يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي انتقادات دولية وعربية بعد اعتقاله لرجال فلسطينيين في غزة، مجردًا إياهم من ملابسهم في العراء، وسط برد قارس وبدون أي سبب، مصطفين في صفوف، ومحاطين بالجنود والمركبات العسكرية، زاعمًا أنهم ينتمون لحماس.
وقد أعربت العديد من المنظمات الدولية والعربية، بما فيها منظمة الصليب الأحمر والأمم المتحدة، عن إدانتها لجميع الأعمال الوحشية التي ينفذها جيش الاحتلال بحق المدنيين، واصفين إياه بأنه "عقاب جماعي".
انتقادات للاحتلال
وندد سامح شكري، وزير الخارجية المصري، بما فعله جيش الاحتلال، مؤكدا أنهم استخدموا المعتقلين للتنكيل بهم أمام أعين الجميع، مما يذكرنا بحقبة وظروف سابقة لم نكن لنقبل فيها بمثل هذه الصور.
وأضاف شكري، أن المشكلة تتبلور في عدم وجود تنديد كافي بهذه الحالة اللاإنسانية.
واتهم عزت الرشق، مسؤول كبير في المقاومة الفلسطينية، جيش الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "جريمة بشعة" ضد المدنيين الأبرياء. وأضاف "الرشق" أن المعتقلين الذين تم أسرهم في مدرسة بقطاع غزة، كانوا يستخدمونها كملجأ هروبًا من القصف الإسرائيلي الذي اجتاح القطاع بالكامل.
من جانبه، وصف حسام زملط، رئيس البعثة الفلسطينية في لندن، الصور التي نشرت لرجال فلسطينيين مجردين من ملابسهم، بأنها "محاولة سافرة لإهانة الرجال الفلسطينيين".
كما قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن ما فعله جيش الاحتلال هو انتهاك جديد يضاف لسجلات الجرائم الإرهابية التي ارتكبها الاحتلال في غزة.
وأعرب الأزهر عن إدانته للمذابح والمجازر الوحشية التي ينفذها الاحتلال في حق المدنيين من أبناء غزة وسط صمت دولى أمام تلك الجرائم، مضيفًا أن تلك الجرائم هي وصمة عار في جبين الإنسانية والمجتمع الدولي.
أما المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فقال إن "جيش الاحتلال شن حملات اعتقال عشوائية وتعسفية وأساء للعديد من النازحين، بينهم أطباء وصحفيون وكبار السن".
ووصفت النائبة بمجلس النواب الأمريكى، إليسا سلوتكين الصور التي نشرها الاحتلال الإسرائيلى لمواطني غزة، مجردا إياهم من ملابسهم بـ"الصادمة"، وقالت سلوتكين :"لم نعتد على رؤية الناس مصطفين بلا ملابس تقريبا"، مؤكدة على ضرورة أن يكون هذا جزءا من النقاش حول التمييز بين المدني والمسلح في مكان مزدحم.
وتطرقت سلوتكين إلى ممارسات بلادها القمعية في العراق وأفغانستان، قائلة :«كان على الولايات المتحدة التعامل مع السؤال ذاته عندما كنا في الرمادي والفلوجة
وقالت فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، إن تصنيف المدنيين الذين لم يستطيعوا أو لم يرغبوا في الفرار بأنهم شركاء في الإرهاب يشكل تهديدًا بالعقاب الجماعي ويمكن أن يشكل تطهيرًا عرقيًا.
بينما عبّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن "قلقها بشأن الصور الأخيرة" لعمليات الاعتقال. وقالت المجموعة في بيان لها: "نؤكد بقوة على أهمية معاملة جميع المحتجزين بإنسانية وكرامة، وفقًا للقانون الإنساني الدولي".
وأكدت العائلات والجماعات الحقوقية، أن العديد من الرجال في الصور والفيديو لم يتم الاستماع إليهم منذ احتجازهم، مضيفين أن الاعتقالات الجماعية والمعاملة المهينة تنتهك قوانين الحرب، وأن الكثير من الناس لم يتمكنوا من الإخلاء بسبب سوء الصحة أو الإعاقة أو تكلفة الفرار.
بالإضافة إلى ذلك، قال هاني المدهون، وهو جامع تبرعات مقره واشنطن، لمجموعة تجمع أموالًا للوكالة التابعة للأمم المتحدة التي تساعد الفلسطينيين، إن اثنين من أقاربه الذين تم احتجازهم، وهما في سن 13 و72 عامًا، ليسا في سن الخدمة العسكرية.
وقال برايان فينوكين، محلل في مجموعة الأزمات الدولية ومستشار قانوني سابق لوزارة الخارجية الأمريكية، يوم الجمعة، إن معاملة المعتقلين تبدو غير متسقة مع القانون الدولي. مضيفا أن "الافتراض بأن الذكور في سن الخدمة العسكرية هم مقاتلون مثير للقلق"، وحقيقة أن إسرائيل أمرت بالإخلاء "لا يعني أنها يمكن أن تقوم افتراضيًا بتجميع أو احتجاز الأشخاص الذين تجاهلوه".
وأكد برايان أن القانون الدولي يحدد "معيارًا عاليًا جدًا" للقوة الاحتلالية لاحتجاز غير المقاتلين، ويقول إنه يتطلب معاملتهم بإنسانية.
تبرير إسرائيلي
وفي إطار محاولاته المعتادة لتبرير جرائمه، قال إيلون ليفي، المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إن القوات الإسرائيلية احتجزت رجال في مناطق شمال غزة (جباليا وحي الشجاعية)، والتي شهدت قصفًا جويًا مدمرًا ومواجهات عنيفة مؤخرًا. واصفا تلك المناطق بأنها معاقل لحماس.
وأضاف ليفي: "نحن نتحدث عن رجال في سن الخدمة العسكرية تم اكتشافهم في مناطق كان من المفترض أن يخلوها المدنيون منذ أسابيع.. سيتم استجواب هؤلاء الأفراد وسنعمل على معرفة من ينتمي لحماس ومن ليس كذلك".
ومن جانبه، ألمح دانيال هجاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إلى أنه "في الساعات الـ 48 الماضية، احتجزنا أكثر من 200 مشتبهًا، منهم عشرات تم نقلهم" إلى إسرائيل، بما في ذلك قادة ومقاتلو حماس.
وقال المقدم جوناثان كونريكوس، المتحدث العسكري، في حديثه إلى شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إن الرجال في الفيديو تم تجريدهم "من أجل التأكد من عدم حملهم متفجرات".