الجلوس على طاولة المفاوضات بدلاً من الحرب، خيار قد تُجبَر عليه إسرائيل، التي يبدو أنها لم تحسب تبعات حربها الوحشية على غزة، بعد ما استنزفت قدرات دولة الاحتلال، على الرغم من القوة الغاشمة التي لجأت إليها جوًا وبرًا، وبحرًا، إلا أن الخسائر الاقتصادية والعسكرية تلاحق جيشها وحكومتها.
وقف دائم ورفض الهدنة
وضعت الفصائل الفلسطينية حكومة إسرائيل أمام خيارين؛ إما مواصلة القتال، أو وقف دائم لإطلاق النار، رافضة مبدأ الهدنة المؤقتة، قائلة في بيان لها: "نؤكد مجددًا أنه لن تكون هناك مفاوضات دون وقف شامل للعدوان، وأننا ندعم وقف كامل وليس مجرد وقف مؤقت للمذابح التي يتعرض لها شعبنا".
وفي حصيلة غير نهائية، أسفر العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي عن استشهاد نحو 21 ألف مواطن، وإصابة نحو 54 ألفًا آخرين، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال.
خسائر في إسرائيل
ووضعت الفصائل الفلسطينية الكرة في ملعب حكومة الاحتلال، التي تتزايد خسائرها يومًا بعد يوم، إذ ارتفع العدد الإجمالي إلى 158 جنديًا منذ بداية الحرب، وهو ما يظهر مدى صعوبة القضاء على الفصائل الفلسطينية على النحو الذي تتوقعه إسرائيل، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".
وتخطت مجمل خسائر إسرائيل المدنية والعسكرية والتعويضية؛ بسبب الحرب على غزة 100 مليار دولار، بتكلفة يومية لقوات جيش الاحتلال بلغت 250 مليون دولار، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
أوصت وزارة المالية بإغلاق 10 وزارات حكومية زائدة عن الحاجة لتغطية عجز الميزانية، في ظل الحرب بقيمة 70 مليار شيكل (20 مليار دولار)، إلى جانب قائمة من التدابير المحتملة الأخرى.
ثلاثية "نتنياهو" لوقف الحرب
على الجانب الإسرائيلي، أظهر رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تمسكه باستمرار القتال العنيف في غزة، حتى تحقيق أهداف الحرب، قائلًا: "سنعمل على تعميق القتال في الأيام المقبلة".
ووضع نتنياهو ثلاثة شروط للسلام، وهي: تدمير حماس، ونزع سلاح قطاع غزة، إلى جانب نزع التطرف من المجتمع الفلسطيني، وذلك في مقاله لصحيفة "وول ستريت جورنال".
ورفض نتنياهو الانتقادات الدولية قائلًا: "إسرائيل تواصل التصرف بما يتفق تمامًا مع القانون الدولي، وتبذل إسرائيل قصارى جهدها لإبقاء عدد الضحايا المدنيين عند أدنى مستوى ممكن".
مرحلة جديدة في يناير
وأراد رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة نتنياهو، في واشنطن، تقديم خطط لمرحلة جديدة منخفضة الحدة في الحرب، التي من المقرر أن تبدأ بحلول نهاية يناير المقبل، وتريد الولايات المتحدة أن تنتقل إسرائيل إلى عمليات أكثر استهدافًا، بحسب "أكسيوس".
وأخيرًا قال مايكل هرتسوج، سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، إن الحكومة الأمريكية تشترك في هدف الحرب على غزة وهو هزيمة الفصائل الفلسطينية، إلا أنه من مصلحة تل أبيب التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس لإطلاق سراح المحتجزين، بعد مرور أكثر من شهرين دون التوصل إلى مكانهم.
وأضاف "هرتسوج"، في تصريحات نقلتها عنه صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، اليوم الاثنين، أنه من مصلحة إسرائيل التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح باقي المحتجزين لدى حماس والفصائل الفلسطينية.
حرب متعددة الجبهات
من جانبه قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، إن إسرائيل تعرضت للهجوم من 7 ساحات ردت في 6 منها، مُشيرًا إلى أنها تخوض حربًا متعددة الجبهات، بحسب صحيفة "دي تسايت" الألمانية.
وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي من حرب طويلة وصعبة ومرتفعة التكلفة في مواجهة كل من يتصرف ضد إسرائيل.