الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بسبب الأثرياء والبيض.. "تقنين الماريجوانا" يفشل في تحقيق العدالة بين جميع الأمريكيين

  • مشاركة :
post-title
الماريجوانا

القاهرة الإخبارية - مصطفى لبيب

رغم مرور ما يقرب من 10 سنوات على بدء الولايات المتحدة الأمريكية تقنين الماريجوانا، في محاولة منها للسيطرة على حرب المخدرات الدائرة في العديد من الولايات، إلا أن تلك الجهود اصطدمت على أرض الواقع بعدد كبير من المشاكل التي أدت إلى فشل عملية التقنين، بل وكانت العنصرية بين البيض والسود واحدة من تلك الأسباب التي ضربت جهود التقنين في مقتل.

وقالت صحيفة politico الأمريكية، إن سلسلة من البرامج المعقدة بشكل مُتزايد كانت سببًا رئيسيًا في الفشل، والتي كانت مصممة أساسًا لضمان استفادة المجتمعات الأكثر تضررًا من الحرب على المخدرات، من غنائم مبيعات الماريجوانا القانونية، والتي من المتوقع أن تصل إلى 35 مليار دولار هذا العام، وتتضاعف مرة أخرى بحلول عام 2030.

وتختلف أسباب هذه الإخفاقات من ولاية إلى أخرى، ولكن بعض العوامل الرئيسية وراء الأخطاء الفادحة في برامج الأسهم الحكومية كانت نقص التمويل، والتنفيذ الرديء للقوانين، والمعارك القانونية، والنضال من أجل الوصول إلى الخدمات المصرفية، ناقلة عن العديد من رواد الأعمال المحبطين من الأقليات، أنهم أفرغوا حساباتهم المصرفية للاستفادة مما تم وصفه على أنه فرص اقتصادية غير عادية، ولكن خططهم جميعًا خرجت عن مسارها؛ بسبب التشريع الفاشل لسياسات سيئة التصميم.

الحسنة الوحيدة التي كانت لها تداعيات إيجابية خلال عمليات التقنين، هي قيام البرامج الحكومية بإلغاء الإدانات القديمة المتعلقة بالماريجوانا للمواطنين، وهو الأمر الذي سمح بتجنب الملايين من الأمريكيين وصمة العار الناجمة عن السجلات الجنائية، والتي كانت تعيقهم في البحث عن السكن أو العمل أو غيرها من الاحتياجات الأساسية، كاشفة عن أنه في ولاية إلينوي وحدها تم مسح أكثر من 500 ألف إدانة جنائية.

أخطاء فادحة وسيطرة عرقية

تحليل politico عن القضية نشر عدة إحصاءات من مختلف الأسواق الأمريكية، والذي كشف أن الأثرياء البيض في الولايات التي قامت بتقنين الماريجوانا، هم المسيطرون الرئيسيون على منافذ البيع، والمستفيدون الوحيدون من طفرة القنب، مما جعل الهدف الرئيسي من فكرة التقنين تخرج عن مسارها في تحقيق العدالة الاقتصادية الموعودة

في إلينوي، على سبيل المثال، لم يكن هناك أصحاب أغلبية من السود أو ذوي الأصول الإسبانية للمستوصفات "متاجر بيع القنب" في عام 2022، وبعد ثلاث سنوات من تقنين القنب، وصل إلى 37 متجرًا مملوكًا لهؤلاء من أصل 200 منفذ بيع بالتجزئة في عام 2023 في حين أن ما يقرب من 90% من حاملي تراخيص المنافذ في ولاية ميشيجان هم البيض، و5% فقط من السود أو اللاتينيين أو الآسيويين يمتلكون متاجر.

ايضا في ولاية واشنطن، كان ما لا يقل عن 82% من حاملي التراخيص من البيض، في حين شكلت جميع المجموعات العرقية والإثنية الأخرى مجتمعة 16 في المائة، ولكن في نفس الوقت قطعت بعض الولايات شوطًا كبيرًا في تنويع الصناعة بين مختلف المجموعات العرقية الأخرى، مثل ولاية نيفادا والتي يمتلك فيها ما يقرب من 40% من المديرين التنفيذيين في الصناعة من السود أو اللاتينيين.

مكاسب وهمية وسوق موازية

وكشفت الصحيفة أنه رغم تغلب البعض على العقبات التنظيمية، فقد ثبت أن المكاسب المالية المتوقعة من مبيعات الأعشاب القانونية كانت وهمية، والغالبية العظمى من تلك الشركات تنزف دمًا -على حد وصفهم- مُشيرة إلى أن أكبر عشر شركات للأعشاب الضارة في الولايات المتحدة، خسرت أكثر من 2 مليار دولار في عام 2022، وفقًا لتحليل بوليتيكو للإيداعات المالية.

ونقلت الصحيفة عن توي هاتشينسون، الذي شغل منصب المدير التنفيذي السابق لمجموعة الدفاع عن تقنين مشروع سياسة الماريجوانا، قوله أنه لا يمكن الحصول على العدالة العرقية في ذلك الأمر، حتى تتحقق العدالة الاقتصادية أولًا، أما دانييل سومنر، المؤلف المشارك لكتاب "هل يمكن للأعشاب الضارة أن تفوز؟"، فأكد بما لا يدع مجالًا للشك أن برامج العدالة الحكومية أثبتت أنها فشلت بشكل شبه كامل.

ويتفاقم هذا التحدي الأساسي؛ بسبب المنافسة من سوق غير مشروعة راسخة، ويقدر مسؤولو الصناعة أن المتاجر غير المرخصة تمثل الآن أكثر من 80% من مبيعات القنب في لوس أنجلوس، وتكافح الشركات التي تُعاني من ضائقة مالية للتنافس مع تجار التجزئة تحت الأرض الذين لا يضطرون إلى دفع رسوم الترخيص أو الالتزام باللوائح المكلفة، ووفقًا للصحيفة لا تزال 75 بالمائة من مبيعات القنب في السوق غير المشروعة.

مشكلة التمويل والدعاوى القضائية

أيضًا مشكلة التمويل، تعتبر من أهم المشاكل التي تواجه أصحاب تلك الأعمال خاصة الصغار منهم، بسبب عملية الروتين خلال تقديم الطلبات، بجانب عدم وجود أموال مُخصصة لمساعدتهم في اجتياز العملية التي تستغرق وقتًا طويلًا لفتح أعمالهم، كما أن البرامج كانت تدفعهم لتأجير أماكن ودفع ثمنها لعدة سنوات قبل افتتاح المتجر من الأساس.

وقالت politico إن طوفان الدعاوى القضائية التي تطعن في عملية الترخيص، أدت إلى تأخير تنفيذ البرنامج لعدة سنوات، حيث اندلعت معارك قضائية بسبب أخطاء في تسجيل الطلبات وفي نزاع حول إعطاء الأفضليات للمحاربين القدامى، أو السود أو الأقليات العرقية، الأمر الذي خلق المزيد من الرياح المعاكسة لأصحاب تلك المشاريع الذين كانوا يتطلعون للحصول على موطئ قدم في تلك الصناعة.

رون هولمز، أحد أعضاء جماعات الضغط المعنية بالقنب ومقره شيكاغو، وصف الدعاوي القضائية بأنها رصاصة قاتلة للمتقدمين، الذين كافحوا للحصول على تأمين للتمويل، وبسبب ذلك، كانت تلك العقبات التي واجهها الصناع -حسب كلام هولمز- دفعت العديد من المتقدمين للعودة مرة أخرى من حيث أتوا وبيع تراخيصهم، التي تذهب غالبًا لأصحاب شركات القنب الكبيرة التي يمتلكها البيض.

تعارض القوانين

أيضا، أكدت صحيفة politico في تقريرها، أن المشكلة الأكبر التي تواجه سياسة الحرب على المخدرات وتقنين الماريجوانا، هي ما يحدث في المحاكم الخاصة بالولايات، والتي تعتبر مجبرة على الاختيار بين قوانين الولاية والقوانين الفيدرالية عندما يتعلق الأمر بتقنين الحشيش.

ووصفت الصحيفة أن الحكومة الفيدرالية بقوانينها التي مازالت تعتبر القنب غير قانوني، تمثل تهديدًا كبيرًا في نجاح عمليات التقنين، وتهديدًا أكبر لبرامج العدالة الاجتماعية، وهو ما يزيد من صعوبة قيام حكومات الولايات والحكومات المحلية بصياغة برامج تراخيص لمساعدة الأشخاص المتضررين من التنفيذ الجنائي.

وأرجعت politico السبب وراء غالبية تلك المشاكل لتخلف الكونجرس عن تخفيف القيود الفيدرالية المفروضة على القنب، حيث فشل المشرعون في تمرير أي تغييرات مهمة في السياسة الفيدرالية، لكن مراقبي سياسة القنب يعتقدون أن شيئًا مشابهًا للتشريع الفيدرالي أمر لا مفر منه في السنوات المقبلة، نظرًا للتحولات الجذرية في قوانين الولايات والرأي العام، حيث يؤيد 70 بالمائة التقنين في أحدث استطلاع أجرته مؤسسة جالوب.

حلول تنتظر التنفيذ

النائب الديمقراطي في الكونجرس، لا شون فورد، والذي يرأس مجموعة العمل التي تحاول مساعدة المتقدمين للحصول على متجر للقنب من الأقليات، يرى أن هذه الصناعة تعتمد على النقد، ولا يسمح للبنوك بإقراض المواطنين لفتح تلك المتاجر، وهو ما يضع العديد من الأشخاص ذوي البشرة السمراء، والأقليات في الخلف دون أي وسيلة للحاق بالركب.

ويعمل النائب على تشريع من شأنه إطلاق أموال المنح الحكومية لمساعدة أصحاب التراخيص على التوسع وجذب المستثمرين، وهو أمر غير مسموح به حاليًا، لافتًا إلى أن الحل يتمثل في استثمار الأموال الحكومية في شركات الأقليات، ومن المتوقع أن ينظر المشرعون في التشريع في يناير المقبل، عندما تنعقد جلسة النقض للجمعية العامة.