"زلزال سياسي هولندي".. هذا هو التوصيف الذي استخدمته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية بعد الانتصار الواضح الذي حققه اليمين المتطرف بقيادة خيرت فيلدرز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في هولندا هذا الأسبوع، مشيرة إلى أن هذا الفوز سوف يرسل هزات في جميع أنحاء أوروبا، إذ لم يحصل أي حزب يميني متطرف في السابق على نسبة 20 % من تصويت الجمعية الهولندية، إلا أن فيلدرز فاز بنسبة 23.6% وضاعف عدد مقاعد حزبه في زيادة متأخرة بدا أنها أذهلته بقدر ما أذهلت البلاد.
حصل حزب فيلدرز على 37 مقعدًا من أصل 150، إلا أنه لا يمكنه تشكيل حكومة بمفرده وسيطلب من شركاء الائتلاف المحتملين توحيد قواهم إذا أراد أن يخلف روته كرئيس للوزراء.
وتشير "فايننشال تايمز" إلى أن نجاح فيلدرز من شأنه أن يشجّع القوميين اليمينين الآخرين المناهضين للهجرة والمتشككين في الاتحاد الأوروبي، الذين يأملون في تحقيق مكاسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو المقبل. قبل شهر كان الليبراليون المؤيدون لأوروبا واثقين من مستقبلهم بعد أن حرمت أحزاب المعارضة البولندية الحكومة القومية التي يقودها القانون والعدالة من السيطرة على الأغلبية.
وتوضح الصحيفة أنه حتى لو بدت مطالبات فيلدرز بإجراء استفتاء على مغادرة الاتحاد الأوروبي احتمالًا بعيد المنال، فقد تمثل لاهاي عقبة أمام زيادة ميزانية الاتحاد الأوروبي، والمزيد من الاقتراض المشترك والتوسيع، وعدة قضايا أخرى.
الهجرة.. قضية الانتخابات
وتسلّط الانتخابات الهولندية مرة أخرى الضوء على قوة الهجرة باعتبارها قضية انتخابية عندما تكافح أوروبا للتعامل مع أعداد ضخمة من المهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء، على رأسهم اللاجئين من أوكرانيا. ويثير هذا الأمر أسئلة صعبة بالنسبة للأحزاب الرئيسية، وخاصة أحزاب يمين الوسط، التي تخشى أن يتغلب عليها الشعبويون من اليمين.
كان انتصار فيلدرز أكثر إثارة للصدمة لأنه على عكس الإيطالية جيورجيا ميلوني أو بدرجة أقل، اليمين المتطرف الفرنسي تحت قيادة مارين لوبان، لم يخفف حقًا من مواقفه المتطرفة خلال عقدين من الزمن في البرلمان، إلا أنه ربما يكون قد استخدم لهجة أكثر اعتدالًا قرب نهاية الحملة الانتخابية وأعرب عن استعداده للعمل مع الآخرين في الحكومة، لكنه لم يتخل قط عن سياساته التمييزية تجاه الإسلام، مثل حظر المساجد.
إلا أن الصحيفة تشير الى أن الحاجة إلى تشكيل تحالفات لتولي السلطة في النظام الهولندي تقف كعائق أمام فيلدرز، إذ نظرًا لموقفه غير الدستوري المناهض للإسلام، فلا ينبغي لأي حزب رئيسي أن يوافق على العمل تحت قيادة الأخير كرئيس للوزراء.
وتوضح الصحيفة أن الطريق إلى السلطة بالنسبة لفيلدرز تبدو معقدة، وليس لديه أي فرصة لتشكيل ائتلاف أغلبية بعد أن قالت ديلان يشيلجوز، زعيمة حزب اليمين الليبرالي الذي احتل المركز الثالث، إنها لن تدعم سوى حكومة يمين الوسط فقط، ما قد يمنع فيلدرز من قيادتها. وتتحمل يشيلجوز وحزبها المسؤولية جزئيًا عن انتصار فيلدرز، إذ أسقط حزبها، الائتلاف المنتهية ولايته بسبب نزاع حول الهجرة، وركز حملته على تشديد القواعد على المهاجرين.