الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحليل أمريكي: "حل الدولتين" هو الأنسب لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي

  • مشاركة :
post-title
قطاع غزة

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

في تحليلهما حول العدوان الإسرائيلي على غزة، يشير كل من أرون ميللر المحلل السابق لشؤون الشرق الأوسط بالخارجية الأمريكية، ودانيال كورتيز السفير الأمريكي الأسبق لدى القاهرة، إلى أن الأحداث الجارية والمتصاعدة "لن تجعل خروج أي من الأطراف المنخرطة من هذا المستنقع أمرًا يسيرًا".، فالحرب التي تشمل عمليات إبادة ضد سكان القطاع من الفلسطينيين، سجّلت في الوقت نفسه أكبر خسائر شهدها الجيش الإسرائيلي منذ إعلان دولة الاحتلال.

ينصح التحليل صانعي القرار في البيت الأبيض -المنهمك منذ 56 عامًا في الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة- بالضغط على الجانبين من أجل إقرار "حل الدولتين"، في إشارة إلى أنه قد يكون الحل الأنسب وسط الظروف الحالية، باعتبار أن "الفلسطينيين والإسرائيليين فشلوا مرارًا في التوصل إلى حل لإنهاء هذا التعقيد المستمر منذ عقود".

كذلك، دعا المحللان واشنطن إلى الخطو بحذر أثناء تطبيق هذا الحل والدفع نحوه؛ مع محاولة الحصول على دعم الدول العربية "من أجل فرض النظام والاستقرار في الأراضي المحتلة".

كما دعيا الإدارة الأمريكية إلى الضغط على إسرائيل لوقف أعمال العنف بشكل فوري، التي يقوم بها المستوطنون تجاه الفلسطينيين، وأيضا الضغط من أجل السماح بدخول قدر أكبر من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي مع مصر، بالتوازي مع العمل لإتمام صفقة جديدة لتبادل الرهائن.

حل الدولتين

وكتب المحللان في مقالهما المنشور بموقع مجلة Foreign Affairs الأمريكية، أن الكثير من الخسائر والمعاناة يشهدها الطرفان، حيث استشهد ما يقرب من 20258 فلسطينيًا حتى الآن، و53688 إصابة؛ فيما فقد أكثر من 1.8 مليون فلسطيني منازلهم، وفي الضفة الغربية قتل جيش الاحتلال أكثر من 300 فلسطيني واعتقل ما يقرب من 4600 -وفق نادي الأسير الفلسطيني- كما طردوا أكثر من 1000 آخرين من أراضيهم.

ولفت التحليل إلى أن إسرائيل تسعى لتفريغ قطاع غزة من سكانه لإنهاء المواجهة مع حماس، بينما تدعو السلطة الفلسطينية لتولي مسؤولية القطاع فور انتهاء العدوان. 

وجاء بالتحليل.. "حتى الآن، لا توجد احتمالات واقعية لتصور المستقبل. بينما يصر الرئيس الأمريكي جو بايدن على أن المنطقة لن تعود كما كانت قبل السابع من أكتوبر الماضي، إذا كان الرئيس يريد التغيير حقا، يجب على إدارته العمل من أجل حل الدولتين". مؤكدين أن نزيف الدماء المتسارع لن يتوقف بدون وجود إرادة أمريكية قوية؛ وأن المنطقة بأسرها لن تعود كما كانت قبل اندلاع الحرب.

ويُشدد المحللان على أن هدف القادة الإسرائيليين هو إنهاء القدرات العسكرية لحماس وتدمير قدراتها على الأرض "في وقت تتحكم فيه إسرائيل بالقطاع برًا وبحرًا وجوًا، وحتى المجالات الكهرومغناطيسية المحيطة به"، حسب تعبيرهما. 

لكن "حتى لو قامت إسرائيل بإنهاء دور حماس في غزة، سيتعين عليها أن تترك من لديه بعض السلطة من أجل إدارة القطاع، وترك معدات تمكنها من التحكم والسيطرة"؛ كذلك يجب السماح بعودة عمل الأمم المتحدة ومنظماتها في غزة، بعد أن قام جيش الاحتلال بتدمير عملها وقتل آلاف من سكان القطاع، بمن فيهم الصحفيين وموظفي المنظمات الدولية، بحسب التحليل.

أمّا إذا حاولت إسرائيل إدارة القطاع، فسوف تواجه عمليات مستمرة من المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها -وليس حماس فقط- وسوف تفقد التحكم سريعًا. ورغم حديث عدد من المسؤولين الإسرائيليين عن اعتزام الاحتلال إقامة مناطق عازلة حول القطاع فور انتهاء العدوان، من أجل استمرار تأمين المناطق التي تحتلها "لكن الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية لن يوافقوا على تولي عملية تأمين إسرائيل بالوكالة".

أزمة السلطة الفلسطينية

يلفت التحليل إلى إمكانية تحول العدوان العسكري الشامل واسع النطاق الذي تقوم به إسرائيل حاليًا إلى عدد من العمليات الدقيقة والمحددة، التي تستهدف قادة حماس عبر توغل عسكري محدود أو ضربات جوية لمناطق بعينها.

ويقول المحللان: "على الورق، يبدو مثاليًا أن تتولى السلطة الفلسطينية مسؤولية القطاع فيما بعد. إن السلطة -بالفعل- تقوم بإمداد القطاع برواتب الموظفين في القطاعات المدنية، وتقوم بإمداد القطاع بالكهرباء بشكل جزئي. هذا الأمر ناقشه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان خلال لقائهما الأخير، حيث تحدثا عن ضرورة أن تلعب السلطة دورًا كبيرًا في غزة مستقبلًا".

لكن، في الوقت نفسه، يوضح المحللان الأزمة التي تعيشها السلطة الفلسطينية، التي لم تجر أية انتخابات في الأعوام الأخيرة لاختيار خليفة الرئيس عباس -87 عامًا- في وقت أشار فيه استطلاع رأي إلى أنه في حالة إجراء انتخابات في قطاع غزة، يؤيد 32% من الفلسطينيين أن يتولى السلطة في القطاع الناشط المنتمي لحركة فتح مروان البرغوثي، و24% رئيس الوزراء السابق المنتمي إلى حركة حماس إسماعيل هنية، فيما اختار 12% فقط الرئيس عباس. 

ورغم البيانات التي صدرت عن السلطة، لكنها لم تستطع حماية سكان الضفة الغربية من حملات الجيش الإسرائيلي وهجوم حراس المستوطنات الإسرائيلية خلال الحملات التي بدأت منذ 7 أكتوبر الماضي. لذا، يُشير التحليل إلى الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية، الذين تتفاوض حماس لفك أسرهم. ما جعل الكثير من الفلسطينيين يرون أن الحركة صارت اللاعب الوحيد الآن؛ في وقت أخذت فيه السلطة وقتًا كثيرًا في سدة الحكم، دون أن يكون لها دور قوي.

ويضيف التحليل أنه بينما كانت غزة هي منبع التوترات الأكبر بالنسبة للحكومات الإسرائيلية منذ اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، جاءت هذه المرة لتكون صاحبة الضربة الكبرى للمشروع السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومستقبله في الحكم. الذي رغم احتفاظ تحالفه اليميني بـ74 مقعدًا في الكنيست حتى عام 2025، لكنه يواجه ضغوطًا قد لا تسمح له أو لهذا التحالف بالاستمرار؛ رغم أن وضع حكومة الحرب الحالية يمنع المجلس التشريعي الإسرائيلي من اتخاذ أية إجراءات بحقه.

هذه الضغوط، وفق الكاتبان، قد "تدفع نتنياهو خطوة إلى الوراء" لكن ليس الخروج. ففي وقت دعاه فيه عدد من السياسيين والقادة الأمنيين في البلاد لتقديم استقالته، لن يمكن إجباره على الابتعاد في حال رفضه، حتى مع استمرار مقاضاته في اتهامات الفساد في المحكمة. 

ورغم نجاح جيش الاحتلال في اغتيال عدد من قادة حماس؛ إلا أن التحليل يحذر من تفاقم الأمور وخروج قوى فلسطينية أخرى من الضفة الغربية للمشاركة في القتال.