في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في الشرق الأوسط، تناول مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أخيرًا تأثير هجوم فصائل المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في أكتوبر الماضي، إذ أكدت الباحثة جينيفر كافانا وزميلها فريدريك ويري في تحليلهما أن هذا الهجوم يشكل تحديًا خطيرًا على استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة، مشيرين إلى أنه يمكن اعتباره الأكثر خطورة منذ زلزال ثورات الربيع العربي.
تبنى الكاتبان وجهة نظر تؤكد أن الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة أثار عداءً واسع النطاق للولايات المتحدة في المنطقة باعتبارها الداعم الرئيسي لتل أبيب، ما دفع بجماعات إقليمية إلى شن هجمات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا. هذا التصاعد في التوترات يفرض على واشنطن النظر بجدية إلى كيفية التعامل مع إسرائيل ومواجهة التحديات الأمنية المستجدة.
ويعتقد الكاتبان أن الطريقة التي سيروِّض بها الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته تصرفات إسرائيل إضافة إلى التداعيات الجيوسياسية الأوسع للحرب، سيكون لها عواقب بعيدة المدى على الاستقرار الإقليمي وكذلك على قدرة واشنطن على مواجهة الخصوم وردعهم في المنطقة وأماكن أخرى.
يرى الكاتبان أن استجابة الرئيس جو بايدن وإدارته للأزمة تشمل تعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، خاصة بعد إرسال حاملتي الطائرات يو أس أس جيرالد فورد وأيزنهاور إلى الشرق الأوسط، وهو ما يعكس رغبة الولايات المتحدة في ردع قوى إقليمية من استغلال "شبكة عملائها" لشن هجمات على إسرائيل من مختلف الجهات.
مع زيادة وجود القوات الأمريكية، يحذر التحليل من تصاعد التوترات الإقليمية وتكلفة التدخل العسكري المستمر. يتساءل الباحثان عما إذا كانت هذه الخطوة ستفاقم الصراع الحالي دون قصد، وهل قد تنجرف الولايات المتحدة إلى التزامات أمنية "مفتوحة" في المنطقة؟.
نظرًا لما تشكله الأزمة الحالية من تحديات، يطالب كاتبا المقال بضرورة تصحيح مسار السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، إذ يشير الباحثان إلى أن نهج "الأمان أولا" يتطلب إعادة التقييم، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وإنهاء عملياتها القتالية في العراق.
بينما يعيد المقال النظر في الاستراتيجية الأمريكية، يحذر من تأثير محتمل على الاستقرار الإقليمي وقدرة الولايات المتحدة على التعامل مع التحديات في المنطقة وخارجها. يتساءل الباحثان عما إذا كانت السياسة الحالية ستساهم في تعميق الثغرات في الأمن الإقليمي.
لكن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في خضم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وموجات العداء لأمريكا التي تجتاح العالم العربي، والخلاف الحقيقي بين الحكومات العربية وواشنطن بشأن مقاضاة إسرائيل على جرائمها، كلها عوامل يعدها الباحثان في مقالهما خطرًا يهدد بتآكل الأساس الذي يقوم عليه التعاون الأمني بين الولايات المتحدة والعالم العربي، خصوصًا بعد أن أصبح الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة أكثر وضوحًا وإثارة للجدل.