يعيش نزلاء السجون في الولايات المتحدة الأمريكية، أوضاعًا مؤسفة بسبب الاكتظاظ والإهمال ونقص الموظفين، بجانب المعاملة غير الآدمية للسجناء، ولم تكن قضية المريض العقلي، لاري يوجين، الذي توفي داخل سجن انفرادي، لعدم قدرته على دفع كفالة قدرها 100 دولار، سوى غيض من فيض مما يحدث في داخل أماكن الاحتجاز.
ألقت مجلة Newsweek الأمريكية، الضوء داخل السجون الأمريكية، التي تحتوي على ربع سجناء العالم، ضاربة مثلًا بولاية أركنساس، والتي وصفتها بأنها إحدى الولايات التي فشلت فشلًا ذريعًا في ذلك الملف، والبالغ عدد سجونها 20 سجنًا، والتي كشفت أن جميع تلك الأماكن فوق طاقتها الاستيعابية، وتُعاني بجانب نقص الموظفين، من عدم تلبية الاحتياجات الطبية أيضًا بشكل عام، على الرغم من تأكيد الدستور على توفير الرعاية الصحية للمحتجزين.
وازداد الوضع سوءًا، مع قيام الولاية بإصدار قانون يشدد العقوبات على المجرمين الخطيرين، والمجرمين الأكثر عنفًا، لافتة إلى أن هناك ما يقرب من 2000 سجين ينتظرون نقلهم إلى مرافق أخرى في الدولة؛ بسبب الاكتظاظ، كما تجري محاولات لزيادة سعة السجون بمقدار 3000 سرير إضافي.
الطاقة الاستيعابية
وتظهر البيانات الخاصة بالولاية، والتي قدمتها إدارة السجون في أركنساس إلى مجلة نيوزويك، أن جميع السجون تعمل بأكثر من 100 بالمئة من طاقتها الاستيعابية، منها وحدة الدلتا الإقليمية في الجزء الجنوبي الشرقي من الولاية والتي تبلغ سعتها 133%، في حين أن الوحدة الشمالية المركزية، على بعد حوالي 130 ميلًا شمالًا، تبلغ طاقتها 132%.
أيضًا يتعدى نظام الإصلاحيات للمراهقين في الولاية طاقته الاستيعابية بنسبة 109%، في حين أن أحد السجون التي تزيد طاقتها قليلًا عن حاجاتها بنسبة 101.2 بالمائة، فإن معدل خلو الوظائف لضباطها يبلغ 53.9 بالمئة، لافتة إلى أن سجن تاكر، والذي وصلت نسبة استيعاب الأفراد فيه إلى 100% من طاقتها الاستيعابية، حصلت على أعلى معدل لنقص الوظائف بنسبة 64.3 بالمئة.
ولفتت المجلة في تقريرها إلى أن لدى الولاية 50 سريرًا فقط، مخصصة للنزلاء الذين يحتاجون للرعاية الصحية والنفسية، في مؤسسة الطب الوحيدة التي تديرها الدولة، والتي تتعامل مع سجناء يقترب عددهم من 18 ألف سجين، كاشفة عن أن قائمة الانتظار للوصول للمستشفى تضم 600 متهم صدر لهم قرارات من المحكمة، وهو ما يؤكد عدم تمكن أحد من الدخول، كما أن الكثيرين لا يغادرون أبدًا.
معركة محتدمة
وتسببت فكرة توسيع السجون في خلاف حاد بين المسؤولين، فمن جهة ترفض حاكمة الولاية فكرة توسيع السجون، حيث رفضت الشهر الماضي طلبًا بتوسيع نظام السجون مؤقتًا بمقدار 622 سريرًا على هذا الأساس، واعترف مسؤولون بأن الاكتظاظ يمثل مشكلة كبيرة في أمريكا، لافتين إلى أن توسيع تلك الأماكن هو أفضل طريقة لمعالجتها، بدلًا من الحلول الثانوية التي يتم العمل بها من إيواء المتهمين في السجون المحلية المكتظة.
في الجهة المقابلة، كان مجلس إصلاحيات أركنساس يقف على النقيض، والمكلف دستوريًا بإدارة النظام، حيث أكد بيني ماجنيس رئيس المجلس، لمجلة Newsweek أن خطة الحاكم لبناء المزيد من السجون تخطئ الهدف، لافتًا إلى أن المرافق مكتظة وليس لديها ما يكفي من الموظفين للحفاظ على سلامة الناس.
وكشف "ماجنيس" في تصريحاته أن مجلس الإدارة ملزم بمنع الظروف غير الآمنة التي يمكن تجنبها في نظام السجون، مشددًا على أن السجون الأكثر أمانًا تؤدي إلى مجتمعات أكثر أمانًا تعمل داخلها السجون، وهو ما حذرت معه هولي ديكنسون، رئيسة اتحاد الحريات المدنية الأمريكي من الاستمرار في بناء المزيد من الأقفاص الحديدية أو التوسع فيها، والذي يؤدي بدوره إلى تفاقم المشكلة وضمان انتهاك الحقوق المدنية والإنسانية للمواطنين.
فشل السيطرة
من جهة أخرى نشر موقع ABCnews الأمريكي، تفاصيل تقرير صادر عن وكالة مراقبة مدينة نيويورك، والذي تحدث عن أوضاع السجون في المدينة، مسلطًا الضوء على ما وصفته بسوء الإدارة الفادح، مشككًا في قدرة نظام الإصلاحيات في السيطرة على مجمع السجون بفعالية.
ويصف التقرير طبقات فوق طبقات من الإخفاقات التي كان يمكن تجنبها، لافتين إلى أنه من الصعب القبول بمثل هذا الفشل المضاعف والهائل في منع واحتواء الكوارث، ضاربة مثلًا بالحريق الذي اندلع في سجن جزيرة ريكرز، وهو واحد من أكبر مجمعات السجون في الولاية، وتسبب في احتجاز ما يقرب من 20 سجينًا لمدة نصف ساعة؛ مما أدى إلى إصابتهم جميعًا بحروق بدرجات مُتفاوتة.