للمرة الأولى، اعترفت الولايات المتحدة بنشر طائرات مُسيرة حربية بدون طيار فوق سماء غزة، في إشارة واضحة للتورط الأمريكي المُتصاعد في النزاع، إذ في ظل القتال العنيف بين إسرائيل وفصائل المقاومة، أكد البنتاجون تحليق مسيرات "ريبر" القتالية لمراقبة سماء غزة للمساعدة في استعادة المحتجزين.
لكن خبراء عسكريين يرون في ذلك دلالة على دعم أمريكي مباشر لإسرائيل، في حين تكشف مواقع متابعة الرحلات الجوية عن وجود 6 طائرات أمريكية تحلق على ارتفاع منخفض قرب معارك غزة.
اعترف الجيش الأمريكي بتنفيذ طلعات جوية بطائرات بدون طيار "غير مُسلحة" فوق قطاع غزة، مُشيرًا إلى أن نشرها تم للمساعدة في تحديد مكان المحتجزين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، فيما يصر المسؤولون الأمريكيون الذين نقلت وسائل الإعلام عنهم أن الطائرات لا تدعم العمليات الإسرائيلية في المنطقة.
وفي بيان مقتضب أكد المتحدث باسم البنتاجون، العميد باتريك رايدر، أن مهام الطائرات بدون طيار "بدأت بعد اندلاع عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر"، والذي احتجزت خلاله فصائل المقاومة الفلسطينية أكثر من 200، بحسب ما أشارت صحيفة "ديلي ميل" الأمريكية.
وقال "رايدر": "دعمًا لجهود استعادة المحتجزين، تقوم الولايات المتحدة بإطلاق طائرات بدون طيار غير مسلحة للتحليق فوق غزة، فضلًا عن تقديم المشورة والمساعدة لدعم شريكنا الإسرائيلي أثناء عمله في جهود استعادة المحتجزين".
ويأتي هذا الاعتراف بعد أن لاحظ الصحفيون وجود طائرات بدون طيار من طراز MQ-9 Reaper تحلق حول القطاع الفلسطيني من خلال مواقع تتبع الرحلات الجوية، على الرغم من أنه يمكن تجهيز الطائرات بدون طيار للقيام بضربات جوية، إلا أن طائرة Reaper تُستخدم أيضًا بشكل متكرر للمراقبة؛ نظرًا لمجموعة أجهزة الاستشعار المتقدمة، فضلًا عن القدرة على البقاء في الهواء لأكثر من 24 ساعة متواصلة.
ووفقًا للعديد من المسؤولين الأمريكيين الذين استشهدت بهم صحيفة نيويورك تايمز، فإن هذه المهام تمثل المرة الأولى التي تعمل فيها طائرات أمريكية بدون طيار فوق غزة. ومع ذلك، أكدوا أن الرحلات الجوية "لا تدعم العمليات العسكرية الإسرائيلية على الأرض"، وكانت تهدف إلى "رصد علامات الحياة وتمرير الخيوط المحتملة إلى الجيش الإسرائيلي".
وقالت أميليا سميث، باحثة الطيران، لصحيفة نيويورك تايمز، إنه تم رصد ما لا يقل عن ست طائرات من طراز MQ-9 وهي تطير فوق جنوب غزة، على بعد حوالي 15 ميلًا من القوات البرية الإسرائيلية التي تهاجم القطاع من الشمال، وحلقت عدة طائرات بدون طيار فوق غزة لمدة ثلاث ساعات تقريبًا على ارتفاع 25 ألف قدم، ويعتقد أن القوات الخاصة الأمريكية تشغلها.
وسط الجولة الأخيرة من القتال بين إسرائيل وفصائل المقاومة، نشرت واشنطن آلاف القوات في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى مجموعتين من حاملات الطائرات وغيرها من الأصول البحرية، قائلة إن هذه التحركات تهدف إلى ردع الجهات الخارجية من التورط في القتال.
وعلى الرغم من إشارة مجلة بوليتيكو سابقًا إلى أن القوات الأمريكية يمكن أن تعمل كقوات حفظ سلام في غزة بعد الحرب الحالية، رفض البيت الأبيض هذه الفكرة، وأصر على أن الأفراد الأمريكيين لن يعملوا في القطاع "الآن أو في المستقبل"، وفقًا لوكالة "رويترز".
وبينما أعربت واشنطن عن دعمها القوي للعمل العسكري الإسرائيلي في غزة، اقترح المسؤولون في الأيام الأخيرة "هدنة إنسانية"؛ لتسهيل شحنات المساعدات إلى القطاع المحاصر، وخلال خطاب ألقاه في تل أبيب يوم الجمعة، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إن هدنة قصيرة يمكن أن تسمح "بتوزيع أكثر فعالية واستدامة للمساعدات الإنسانية"، وهي فكرة سرعان ما رفضها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وقال نتنياهو، في بيان، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيواصل ضرب غزة "بكل قوته"، مضيفًا أن إسرائيل "ترفض وقف إطلاق النار المؤقت الذي لا يشمل عودة المحتجزين".