يعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الهابيتات) المعنى بالتطوير الحضري ومكافحة العشوائيات، في 18 دولة ومكتبه الإقليمي في القاهرة، ويقوم بدعم الحكومات المحلية والمدن والمجتمعات والتنقل الحضري الآمن، والسياسات الوطنية الحضرية والقوانين والتشريعات الداعمة للتنمية الحضرية الشاملة والمستدامة، بالإضافة إلى تحسين الوصول لخدمات المياه والصرف الصحي، وتوفير الإسكان والمأوى، والحلول التي يقودها المجتمع وتخفيف الأثر الاقتصادي للأزمات وفى مقدمتها أزمات التغير المناخي ومساعدة المدن والمجتمعات المحلية لمواجهاتها.
التقى موقع "القاهرة الإخبارية" المدير الإقليمي للبرنامج الأممي، د. عرفان علي، الذي بدأ العمل في البرنامج منذ 10 سنوات في مناطق عربية مختلفة قبل تولي منصب المكتب الإقليمي بالقاهرة، كما عمل في وقت سابق مع الاتحاد الأوروبي في برنامج تحديث البلديات، كما عمل كرئيس لهيئة التخطيط الإقليمي سابقاً في سوريا، وكان لنا معه هذا الحوار:
نود أن نعرف دور مكتب برنامج الأمم المتحدة للتنمية الحضرية المستدامة الإقليمي بالقاهرة؟
يعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في 18 بلدًا بالمنطقة العربية، ولديه مشاريع في 16 دولة، وينفذ الخطة الاستراتيجية للبرنامج التي تتناول 4 مرتكزات هي: التخفيف من التفاوتات بين المناطق، خاصة المناطق التي تعاني من الفقر الحضري، وتحسين الموارد المحلية وتحسين الوضع الاقتصادي، والعمل البيئي على المستوى المحلي والتصدي للأزمات الحضرية وتقديم الإغاثة.
ما محفظة عمل البرنامج الإقليمي لدول عمل المكتب؟
نفذ البرنامج نحو 190 مشروعًا في الدول العربية منذ 1997 حتى 2021، وتصدرت اليابان والاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية قائمة كبار المانحين للبرنامج بين أعوام 2014 – 2020.
وما هي أهم البرامج التي يعمل بها البرنامج لدعم دول الإقليم؟
البرنامج يدعم السياسات الوطنية الحضرية والقوانين والتشريعات الداعمة للتنمية الحضرية الشاملة والمستدامة، كما يدعم البرنامج على الصعيد التنفيذي برامج إعادة تأهيل المباني السكنية والبنية التحتية وبرنامج حق حيازة الأراضى وتطوير إطار إعادة التأهيل الحضرى، ومشروعات تعمل على تحسين التنقل الحضري المستدام، ونظم توفير المياه النظيفة والصرف الصحي المبتكرة والفعالة، وتطوير المساحات والأماكن العامة.
تم عقد حدثين مهمين خلال الفترة الماضية هما المؤتمر العربي للأراضي ويوم المدن العالمي.. لماذا تم اختيار مصر لهذه الفعاليات؟
تتمتع مصر بدور كبير على المستوى الإقليمي في دعم التنمية الحضرية، ولها تجارب ناجحة في مجال التنمية الحضرية المستدامة. كما أن لمصر طبيعة منفردة ومتنوعة مكنّتها من بناء خبرات متنوعة بقضايا مكانية وقطاعية ثرية يمكن عرضها ونقل دروسها المستفادة إقليميًا وعالميًا.
يعمل المكتب الإقليمي من مصر.. ما أهم البرامج التي يتم العمل بها؟
يعمل البرنامج على التخطيط الوطني والإقليمي والتحضر المستدام والسياسات والتشريعات والحوكمة الحضرية، والتخطيط والتصميم الحضري والتوسع العمراني وإدارة الأراضي، والاقتصاد والتمويل الحضري، بالإضافة إلى الإسكان والخدمات الأساسية (بما في ذلك المياه والصرف الصحي والنقل والأماكن العامة) وكذلك التنقل في المناطق الحضرية والاتصال وإمكانية الوصول.
وتعد استراتيجية الإسكان الوطنية في مصر، والتي تم إطلاقها في 2020، الأولى من نوعها في المنطقة العربية بناءً على مبادئ حقوق الإنسان، التي مهّدت الطريق لتنفيذ نهج التطوير الحضري التشاركي الجديد لدعم مصر نحو النهوض الفعّال بالهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة، وخاصة ترقية الأحياء الفقيرة. بالإضافة إلى ذلك إدخال أدوات فعّالة محسنة لإدارة الأراضي، والتنقل الحضري المتكامل، والتخطيط والتصميم الحضريين، وتوفير الخدمات الأساسية.
وفي إطار برنامج "دعم الابتكار في قطاع المياه والصرف الصحي في مصر"، تم إدخال آليات وأدوات مبتكرة لتوفير المياه ومياه الصرف الصحي من قِبل الأمم المتحدة، ما أتاح توفير المياه النظيفة لأكثر من خمسمئة شخص في المواقع المعرضة للخطر والنائية وصرف صحي محسن لنحو 5000 نسمة في دلتا مصر، ويصل هذا العدد إلى أكثر من 2.2 مليون نسمة من خلال تكرار الدولة والجهات التنموية للأدوات والآليات المنفذة.
ماذا عن القضاء على العشوائيات وتجربة مصر الدولة التي تم عرضها على الدول التابعة للمكتب الإقليمي؟
تأتي أهمية التجربة المصرية في ظل مفهوم التنمية والتطوير العمراني والدور الفعّال الذي تقدمه في إطار الحق بسكن اللائق ومجتمعات عمرانية مستدامة وشاملة للجميع، لأنها تتعامل مع قضايا التطوير والتنمية بنظرة متكاملة وشاملة للجميع.
وتأتي المنهجية في ضوء تجديد مؤتمر الموئل الثالث على الالتزام بالحق في السكن اللائق، و تنفيذ توصيات "الأجندة الحضرية الجديدة" ، والتي أقرت بارتباط المستوطنات غير الرسمية والمتدهورة بالفقر وعدم المساواة والاستبعاد الاجتماعي وتوفير الموارد، بالإضافة إلى التزامها بتهيئة بيئة مواتية تقلل من هشاشة المستوطنات العشوائية وتعزز الأمن الحضري.
ومن هنا، تأكدت أهمية المدخل المتكامل لبرنامج تنمية وتطوير المناطق غير الرسمية كعنصر فعّال يعكس تكامل أهداف التنمية المستدامة والتي تتحقق بشكل مترابط في تنمية المناطق غير الرسمية والمتدهورة والفقيرة، حيث إن المدخل التنموي المتكامل لتطوير تلك المناطق يسهم بشكل فعّال في الحد من الفقر، ودعم الاتصالية بالخدمات الأساسية (تعليمية، صحية، مياه نظيفة وخدمات صرف صحي محسنة، العمل اللائق، والنمو الاقتصادي، الحد من أوجه عدم المساواة، العمل المناخي)
بالإضافة للأطر العالمية، فإن هذا المشروع مهم جدًا في إطار الخطة الاستراتيجية الجديدة لموئل الأمم المتحدة 2020-2023 والتي تعكس أهداف المنظمة في دفع عمليات تحضر مستدام كمحرك للتنمية والسلام لتحسين الظروف المعيشية للجميع، وترتكز على أربعة محاور رئيسية، من أهمها محور الحد من عدم المساواة المكانية والفقر.
وقد تم إطلاق المنهجية الجديدة للتطوير والتنمية في مصر الشهر الماضي على هامش فعاليات اليوم العالمي للمدن لرسم خارطة طريق متكاملة لتمكين تحقيق تلك الأهداف الطموحة، وتأتي المنهجية الجديدة بالتنسيق مع السياسات والاستراتيجيات الوطنية، وبالمشاركة الفعّالة لجميع الأطراف ذات الصلة.
وقد كان من أهم نتائج المشروع حتى الآن إدراج آليات التنمية والتطوير الجديدة بمراجعة قانون البناء الموحد واستراتيجية الإسكان الوطنية وأطر تخطيط وتحديث المخططات للمدن المصرية.
حيث تحتوي مددنا القائمة على إمكانيات كامنة تصل لـ 70% من المناطق العمرانية القائمة بالمدن، ومن هنا فإن إتاحة آليات وأدوات لتعظيم الاستفادة من تلك المناطق ستعود بالنفع الاجتماعي والاقتصادي والبيئى على المدن والمجتمعات المحلية، وبالتبعية على الاقتصاد الوطني. وقد تم نقل المنهجية والتجربة الناجحة إلى 9 مدن عربية منها "اليمن، لبنان، العراق والممكلة العربية السعودية"، ويستكمل المشروع أهدافه بالمرحلة الحالية لدعم صندوق التنمية الحضرية للتنفيذ الفعّال والمستدام للدور الوطني المهم الجديد وإتاحة الأدوات والآليات لتمكين تنمية وتطوير حضري مستدام وشامل للجميع.
ماذا عن عمل البرنامج الإقليمي في ملف التغيرات المناخية؟
نحتاج إلى العمل للوصول إلى مدن أكثر استدامة وشمولًا ومرونة، وأيضًا منخفضة الانبعاثات من أجل مستقبل حضري أفضل للجميع، وفي هذا السياق، طورت رئاسة قمة المناخ التي استضافتها مصر (COP 27) بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وبتيسير من منظمة الحكومات المحلية من أجل الاستدامة (ICLEI)، مبادرة المرونة الحضرية المستدامة للجيل القادم (SURGe). وتهدف المبادرة إلى تحقيق أنظمة حضرية مستدامة ومرنة من خلال تعزيز تنفيذ أجندة المناخ في المدن، وإطلاق وتحقيق التمويل المناخي العادل، وبناء القدرات.
وتتضمن المبادرة خمسة مسارات لتحقيق أهدافها: كفاءة استخدام الطاقة والمباني المستدامة منخفضة الكربون، وإدارة المخلفات والنقل الحضري، وإدارة المياه في المناطق الحضرية.
ومن أمثلة المشروعات التي تواجه تحديات المناخ، "مثلث الزهور الأخضر" الريادي في عمان، الأردن، والذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، بالتعاون مع أمانة عمان ودعم حكومة اليابان، ويتضمن تطوير نظام صرف مياه الأمطار في حديقة الزهور المعروفة كأكثر مناطق المدينة عرضة للفيضانات المفاجئة.
أما في مصر تحديدًا، فأطلقت محافظة القاهرة، بدعم من مؤسسة دروسوس والدعم والإشراف الفني من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومعهد سياسات النقل والتنمية، أول نظام لمشاركة الدراجات في مصر: "كايرو بايك".
فالآن، المدن ليست بحاجة إلى مواجهة احتياجات اليوم المُلحة مثل التنقل في المناطق الحضرية ولكن أيضًا تحديات متعلقة بالتغيرات المناخية والمخاطر البيئية مثل تلوث الهواء في المدن وغيرها من المخاطر.
كما يعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية علىى تعزيز الشراكات العالمية لتعزيز مشاريع مثل نظام مشاركة الدراجات، وتقديم بناء القدرات لربط العلم بالسياسات بالممارسة.