الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المرحلة الحاسمة.. خطة إسرائيل تصطدم بواقع المدنيين المؤلم والرهان على الضغط الدولي

  • مشاركة :
post-title
غزة

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

تُشير التوقعات إلى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قد تكون في مرحلتها الحاسمة، فالهدنة التي تم التوصل إليها، والتي تنتهي اليوم، قد تمتد لأربعة أيام أخرى، يبدأ بعدها فصل جديد من العدوان على قطاع غزة، وسط تأكيد إسرائيلي على مواصلة القتال حتى تحقيق الأهداف.

وبعد انتهاء الهدنة يتوقع الخبراء الإسرائيليون استئناف المعركة للسيطرة على مدينة غزة، والتي من المتوقع أن تستمر من أسبوع لعشرة أيام أخرى، بحسب "بي بي سي"، إذ تعهد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بتحويل مسار العملية إلى جنوب قطاع غزة بقوة.

وتساءل تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية، عمّا سيحدث عندما يلتفت الجيش الإسرائيلي إلى الجنوب، وهل تبدأ النوايا الحسنة للغرب وخاصة الأمريكيين في التلاشي في هذا الوقت، إذ يتكدس الجزء الأكبر من سكان قطاع غزة، وعددهم نحو 2.2 مليون نسمة في الثلثين الجنوبيين من القطاع ومعظمهم بلا مأوى أو مصابون بصدمات نفسية.

وتلوح في الأفق كارثة إنسانية أكبر، وقد تكون القشة الأخيرة هي رؤية مئات المدنيين من الفلسطينيين، متجمعين في خيام وسط حقول منطقة "المواصي".

بحسب وكالة الأمم المتحدة لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" فقد نزح ما يقرب من 1.7 مليون شخص في جميع أنحاء القطاع، يتركز معظمهم حاليًا في الجنوب، في أماكن إيواء مكتظة، في وقت يتحدث فيه مسؤولو الأمم المتحدة عن ظروف بائسة يعيشها النازحون بالفعل.

المنطقة الآمنة

تحدث الجيش الإسرائيلي عن إنشاء ما يسمى المنطقة الآمنة، في "المواصي"، وهي شريط رفيع من الأراضي الزراعية على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، قرب الحدود المصرية، إذ قال أفيخاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، لسكان غزة، إن المواصي "ستوفر الظروف المناسبة لحماية أحبائك".

إلا أن المكان الذي يتحدث عنه جيش الاحتلال عبارة عن خليط من الحقول والمنازل المتناثرة ومساحته عرضها 2.5 كيلو متر في أوسع نطاق وطولها نحو 4 كيلو مترات، ويقول عنها الدكتور مايكل ميلشتين، المستشار السابق لمنسق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الضفة الغربية، إنها "مكان جميل ومثمر، لكنه صغير جدًا".

تحدٍ إنساني هائل

وترى وكالات الإغاثة أنها أقل من ذلك، إذ تقول جولييت توما، مديرة الاتصالات في الأونروا: "إنها قطعة صغيرة من الأرض، ولا يوجد شيء هناك، إنها مجرد كثبان رملية ونخيل".

وبالتالي فإن فكرة محاولة استيعاب مئات الآلاف من النازحين في منطقة تفتقر إلى البنية التحتية والمستشفيات، تُعد تحديًا إنسانيًا هائلًا للأمم المتحدة، وتحديًا أخلاقيًا له صدى تاريخي عميق، فمعظم سكان غزة ينحدرون من لاجئين عاشوا في الخيام بعد طردهم من إسرائيل في عام 1948، بحسب "بي بي سي".

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن الأمر متروك لوكالات الإغاثة للتأكد من وصول المساعدات إلى منطقة المواصي، لكنهم لم يذكروا كيف سيكون ذلك عمليًا، فيما يحاول المسؤولون الأمريكيون التفاوض على إنشاء مناطق آمنة إضافية، ربما تشمل منطقة "بلدة الدهنية"، أقصى الطرف الجنوبي من القطاع.

وفي 16 نوفمبر الجاري، رفض رؤساء 18 وكالة تابعة للأمم المتحدة، ومنظمة غير حكومية، تشارك في تقديم المساعدات للمدنيين، خطط إسرائيل رفضًا قاطعًا، قائلين في بيان مشترك: "لن نشارك في إنشاء أي منطقة آمنة في غزة يتم إنشاؤها دون موافقة جميع الأطراف".

معاناة أهالي غزة

ورغم أن البيان لم يذكر اسم المواصي، فقد حذّر من أن المقترحات الإسرائيلية أحادية الجانب، قد تعرض حياة العديد من المدنيين للخطر، ووصف الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الخطة بأنها "وصفة كارثية".

وقال الدكتور "جيبريسوس": "إن محاولة حشر هذا العدد الكبير من الناس في منطقة صغيرة كهذه مع القليل من البنية التحتية أو الخدمات، ستؤدي إلى زيادة المخاطر الصحية بشكل كبير بالنسبة للأشخاص الذين هم بالفعل على حافة الهاوية".

في المقابل يقول، المقدم ريتشارد هيشت، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن الأمور ستكون صعبة لكنهم :سيعيشون"، إذ ترى إسرائيل الأمر كضرورة عسكرية، إذ تقول إن حماس متمركزة في مدينة غزة لكن مقاتليها والبنية التحتية في خان يونس ورفح.

وتدعي إسرائيل أن إبعاد السكان هو الطريقة الإنسانية الوحيدة للتعامل مع مهمة هزيمة حماس، وفي السياق يقول اللواء المتعاقد يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق: "الناس في إسرائيل لا يحبون الوضع الذي سيكون فيه السكان في غزة في مكان ما في المواصي، تحت أمطار الشتاء القادمة، ولكن ما هو البديل؟ إذا كان لدى أحد فكرة عن كيفية تدمير حماس بدونها، فليخبرنا بها".

وبحسب "بي بي سي"، من المحتم أن يؤدي استمرار معاناة المدنيين إلى زيادة القلق الدولي المتصاعد بشأن سلوك الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، ويوقل مسؤول غربي اشترط عدم الكشف عن هويته، إن القيام بعملية برية كبيرة جديدة يحمل مخاطر تتعلق بسقوط ضحايا وتشريد مدنيين على نطاق واسع، يهدد بتقويض التعاطف الدولي مع إسرائيل، وأن الأمر متعلق بالفترة الزمنية التي يمكن أن يستمر فيها "الصبر الغربي".

وتعتمد حكومة بنيامين نتنياهو، على "احتياطات غير مسبوقة من حسن النية الغربية"، في أعقاب هجوم طوفان الأقصى، لكن إسرائيل تعلم كذلك أن هذه الاحتياطات ليست بلا نهاية، وأن الدعوات الدولية لضبط النفس من المرجح أن ترتفع عند انتهاء الهدنة الإنسانية واستئناف عمليات لاقتال.

ويبدو أن معاناة غزة ستزداد سوءا، مع اقتراب فصل الشتاء وإصرار إسرائيل على المرحلة التالية من الحرب والتي تصفها بـ "الحاسمة"، وعدم التوصل لاتفاق حول كيفية التعامل مع السكان المدنيين.