شهد الاتحاد الأوروبي خلافات حادة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الآونة الأخيرة، بعد ما انقسمت وجهات النظر بين دول الاتحاد حول كيفية التعامل مع القضية. وأظهر التصويت الأخيرة في الأمم المتحدة، بشأن وقف إطلاق النار، أن الاتفاق على موقف موحد من قِبل الاتحاد الأوروبي أصبح أمرًا صعبًا.
تسلط صحيفة "فزجلياد" الروسية الضوء على أهم الخلافات التي نشبت بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكيف تسببت في تراجع وحدة الاتحاد، إذ يتناول تأثير هذه الخلافات على قيادات الاتحاد الأوروبي وعلاقاتها الدبلوماسية.
الخلافات الأخيرة
شهدت جلسة الأمم المتحدة الأخيرة تصويتًا على مشروع قرار طالب بوقف فوري لإطلاق النار في بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة في قطاع غزة. حصل القرار على 120 صوتًا مؤيدًا مقابل 8 أصوات معارضة بينما امتنعت 45 دولة عن التصويت.
تسبب هذا التصويت في غضب شديد في إسرائيل، وأعربت وزيرة الدفاع التشيكية يانا تشيرنوهوفا عن إحباطها الشديد من نتيجة التصويت مهددة بانسحاب بلادها من الأمم المتحدة، كما انتقدت السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي التي وصفتها بأنها "متساهلة" تجاه فلسطين.
في المقابل، أيدت دول مثل إسبانيا وفرنسا وقف إطلاق النار، بسبب نسبة العرب المتزايدة في سكانها، كما تباينت وجهات النظر داخل ألمانيا بين الحكومة والأوساط اليسارية.
تسببت هذه الاختلافات في توتر شديد بين أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية، الموالية لإسرائيل، وشارل ميشال رئيس مجلس أوروبا، الداعي لوساطة أكثر موضوعية، كما تسببت في انقسام حاد بين دول الاتحاد الأوروبي.
وتشير الصحيفة إلى أن هذا من شأنه أن يخلق صدعًا آخر داخل الاتحاد الأوروبي، إذ تصفه بلومبرج إسرائيل بأنها سبب "الخلاف المخزي" بين فون دير لاين وميشيل.
تأثيرات سياسية
لعبت هذه الخلافات دورًا رئيسيًا في إضعاف وحدة الاتحاد الأوروبي وقدرته على التحرك ككتلة واحدة، إذ تشير الصحيفة إلى أن التصويتات الأخيرة أظهرت أنه من الصعب الآن التوصل إلى إجماع بشأن موقف واحد من هذه القضية الحساسة.
كما تسببت الخلافات في توتر العلاقات بين قادة الاتحاد مثل رئيسي المفوضية ومجلس الأوروبي، ما قد يضعف من مكانتهما وقدرتهما على تمثيل الاتحاد.
أما على مستوى الدول الأعضاء، فإن اختلاف وجهات النظر تسبب في توتر العلاقات الثنائية بين بعضها، ما قد يؤثر سلبًا على التعاون الأمني والاقتصادي، لذا أعربت وزيرة الدفاع التشيكية عن احتمال انسحاب بلادها من الأمم المتحدة إذا استمر الموقف الحالي.
وفي ألمانيا، موطن فون دير لاين، وفي بلجيكا، موطن ميشيل، حيث يعمل كلاهما، هناك أيضًا عدد لا بأس به من العرب، ولا يزال خطر انقسام الشوارع قائمًا. لكن بالنسبة للألمانية دير لاين، يتبين أن الماضي أقوى من الخوف من المستقبل، فلا هي ولا الحكومة الألمانية على استعداد لإدانة إسرائيل بأي شكل من الأشكال، خشية أن يُنظر إليها على أنها إدانة لتل أبيب على خلفية نازية.
حل صراعين يضعف الاتحاد
وكما ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية فإن الحاجة إلى حل صراعين في وقت واحد (في الشرق الأوسط وأوكرانيا) أظهرت ضعف وتفكك الاتحاد الأوروبي.
يشيد الأمريكيون بـ"أورسولا" لطموحاتها و"أهدافها الجيوسياسية واسعة النطاق"، إلا أنهم بحسب ما تشير الصحيفة، يعتقدون أن أجهزتها لا تستطيع التكيف مع الأهداف، وأن "السلطة الأخلاقية" التي تتمتع بها بروكسل في البلدان النامية بدأت "تتبخر".
في الصراع الدائر حول أوكرانيا، تمكنت الولايات المتحدة وفون دير لاين في المرحلة الأولى من تحقيق الوحدة بين الدول الأوروبية بشأن مسألة العقوبات المناهضة لروسيا، على الرغم من أن هذه السياسة بالنسبة للبعض كانت أكثر خطورة وغير مربحة من البعض الآخر.
لكن الخلافات حول الشرق الأوسط، التي تبدو أقل أهمية بالنسبة لأوروبا، أصبحت القشة التي قصمت ظهر البعير أمام أعين الجميع وتسببت في عاصفة من السخط العام ضد شخصية فون دير لاين. ووفقًا لمصادر من عدد من وسائل الإعلام الأوروبية، فإن "الصمت" الصارم فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية أدى إلى تحول الدبلوماسيين من الغالبية العظمى من دول الاتحاد الأوروبي ضد رئيس المفوضية الأوروبية.