منذ سنوات تخوض إيران وإسرائيل حربًا سيبرانية مُتبادلة، إلا أنه وفي إطار التصعيد الجاري في غزة، والتذرع الغربي بعلاقة طهران بهجمات 7 أكتوبر وتبعاتها التي طالت الملاحة في البحر الأحمر أخيرًا، تصاعدت الهجمات لتشمل البنى التحتية المدنية الأساسية.
قرصنة العصفور المُفترس
وأمس، تبّنت "العصفور المُفترس" وهي مجموعة قرصنة على علاقة بإسرائيل، هجومًا إلكترونيًا، أدى إلى شل أكثر من نصف محطات الوقود في جميع أنحاء إيران، وخلق حالة من الشلل في البلاد استمرت لساعات، وحذّرت طهران في بيانٍ من ثمن اللعب بالنار.
وحذّر بيان مجموعة القرصنة من أن "هذا الهجوم الإلكتروني يأتي ردًا على عدوان إيران ووكلائها في المنطقة" مُضيفًا: "خامنئي.. اللعب بالنار له ثمن"، بحسب ما نقلت "إسرائيل 24".
ومرارًا نأت إيران بنفسها عن الاتهامات الأمريكية والغربية بضلوعها في العملية المباغتة لحركة حماس من غزة صوب إسرائيل، 7 أكتوبر الماضي، ودفعت بأن اتهامها يستند إلى "دوافع سياسية". كما رفضت اتهامات "بريطانية" بشأن علاقتها بهجمات حوثية تصاعدت وتيرتها، أخيرًا، مُستهدفة السفن المرتبطة بإسرائيل في مضيق باب المندب.
إيران تتهم إسرائيل والولايات المتحدة
وسارعت إيران بتوجيه أصابع الاتهام لكل من إسرائيل والولايات المتحدة بالوقوف وراء هجوم سيبراني عطّل، قبل يوم، أكثر من 60 بالمائة من محطات الوقود في البلاد، وخلق أزمة كبيرة، فيما قالت منظمة الدفاع المدني إنها تحقق في كل الأسباب المحتملة.
واتهم وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، في تصريحات، أمس الاثنين، الولايات المتحدة وإسرائيل، بشن "هجوم إلكتروني" أدى إلى شل محطات الوقود في أنحاء البلاد، بحسب ما أفادت وكالة "إسنا" الإيرانية شبه الرسمية.
ووجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمرًا للتحقيق بملابسات الحادث ورفع المشكلات الناجمة عن الهجوم على وجه السرعة، بحسب ما نقل الإعلام الرسمي عن مكتب الرئاسة الإيرانية.
وقال الدفاع المدني الإيراني، المسؤول عن الأمن الإلكتروني في البلاد، إن التحقيق لايزال جاريًا بشأن الحادث، مع النظر في كل الأسباب المُحتملة للانقطاعات بحسب ما أوردت "رويترز".
هجوم مستشفى زيف
وقبل يوم، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن نتائج تحقيقات إسرائيلية، تحدثت عن تورط مجموعة تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، في تنفيذ هجوم سيبراني على مستشفى زيف، في نهاية نوفمبر من العام الجاري 2023، بهدف الإضرار بعمله الاعتيادي، على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وذكرت صحيفة "إسرائيل 24"، الاثنين، أن تحقيقًا مشتركًا أجراه جهاز النظام السيبراني والجيش الإسرائيلي والشاباك أفضى إلى نتيجة مُفادها أن "المجموعة السيبرانية التابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية بمشاركة مجموعة حزب الله السيبرانية تقف وراء محاولة الهجوم السيبراني الذي استهدف تعطيل مستشفى زيف في صفد شمال إسرائيل منذ حوالي 3 أسابيع".
والهجوم على مستشفى زيف أحبط، حينها، ومع ذلك استطاعت مجموعة القرصنة المتورطة سرقة معلومات وبيانات حساسة من نظام المستشفى.
تاريخ مُتكرر من الهجمات
وعلى مدار أكثر من عقد تتواصل الهجمات ضمن حرب سيبرانية لم تتوقف بين إسرائيل وإيران، لتشمل موانئ، ومحطات نووية، ومستشفيات ومرافق مياه ومحطات وقود، نرصد بعض منها.
وقبل ما يزيد على عامين شن قراصنة نفس الهجوم على محطات الوقود في كل أنحاء إيران، حينما تعرضت منظومة توزيع الوقود إلى اختراق سيبراني في نوفمبر عام 2021.
وفي أبريل 2020 اتهمت إسرائيل إيران بالوقوف وراء هجمات إلكترونية استهدفت مرافق للمياه والصرف الصحي، تمت خلالها السيطرة على كلمات مرور تشغيل منظومات لضخ المياه.
أعقبه في أكتوبر من نفس العام، هجوم إلكتروني استهدف 9 مستشفيات حكومية في إسرائيل، وتسبب في شلل تام لمنظومة المعلومات لمستشفى "هيلل يافه" في الخضيرة، ولم تتبن إيران الهجوم.
على صعيد آخر، في مايو 2022 طال ميناء الشهيد رجائي الإيراني المطل على مضيق هرمز، جنوبي إيران، هجوم سيبراني لم تتبناه إسرائيل، لكن صحفًا إسرائيلية تداولت، حينها، أن الهجوم ردًا على هجوم إلكتروني إيراني، سابق، على منشآت هيدروليكية إسرائيلية.
إيران في وجه المدفع
ورغم غضب عربي ودولي، تجاه دعم "لا يتزعزع" نذرته الولايات المتحدة لإسرائيل، في حربها على غزة، إلا أن إيران لاتزال هي من يتلقى كيلًا من الاتهامات بشأن التصعيد الجاري من المقاومة في 7 أكتوبر على إسرائيل، وما تبعه من هجمات متفرقة شنها عدد من الفصائل والجماعات المسلحة في عدد من الدول مستهدفة التواجد الأمريكي في المنطقة والمصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر.
وفي وقت سابق، قال ناصر كنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن الاتهامات الأمريكية الغربية الإسرائيلية، سابقة الإشارة، لها أهداف سياسية، مُضيفًا أن "فصائل المقاومة في المنطقة لا تتلقى الأوامر من إيران للرد على جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل"، وإنها "تتصرف وفقًا لتقديرها، وبناءً على مبادئ ومصالح بلادها وشعبها".