك الولايات المتحدة حاليًا نحو 450 طائرة من طراز إف-35، وتعتزم شراء 2500 طائرة إضافية خلال العقود القليلة المقبلة، بتكلفة إجمالية تتجاوز 1.7 تريليون دولار أمريكي.
إلا إن هذا البرنامج الضخم واجه العديد من مشكلات الصيانة والاستدامة التي أثرت سلبًا على جاهزية الطائرة، ففي بداية عام 2022، كانت الطائرة قادرة على القيام بالمهام لأقل من نصف الوقت.
وحدد تقرير لمكتب المساءلة الحكومية الأمريكي في سبتمبر 2022 عدة مشكلات، من بينها نقص المعدات وقطع الغيار والبيانات الفنية والتدريب الكافي، مما يؤدي إلى تأخيرات في الصيانة وتراكم الطائرات بانتظار الإصلاح.
كما أشار التقرير إلى الاعتماد المفرط على الشركات المتعاقدة في أعمال الصيانة مما يقلل من قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات.
ويرجع سبب هذه المشكلات إلى تركيز البرنامج لسنوات طويلة على الإنتاج دون الاهتمام بالاستدامة والتكاليف، وهو ما بات يشكل تحديًا كبيرًا أمام استخدام هذه الطائرة بشكل فعال.
ويشير التقرير إلى أن مشروعات الجيل الخامس من الطائرات المقاتلة التي تنفذها روسيا والصين والولايات المتحدة تواجه تحديات تقنية وهندسية، إلى جانب تحديات الصيانة والاستدامة على المدى الطويل.
وستحتاج هذه الدول إلى بذل المزيد من الجهود والاستثمارات للتغلب على هذه العقبات، حتى تتمكن من الاستفادة الكاملة من إمكانات هذه الطائرات الهائلة، وتبقى في مصاف القوى العظمى المتنافسة على التفوق الجوي العالمي.