اكتسبت شجرة الزيتون، التي يعشقها الفلسطينيون، دلالة رمزية مضاعفة، منذ الاحتلال الإسرائيلي، باعتبارها دليلًا لا يدحض على جذور الشعب الفلسطيني الراسخ في أرضه منذ آلاف السنين، لتنسف مقولة الاحتلال "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وهو ما جعلها هدفًا دائمًا لاعتداءات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.
خلال الساعات الماضية، وفي ظل اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية وغزة، لم يتوقف المستعمرون عن تدمير أشجار الزيتون، واقتلعوا العشرات منها الأحد، في بلدة الخضر جنوب بيت لحم.
وبحسب حسن بريجية، مدير مكتب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم، هاجم المستعمرون منطقة شوشحله جنوب الخضر، وجرفوا 15 دونمًا، واقتلعوا حوالي 100 شجرة زيتون ولوزيات وكرمة، وفقًا لوكالة "وفا".
دلالة أشجار الزيتون، خلدتها كلمة الرئيس الراحل ياسر عرفات، حيث قال في خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "جئتكم يا سيادة الرئيس بغصن الزيتون في يدي، وببندقية الثائر في يدي، فلا تسقط الغصن الأخضر من يدي"، بنبرة واثقة تحمل التهديد في طياتها، مُؤكدًا أن "الحرب تندلع من فلسطين والسلام يبدأ من فلسطين".
وجه ياسر عرفات حديثه إلى كورت فالدهايم، الأمين العام في عام 1974، مرددًا عبارة "لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي"، مدافعًا عن القضية الفلسطينية والحق الشرعي لشعب اغتصبت أرضه، مستخدمًا "غصن الزيتون"، صاحب الدلالة التاريخية.
ارتباط تاريخي
ويرتبط الفلسطينيون، بأشجار الزيتون ارتباطًا وثيقًا، باعتبارها رمزًا إلى تجذره في أرضه، وإلى الأمن والسلام.
تمتد أشجار الزيتون على مساحة تزيد على 575 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية، وتمثل نحو 85% من أشجارها، وتنتج نحو 33 ألف طن في السنوات الجيدة، و7 آلاف طن من زيت الزيتون في السنوات غير الجيدة.
منذ عام 1967، دمر الاحتلال 800 ألف شجرة زيتون، إما بالاقتلاع أو الحرق، وحتى ابتكار أساليب جديدة، منها إغراقها بالمياه العادمة ورش مواد سامة على جذورها، بحسب "وفا".
وخلال النصف الأول من عام 2023، سجلت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان 140 اعتداء على أشجار الزيتون، تسببت في اقتلاع 8340 شجرة زيتون أو تضررها وتخريبها وتسميمها.
وفي 2022 بلغ عدد عمليات الاعتداء على أشجار الزيتون 354 اعتداءً تسببت في تدمير 10291 شجرة زيتون.
ولا يقتصر الأمر على التدمير المباشر، إذ يواجه المزارعون الفلسطينيون قيودًا بسبب المستعمرات، إذ يقع 90 تجمعًا سكنيًا فلسطينيًا يمتلك أراضي تقع بمحاذاة 56 مستعمرة، وعشرات البؤر الاستعمارية لا يستطيعون الوصول لأراضيهم؛ نتيجة تضييقات الاحتلال، وإجراءاته التعجيزية التي تهدف للتضييق على المزارع الفلسطيني.
وتقع آلاف الدونمات من أشجار الزيتون خلف جدار الفصل العنصري أو تحيطها المستعمرات، حيث تتعرض وأصحابها لأقسى أنواع الاعتداءات والتدمير ليخسروا سنويا 45 مليون دولار بالمتوسط، وفق المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.
وبحسب تقرير لهيئة الجدار والاستيطان، تقدر مساحة الأراضي التي عزلها جدار الفصل العنصري، بـ 7% من إجمالي مساحة الأراضي المنزرعة بالزيتون، يتعرض أصحابها للتضييق إلى جانب تعرضها للسرقة أو الحرق، ما يتسبب في خسارة ما يقارب 1500 طن من الزيت، أي ما يقارب 10 ملايين و500 ألف دولار سنويًا.