من الخارج تشبه السفينة، دلالة على أنها تمثل طوق النجاة من المخاطر، وتقع تحديدًا في حي الزيتون شرقي مدينة غزة، إذ تقف شاهدًا موثوقًا على التعايش بين أتباع المسيحية والإسلام على مر العصور.. هي كنيسة القديس برفيريوس في قطاع غزة.
ظلت كنيسة القديس برفيريوس، رمزًا للتعايش بين الديانات، وهي ثالث أقدم كنيسة في العالم، ويلجأ إليها مسلمو غزة وقت القصف كملاذ آمن، لكنها لم تعد كذلك، إذ باتت كغيرها من دور العبادة هدفًا للصواريخ الإسرائيلية.
حتى استهدفها الاحتلال الإسرائيلي، حسبما أعلنت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية، ومسؤولون بقطاع الصحة الفلسطيني، وهو القصف الذي قال الاحتلال إنه على موقع تابع للمقاومة في منطقة الكنيسة.
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قال إن الهجمة أسفرت عن مقتل 18 مسيحيًا فلسطينيًا، وهو العدد المرشح للزيادة إذ إن الكنيسة لم تصدر بعد العدد النهائي للضحايا (الشهداء والجرحى) جراء الهجوم.
بحسب مسؤولين فلسطينيين، كانت الكنيسة تؤوي ما لا يقل عن 500 مسلم ومسيحي، كانوا يحتمون بها من القصف الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر، والذي خلف 4137 شهيدًا، وأكثر من 13 ألف مصاب، وأكثر من 1000 مفقود أغلبهم من الأطفال.
كنيسة القديس برفيريوس في غزة، تعد واحدة من أقدم كنائس الروم الأرثوذكس، تتميز بطرازها البيزنطي، وتم بناؤها في بداية القرن الخامس الميلادي على يد القديس بروفيريوس، بأوامر من الإمبراطورية البيزنطية في ذلك الوقت لنشر المسيحية.
تتميز الكنيسة، بالنقوش والتراتيل التي تزين جدرانها الداخلية، والتي تروي قصة القديس برفريوس، وقصة محاربته للمعتقدات غير السماوية في غزة، وكيف عمل على نشر المسيحية، إلى أن توفي، ولا يزال قبره فيها حتى اليوم.
أقيمت الكنيسة التي تعد بين أقدم كنائس الروم الأرثوذكي، عام 407 ميلاديًا، مكان معبد وثني كان من الخشب، تم حرقه وأقيمت مكانه الكنيسة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يقصف فيها الاحتلال الكنيسة أو محيطها، ففي القصف الذي شنه الاحتلال على قطاع غزة لجأ نحو 600 مسلم للكنيسة التي فتحت أبوابها لاستقبالهم، إلا إن القصف طالها كذلك.
وقتها قال كبير الأساقفة اليوناني ألكسيوس أن خمس أو ست قذائف ضربت المنطقة التي توجد بها، إضافة إلى المسجد المجاور، الذي ضم نازحين آخرين، مشيرًا إلى أن الوضع كان سيئًا، وتضررت مقبرة الكنيسة وحضانة الأطفال في المسجد.
وأكد كبير الأساقفة أنه رغم القصف ستبقى الكنيسة مفتوحة أمام كل من يبحث عن مأوى، مضيفًا: "نحن عائلة واحدة مسلمين ومسيحيين، الشعب الفلسيطيني".
وبحسب "بي بي سي"، تعد كنيسة القديس برفيريوس مقصد كثير من الغزاويين المسيحيين وعددهم نحو ألف شخص.
بنيت الكنيسة الأصلية في القرن الخامس، وأعاد الصليبيون بناءها في القرن الثاني عشر، تكريمًا للقديس برفيريوس أسقف غزة منذ عام 395 وحتى عام 420، وفي 1856 جددت الكنيسة، واحتفظت بأجزاء من المبنى القديم.
بطريريكية القدس، قالت إن استهداف الكنائس والمؤسسات التابعة لها بالإضافة إلى الملاجئ التي توفرها للمواطنين العزل، خاصة الأطفال والنساء ممن فقدوا منازلهم، يشكل "جريمة حرب لا يمكن تجاهلها".