وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، بأنه من الاعتداءات الأعنف في تاريخ الحروب المختلفة حول العالم، إذ أدى إلى استشهاد مدنيين بوتيرة تاريخية، في أقل من شهرين على بدء الحرب.
وأدى القصف الإسرائيلي المتواصل الذي دام 49 يومًا على القطاع المحاصر، إلى استشهاد أكثر من 14 ألف مدني، من بينهم أكثر من 6 آلاف طفل وأكثر من 4 آلاف امرأة، فضلًا عن إصابة 36 ألف شخص حتى اليوم.
وفي حين أن عدد الشهداء في زمن الحرب لن يكون دقيقا أبدًا، قال خبراء إنه حتى القراءة المتحفظة لأرقام الضحايا المُبلَغ عنها من غزة، تكشف أن وتيرة الوفيات خلال العدوان الإسرائيلي لم يكن له سوابق مماثلة كثيرة على مدار قرن.
وقارن الخبراء الهجوم الأخير على قطاع غزة، بتلك الهجمات التي قادتها الولايات المتحدة في العراق وسوريا وأفغانستان، والتي تعرضت لانتقادات واسعة من جماعات حقوق الإنسان، مشيرين إلى أن الفلسطينيين في غزة يستُشهدون على يد قوات الاحتلال بوتيرة أسرع، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وبالرغم من أنه من المستحيل إجراء مقارنات دقيقة للأشخاص الذين يفقدون أرواحهم خلال الحروب، إلا إن خبراء ضحايا الصراع تفاجأوا بعدد الشهداء في غزة، والذين جاء معظمهم من النساء والأطفال، وأشاروا إلى أن وتيرة الوفيات المبلغ عنها في غزة خلال القصف الإسرائيلي كانت مرتفعة بشكل استثنائي.
وتعد الأسلحة التي يستخدمها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تتضمن أسلحة محرمة دوليًا، من أهم أسباب شدة عنف الهجوم على غزة والذي يسفر عن وقوع الآلاف في استهداف واحد.
وقال الخبراء للصحيفة إن الاحتلال الإسرائيلي استخدم أسلحة كبيرة جدًا في المناطق الحضرية الكثيفة، بما في ذلك قنابل أمريكية الصنع بلغ وزنها 2000 رطل (907 كيلوجرام)، والتي وصفوها أنه بإمكانها أن تسوى برجًا سكنيًا بالأرض، مضيفين أنه كان أمرًا غير متوقع.
وقال مارك جارلاسكو، المستشار العسكري لمنظمة باكس الهولندية، ومحلل استخباراتي كبير سابق في البنتاجون، لـ"نيويورك تايمز": "تجاوز الهجوم الإسرائيلي على غزة أي شيء رأيته في حياتي المهنية".
وذكر جارلاسكو، أنه لم يتم استخدام مثل هذه القنابل الكبيرة في منطقة صغيرة كقطاع غزة منذ أيام الحرب العالمية الثانية". وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي باستشهاد أطفال ونساء وشيوخ في غزة، زاعمًا أن المدنيين لا يمثلون هدفًا له، في الوقت الذي لم يقدم فيه إحصاءً خاصًا به.
وقال الباحثون إنه تم الإبلاغ عن استشهاد ما يقرب من 10 آلاف امرأة وطفل في غزة كمقياس تقريبي، ويشير مسؤولون دوليون وخبراء مطلعون لـ"نيويورك تايمز" إلى أن الطريقة التي يجمع بها مسؤولو الصحة في غزة الأرقام الإجمالية موثوقة بشكل عام.
ووفقًا لبيانات رسمية أصدرتها الأمم المتحدة، جاء عدد الشهداء من النساء والأطفال في غزة، أكثر من ضعف عدد هؤلاء الذين فقدوا أرواحهم في بأوكرانيا في حربها مع روسيا، بعد ما يقرب من عامين من الهجمات.
ووفقًا للصحيفة الأمريكية، تم الإبلاغ عن استشهاد عدد أكبر من النساء والأطفال في غزة في أقل من شهرين مقارنة بنحو 7700 مدني تم توثيقهم على أنهم قتلوا على يد القوات الأمريكية وحلفائها الدوليين في السنة الأولى من غزو العراق في عام 2003.
دخلت الهدنة الإنسانية في قطاع غزة يومها الثالث، بعد أن شهدت في اليومين السابقين الإفراج عن دفعتين من الأسرى والمحتجزين، الأولى كانت عبارة عن 13 إسرائيليًا مقابل 39 فلسطينيًا والثانية مثلها، فى حين واصلت الشاحنات المحملة بالمساعدات التدفق إلى داخل القطاع.