يُمكن وصف أنفاق غزة، بأنها "كابوس الاحتلال"، الذي يحاول التخلص منه بكل الأشكال، بدءًا من استخدام التكنولوجيا الحديثة التي عجزت أمام تلك الشبكة المعقدة، وصولًا للحديث عن إغراقها بالكامل باستخدام مياه البحر، في محاولة لحل تلك المعضلة التي تسببت في صعوبات وخسائر كبيرة في صفوف جيش الاحتلال.
"يبدو الأمر وكأننا نقاتل الأشباح، أنت لا تراهم"، هكذا وصف أحد جنود الاحتلال، تأثير أنفاق غزة على الحرب، مدللًا على الصعوبات التي يواجهها جيش الاحتلال بسبب تلك الأنفاق، وعدم قدرة إسرائيل على التعامل معها.
وإذا كان هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو المعلن، والمتمثل في القضاء على حماس ممكنًا، يبدو أنه غير قابل للتطبيق دون تدمير تلك الأنفاق، فهل يمكن لإسرائيل حقًا تدمير أنفاق حماس، التي توصف بأنها مدينة تحت الأرض؟
جرى الحديث خلال الأيام الماضية، عن أساليب عدة لتدمير أنفاق حماس، بينها القنابل الإسفنجية، والروبوتات، وحتى تجهيز مضخات ضخمة لضخ مياه البحر داخل الأنفاق لإغراقها وإجبار مقاتلي حماس على الخروج منها.
إغراق أنفاق غزة
بحسب صحيفة وول ستريت جورنال، تدرس إسرائيل إغراق أنفاق غزة، من خلال تجميع "نظام المضخات الكبيرة"، وهو تكتيك بحسب مسؤولين أمريكيين، يمكن أن يدمر الأنفاق ويطرد المقاتلين منها، ولكنه يهدد أيضًا إمدادات المياه في غزة.
يُشير التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي، انتهى من تجميع مضخات كبيرة لمياه البحر، على بعد ميل تقريبًا، شمال مخيم الشاطئ للاجئين، منتصف الشهر الماضي، كل مضخة قادرة على نقل آلاف الأمتار المكعبة من المياه في الساعة إلى الأنفاق، مما يؤدي لإغراقها في غضون أسابيع.
وكشف التقرير عن أن الولايات المتحدة قدمت الخطة بالفعل، لمناقشة جدواها وتأثيرها، مُشيرًا إلى أن المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن إسرائيل لم تتخذ قرارًا نهائيًا للمضي قدمًا، ولم تستبعد الخطة.
ووفقًا للتقرير، هناك قلق لدى البعض بشأن العواقب الإنسانية لمثل هذه العملية، فضلًا عن رد الفعل العام خلال وقت يتضاءل فيه الدعم العالمي للإجراءات الإسرائيلية في غزة.
جريمة حرب
وفي هذا الصدد أصدرت روسيا تحذيرًا صارخًا بشأن تلك الخطة، ووصفتها بأنها تشكل "جريمة حرب".
وقال نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، لمجلس الأمن: "جرائم الحرب تتزايد، تم تداول تقارير صادمة في الأيام الأخيرة تفيد بأن إسرائيل تخطط لإغراق المنشآت تحت الأرض في قطاع غزة بمياه البحر، إن مثل هذه الخطوة، إذا تمت، ستشكل جريمة حرب صارخة".
ورغم ذلك، حتى الآن، لم يتم التأكيد على أن إسرائيل ستلتزم بالخطة، وقال مصدر: "لسنا متأكدين من مدى نجاح الضخ، لأنه لا أحد يعرف تفاصيل الأنفاق والأرض المحيطة بها، إلى جانب المخاوف من أن هناك احتمال لاحتجاز الرهائن في الأنفاق".
استراتيجيات عدة
كشف تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، عن عدة أساليب اتبعها جيش الاحتلال حتى الآن، والتي جرى الحديث عن النية في استخدامها لتدمير الأنفاق في قطاع غزة.
ونقل التقرير عن مهندس في الجيش الإسرائيلي، برتبة مقدم يُدعى "أميت" قوله إن الجيش يعمل على وضع ألغام أرضية في الأنفاق، إلى جانب قيام وحدات الجيش بالتفتيش عن فتحات الأنفاق بين حطام المباني التي هدمها القصف الجوي باستخدام أجهزة السونار.
أوضح المهندس في جيش الاحتلال، أن أجهزة السونار، لديها فعالية محدودة خاصة بالنسبة للأنفاق العميقة، وبالتالي يفضل استخدام العين المجردة في اكتشاف فتحات الأنفاق، ومن ثم إدخال الكلاب والروبوتات الصغيرة إليها للتحقق منها.
وأضاف أنهم إذا فوتوا فتحة نفق واحدة، يبدأ مقاتلو حماس بالخروج من خلفهم ويشنون هجمات خاطفة ثم يعودون للاختفاء.
وبحسب الصحيفة، لم يسبق لجيش أن أعد نفسه للقتال بالكامل تحت الأرض، كما فعلت حماس، مشيرة إلى أن الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن القول بأن حماس لديها أنفاق بطول 300 كيلو متر، هو تهويل، لكنهم الآن يعتقدون أن ذلك أقل من الحقيقة.
ويصف المهندس في جيش الاحتلال أنفاق غزة بأنها كالأشجار، فيما يرى أنتوني كنج، وهو أستاذ في دراسات الحرب بجامعة "إكستر" ومتخصص في حروب المدن، أن خطة جيش الاحتلال للقضاء على الأنفاق ستستغرق شهورًا، وهو أمر صعب في ظل وجود 2.3 مليون نسمة في قطاع غزة.
وقال إنه رغم إمكانية أن تنال إسرائيل من حماس، وأن تدمر نظام الأنفاق بشكل كبير، يظل تمكنها من السيطرة على شبكة الأنفاق برمتها، أمرًا غير قابل للتحقق بالكامل.