في السابع من أكتوبر الماضي، بدأ العدوان الإسرائيلي عميلة "السيوف الحديدية"، ردًا على عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، وكبدت خلالها الاحتلال الإسرائيلي، خسائر غير مسبوقة، بينها نحو 1400 قتيل.
ليست هذه المرة الأولى، التي يشن الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا على قطاع عزة، بدءًا من الرصاص المصبوب في 2008، لكن "السيوف الحديدية" هي الأعنف والأكثر جرمًا ودموية.
جرائم "السيوف الحديدية"
ضرب الاحتلال الإسرائيلي بالقانون الدولي والإنساني عرض الحائط، وفي خلال شهر واحد، تجاوز عدد الشهداء من الأطفال، عدد الأطفال القتلى في 22 صراعًا مسلحًا حول العالم منذ عام 2020، وهو مؤشر للفظائع التي يرتكبها الاحتلال.
لم يترك الاحتلال، بشرًا ولا حجرًا في حربه على غزة هذه المرة، ووصل الأمر إلى قصف المستشفيات وقتل الجرحى، ولعل آخرها قصف مستشفى الشفاء بالفوسفور الأبيض، وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، إن ما يحدث هو قرار بقتل كل من في المستشفيات.
وفي تصعيد خطير، ركز جيش الاحتلال، هجماته على القطاع الصحي، وفرض حصارًا على 3 مستشفيات، في منطقة النصر غربي غزة، ومنع خروج أو دخول أي شخص منها، وأطلق النار على من حاولوا الخروج من مستشفى النصر للأطفال، رغم رفعهم الرايات البيضاء.
وحتى الآن توقف 20 مستشفى من أصل 35 في قطاع غزة عن الخدمة، التي تعاني أصلًا من نقص في المعدات والوقود والأدوية وكل شيء، وسط تهديدات بالقصف.
تجاوز عدد شهداء قطاع غزة حتى أمس، 11 ألف شهيد، بينهم 4506 أطفال، و3027 امرأة، و668 مسنًا، وأكثر من 27 ألف مصاب، وهو العدد الذي يتجاوز عدد القتلى المدنيين في صفوف أوكرانيا، في أكثر من 22 شهرًا.
وهذه الحرب هي الرابعة على قطاع غزة، بأهداف مقاربة لكل الحروب السابقة تقريبًا، لكنها الأكثر وحشية، فما هو تاريخ الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة؟
الرصاص المصبوب
الحرب الأولى التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، كانت عام 2008، وأسمتها "الرصاص المصبوب"، فيما أسمتها المقاومة الفلسطينية، "حرب الفرقان"، واستمرت 21 يومًا، إذ بدأت في 27 ديسمبر 2008 وانتهت في 18 يناير 2009.
بدأت إسرائيل عدوانها، بسلسلة غارات شنّتها نحو 80 طائرة حربية إسرائيلية، على عشرات المقار الأمنية والحكومية الفلسطينية، وأسفرت عن استشهاد 200 فلسطيني، أغلبهم من "الشرطة".
واتخذ الاحتلال قراره بشنّ حرب برية، بعد 8 أيام من القصف المُكثف، بمشاركة سلاح المدفعية وجنود المشاة والدبابات، واستخدام أسلحة محرمة مثل قنابل الفوسفور الأبيض واليورانيوم المخفف، بحسب تصريحات صدرت عن خبراء ومراكز حقوقية ومؤسسات أوروبية.
بعد 23 يومًا من العدوان أعلن إيهود أولمرت، رئيس وزراء الاحتلال آنذاك، وقف إطلاق النار من جانب واحد، الانسحاب من القطاع، ثم أعلنت المقاومة هدنة لمدة أسبوع، لانسحاب الجيش الإسرائيلي.
ألقت إسرائيل في حرب عام 2008 نحو مليون كيلو جرام من المتفجرات، وهدمت 4100 مسكن بشكل كلي، و17 ألفًا بشكل جزئي، واستشهد 1436 فلسطينيًا، بينهم 410 أطفال، وأصيب أكثر من 5400 آخرين.
وعلى الجانب الإسرائيلي، أعلنت إسرائيل مقتل 13، بينهم 10 جنود وأُصيب 300 آخرون.
عمود السحاب
في 14 نوفمبر 2012، كانت حرب إسرائيل الثانية على قطاع غزة، تحت اسم "عمود السحاب"، وأسمتها المقاومة الفلسطينية "حجارة السجيل"، واستمرت 8 أيام.
واستشهد خلال الحرب الثانية على قطاع غزة 162 فلسطينيًا، بينهم 42 طفلًا و11 سيدة، وأُصيب 1300 آخرون، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فيما قُتل 20 إسرائيليًا، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وخلال حرب 2012، هدم الاحتلال 200 منزل بشكل كامل، ودُمر 1500 منزل بشكل جزئي، إضافة إلى تضرر عشرات المساجد وعدد من المقابر والجامعات.
وأعلن جيش الاحتلال استهدافه 980 منصة صاروخية تحت الأرض، و140 نفقًا لتهريب البضائع والأفراد، و66 نفقًا للمقاومة، فيما أعلنت المقاومة تمكنها من ضرب مواقع إسرائيلية بـ1573 قذيفة.
الجرف الصامد
كانت الحرب الثالثة على قطاع غزة في 2014، وأسماها الاحتلال "الجرف الصامد"، فيما أسمتها المقاومة "العصف المأكول".
كانت حرب 2014 هي الأطول واستمرت 51 يومًا، إذ بدأت في 8 يوليو وانتهت في 26 أغسطس، وتسببت في استشهاد 2322 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلًا، و489 امرأة و102 مسن، وأصيب نحو 11 ألفًا آخرين، بحسب الصحة الفلسطينية.
وشهدت حرب 2014 مجازر بحق 144 عائلة، "3 شهداء أو أكثر لكل عائلة"، في المقابل قُتل 68 عسكريًا إسرائيليا، و4 مدنيين، وعامل أجنبي واحد، وأُصيب 2522 إسرائيليًا بينهم 740 عسكريًا.
وبلغ عدد غارات الاحتلال عام 2014، نحو 60 ألف غارة، جوًا وبرًا وبحرًا.
وبلغ عدد الوحدات السكنية المهدمة كليًا 12 ألفًا، و160 ألف وحدة، بشكل جزئي بحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".
"حارس الأسوار"
وفي مايو 2021، شن الاحتلال عملية "حارس الأسوار"، واستمرت 11 يومًا، أسفرت عن 240 شهيدًا و5000 جريح، فيما أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم "سيف القدس".
وتُعد معركة "سيف القدس"، هي أول معركة تبدأها المقاومة الفلسطينية، كردٍ على التصعيد الإسرائيلي، وفي ظل التوتر الأمني في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح.
وأطلقت الفصائل بغزة ما يزيد على 4 آلاف صاروخ تجاه مدن جنوب ووسط إسرائيل، أسفرت عن مقتل 12 إسرائيليًا وإصابة نحو 330 آخرين، وفق مصادر إسرائيلية.
وخلال الحرب، قصفت إسرائيل عدة مبان سكنية، وأعلنت تدمير نحو 100 كيلو متر من الأنفاق في غزة، حتى تم وقف إطلاق النار في 21 مايو بعد ضغوط دولية.
"الفجر الصادق"
كان العدوان الأخير، قبل "طوفان الأقصى"، هي عملية الفجر الصادق، والتي أسفرت عن 10 شهداء وعشرات الجرحى.
وانطلقت هذه العملية، في الخامس من أغسطس، واستمرت 66 ساعة فقط، شن خلالها الاحتلال الإسرائيلي غارات على 170 هدفًا في قطاع غزة، حيث اغتال عددًا من قيادات ونشطاء حركة الجهاد الإسلامي، من بينهم القائد في سرايا القدس تيسير الجعبري.
وردت الحركة بعملية "وحدة الساحات"، أطلقت خلالها أكثر من ألف صاروخ، على بلدات ومدن إسرائيلية.
وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة استشهد في هذه الحرب 24، من بينهم 6 أطفال، في حين أُصيب 203 بجروح مُختلفة.